بالصور.. اكتشاف أدلة تثبت أن الإنسان القرد كان يؤمن بالحياة الآخرة
04:11 م
الأحد 20 أغسطس 2023
يسعى علماء إلى حل أحد أكبر الألغاز الأثرية في العالم، يتعلق بما يسمى مجموعة “الرجال القرود”، الذين يعتقد أنهم نجحوا في إرساء ثقافة معقدة شبيهة بتلك التي طورها الإنسان العاقل، قبل جنسنا البشري بآلاف الأعوام.
البيانات التي جمعها العلماء تفيد أن ثقافة متطورة تشبه ثقافة “الإنسان القرد” المعقدة، تتضمن ممارسات ومعتقدات معينة مرتبطة عادة بالمجتمعات البشرية الحديثة، ظهرت في جنوب أفريقيا قبل 300 ألف عام.
ورغم صغر حجم جمجمتها، فإن الأنواع البشرية المنقرضة منذ فترة طويلة، أظهرت عدداً من أوجه التشابه مع البشر المعاصرين، وفقا لإندبندنت.
الأدلة التي جمعها الباحثون حتى الآن، تشير إلى أن “الرجال القرود” ذوي الأدمغة الصغيرة المعروفين باسم هومو ناليدي، ربما كانوا قادرين على القيام بعدة أمور مهمة.
الاعتقاد بوجود حياة ما بعد الموت
الاعتقاد بأن الحياة ما بعد الموت تحدث في نوع من “العالم السفلي”، يقع تحت (وليس في أو فوق) عالم الأحياء. وهذا يعني أنهم ربما طوروا مستوى من الإدراك الأولي أو المعرفة المبدئية لعلم الكونيات.
تصور فكرة دفن موتاهم جسدياً في “العالم السفلي”
تزويد قبور أفراد مجتمعهم من المتوفين بأمتعة وأدوات – مما يبدو أنه يشير إلى أنهم ربما اعتقدوا بأن الموتى سيكونون بطريقة ما قادرين على استخدامها في الحياة الآخرة.
ممارسة طقوس محتملة
ابتكار فن بدائي حول مدخل غرفة واحدة في الأقل من غرف المدافن في ذلك “العالم السفلي”.
التخطيط لنوع من أنظمة الإنارة المعقدة نسبياً (إما سلسلة متتالية من الحرائق الصغيرة، أو المشاعل، أو الاثنتين معاً) لتمكينهم من دخول “عالمهم السفلي” وأخذ موتاهم إليه.
العالم السفلي يقع في مكان عميق في باطن الأرض، داخل نظام جوفي معقد يطلق عليه اسم “كهف النجم الصاعد”، أو كهف مهد البشرية، في الجزء الشمالي الشرقي من جنوب أفريقيا. ولبلوغ الحجرة الرئيسية داخل هذا النظام، كان الأمر يتطلب القيام برحلة تحت الأرض بطول 130 متراً.
ويتركز السقف البالغ ارتفاعه 10 أمتار لحجرة الدفن الرئيسة، في مكان عميق تحت الأرض، على عمق نحو 35 متراً تحت العالم الخارجي، مع عدم وجود بديل واضح للصعود منه إلى سطح الأرض.
يقود الفريق، البروفيسور لي بيرجر قائد فريق التحقيق في “كهف النجم الساطع” وعالم الحفريات في مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” وفي “جامعة ويتواترسراند”، بالاشتراك مع محقق خبير في التطور البشري هو البروفيسور جون هوكس، ونشر الاثنان كتابا مفصلا لـ”ناشيونال جيوجرافيك” عن اكتشافاتهما بعنوان “كهف العظام”.
الجانب الأكثر إثارة للجدل لذلك النوع من البشر (إنسان ناليدي) فهو الحجم الصغير لدماغ تلك المخلوقات.
ويجري العلماء مزيدا من الفحص التفصيلي لشظايا جمجمة، عثر عليها في الكهف، من أصل بقايا 30 فرداً على الأقل هناك، ومن المحتمل اكتشاف عشرات آخرين خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
وعلى الرغم من صغر حجم دماغ ذلك المخلوق، كانت لديه فصوص أمامية متطورة جداً تشبه تلك التي لدى الإنسان، وهي المنطقة الدقيقة من الدماغ المعروفة بأنها المسؤولة عن التخطيط واللغة.
ويشير التحقيق إلى أن رفات “إنسان ناليدي” نقل عمداً إلى نظام الكهوف ودفنها عن قصد هناك، وتؤكد الأدلة التي جمعت حتى الآن، أن أعضاء أحياء من النوع نفسه، كانوا مسؤولين على الأرجح عن تلك الإجراءات.
ويبدو أن فرداً واحداً (طفلاً) من “إنسان ناليدي” دفن عن عمد ومعه أداة – يحتمل أنها وضعت في يده اليمنى.
ويجرى الآن التخطيط لإجراء مزيد من الحفريات التي قد تسفر عن اكتشاف مزيد من أدوات المراسم الجنائزية في مقابر أخرى في “العالم السفلي” لـ “إنسان ناليدي”. ومن شأن أي اكتشافات من هذا القبيل، أن تعزز فكرة أن ذلك المخلوق كان لديه مفهوم للحياة ما بعد الموت.
وتعد أهمية الاكتشاف – التي يحتمل أن تعني ضمناً أن “الرجال القرود” كانت لديهم مفاهيم دينية وربما كونية عن الحياة ما بعد الموت – ثورية إلى درجة أن كثيراً من العلماء يجدون صعوبة بالغة في تقبل هذا المفهوم. فهو يشوش إلى حد كبير الحدود المعرفية بين جنسنا البشري (الإنسان العاقل)، وأسلافنا وأجدادنا.
ومن المرجح أن يلقي البحث المستمر عن ألغاز “كهف النجم الصاعد” ضوءاً جديداً مذهلاً على الأصول البعيدة لأنظمة الفكر والمعتقدات البشرية.
وقد تؤثر النتيجة النهائية في نظرتنا إلى عصور ما قبل التاريخ التي تعود إلى ملايين عدة من الأعوام، لأنه من شبه المؤكد أن “إنسان ناليدي” لم يكن سلفاً مباشراً لنا.