تقنية

العلم يفك اللغز التاريخي.. كيف يحدث الإغماء؟


02:54 م


الخميس 02 نوفمبر 2023

سواء أكان ذلك نتيجة للحرارة، أو الجوع، أو الوقوف لفترة طويلة، أو مجرد رؤية الدم، فإن 40% من الأشخاص يصابون بالإغماء مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

لكن السبب الدقيق لفقدان الوعي القصير هذا – والذي يسميه الباحثون “الإغماء” – ظل لغزًا بالنسبة لأطباء القلب وعلماء الأعصاب لفترة طويلة.

الآن، اكتشف الباحثون مسارًا عصبيًا، يتضمن مجموعة غير مكتشفة سابقًا من الخلايا العصبية الحسية التي تربط القلب بجذع الدماغ.

تُظهر الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature، أن تنشيط هذه الخلايا العصبية جعل الفئران تصبح غير قادرة على الحركة على الفور تقريبًا بينما تظهر عليها أعراض مثل تمدد حدقة العين السريع ودورة العين الكلاسيكية التي لوحظت أثناء الإغماء البشري.

يقترح الباحثون أن هذا المسار العصبي يحمل المفتاح لفهم الإغماء، بما يتجاوز الملاحظة طويلة الأمد التي تفيد بأنه ينتج عن انخفاض تدفق الدم في الدماغ.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة فينيت أوجسطين، عالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، سان دييجو: “هناك انخفاض في تدفق الدم، ولكن في الوقت نفسه هناك دوائر مخصصة في الدماغ تتلاعب بهذا”.

ويقول كاليانام شيفكومار، طبيب القلب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: «إن دراسة هذه المسارات يمكن أن تلهم أساليب علاجية جديدة لأسباب الإغماء القلبية».

ومنذ فترة طويلة يواجه العلماء حيرة كبيرة أمام الآليات التي تتحكم في كيفية وسبب الإغماء لدى الأشخاص، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ميل الباحثين إلى التركيز على دراسة القلب أو الدماغ بشكل منفصل. لكن مؤلفي الدراسة طوروا أدوات جديدة لإظهار كيفية تفاعل هذين النظامين.

باستخدام تحليل تسلسل الحمض النووي الريبي (RNA) لخلية واحدة للعقد العقدية، وهي منطقة في العصب المبهم (الذي يربط الدماغ بعدة أعضاء، بما في ذلك القلب)، حدد الفريق مجموعة من الخلايا العصبية الحسية التي تعبر عن نوع من المستقبلات المشاركة في الانكماش. من العضلات الصغيرة داخل الأوعية الدموية مما يؤدي إلى انقباضها.

تختلف هذه الخلايا العصبية، عن الفروع الأخرى للعصب المبهم التي تتصل بالرئتين أو الأمعاء. وبدلاً من ذلك، فإنها تشكل فروعًا داخل الأجزاء العضلية السفلية من القلب، والبطينين، وتتصل بمنطقة مميزة في جذع الدماغ تسمى المنطقة اللاحقة.

باستخدام تقنية جديدة تجمع بين التصوير بالموجات فوق الصوتية عالية الدقة وعلم البصريات الوراثي – وهي طريقة للتحكم في نشاط الخلايا العصبية باستخدام الضوء – قام الباحثون بتحفيز هذه الخلايا في الفئران أثناء مراقبة معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفس وحركات العين.

سمح هذا النهج للفريق بالتلاعب بخلايا عصبية محددة وتصوير القلب في الوقت الفعلي. يقول أوجسطين: «لم يكن هذا ممكنًا من قبل، لأنك كنت بحاجة إلى معرفة هوية هذه الخلايا العصبية».

عندما تم تنشيط هذه الخلايا، أغمي على الفئران التي كانت تتحرك بحرية خلال بضع ثوان. أثناء الإغماء، أظهرت الفئران أعراضًا مشابهة للبشر أثناء الإغماء، بما في ذلك تمدد حدقة العين السريع ورجوع العينين إلى مآخذهما، بالإضافة إلى انخفاض معدل ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس وتدفق الدم إلى الدماغ.

في البشر، عادة ما يتبع الإغماء التعافي السريع، فالخلايا العصبية في الدماغ تشبه إلى حد كبير الأطفال المدللين. إنهم بحاجة إلى الأكسجين والسكر، وهم بحاجة إليهما الآن.. إنهم يتوقفون عن العمل بسرعة كبيرة إذا حرمتهم من الأكسجين أو الجلوكوز.”

تبدأ هذه الخلايا العصبية بالموت بعد حوالي 2 إلى 5 دقائق بدون الأكسجين، لكن الإغماء يستمر عادةً من 20 إلى 40 ثانية فقط. وإذا أضفت الأكسجين مرة أخرى، فسوف يستأنفون عملهم ببساطة ويفعلون ذلك بنفس السرعة.

ولفهم ما يحدث داخل الدماغ أثناء الإغماء بشكل أفضل، سجل الباحثون نشاط آلاف الخلايا العصبية من مناطق الدماغ المختلفة في الفئران باستخدام الأقطاب الكهربائية. ووجدوا أن النشاط انخفض في جميع مناطق الدماغ باستثناء منطقة واحدة محددة في منطقة ما تحت المهاد المعروفة باسم PVC.

عندما قام الباحثون بتثبيط نشاط الـPVC، تعرضت الفئران لنوبات إغماء أطول، في حين أدى تحفيزها إلى استيقاظ الحيوانات والبدء في التحرك مرة أخرى. يقترح الفريق أن الشبكة العصبية المنسقة تنظم الإغماء والتعافي السريع الذي يتبعه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى