وزير الأوقاف: الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال
06:44 م
الجمعة 15 مارس 2024
كتب- أ ش أ:
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وما كان راجحًا في عصر أو في زمن أو في بيئة قد يصبح مرجوحًا إذا تغيرت الظروف، وما كان مرجوحًا قد يصبح راجحًا، وأن الأقوال الراجحة ليست معصومة، وأن الأقوال المرجوحة ليست مهدومة شريطة أن يكون ذلك من أهل الاعتبار والنظر.
جاء ذلك خلال كلمته بافتتاح المجالس العلمية الهاشمية التي تعقد بعمَّان تحت عنوان: “الإمام النووي وجهوده العلمية وأثره في عصره وما بعد عصره”، بالمملكة الأردنية الهاشمية، اليوم الجمعة بحضور الأمير فيصل بن الحسين نائبًا عن ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عبد الله الثاني بن الحسين، ومحمد الخلايلة وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية بالأردن، وأحمد الحسنات مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية، وعبد الحافظ نهار الربطه قاضي القضاة، ومحمد سمير سفير مصر في عمَّان، ونخبة من كبار العلماء والمفكرين والمثقفين بقاعة المؤتمرات الكبرى بالعاصمة الأردنية عمان.
وقال الوزير: إن المجالس العلمية والأدبية والثقافية كانت عبر تاريخنا العربي أحد أهم عوامل تشكيل بنائنا العلمي والثقافي، بدءًا من المجالس العلمية في العصرين الأموي والعباسي، وصولاً إلى مجلسنا هذا الذي يتناول عَلَمًا من أهم أعلام الأمتين العربية والإسلامية، ذاع صيته وبلغ الآفاق، وكان شديد التفرد والتميز لا أقول في مجاله وميدانه فحسب، لأن الرجل لم يكن علمًا في فن واحد، بل كان علمًا في أكثر من علم وفن، وكان رأسًا في الفقه والحديث معًا، فضلًا عما أفاض الله به عليه من التوفيق والقبول، فعلا ذكره في الآفاق، وكتب لمصنفاته القبول والانتشار سواء في المحافل العلمية أم في الأوساط الثقافية العامة.
وأوضح أنه عندما نتحدث عن الإمام النووي فإننا نؤكد على أننا نتعامل مع التراث بنظرة موضوعية ونفرق بين الثابت والمتغير مؤكدين أن إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وأن إنزال المتغير منزلة الثابت طريق الجمود والتخلف ، وإننا ننظر لتراثنا العلمي والفقهي بعين التقدير لا التقديس ، فلا نقدس سوى المقدس ، أما الآراء والشروح فننظر فيها بعين المجتهد ، فإن توافق الرأي مع واقعنا أخذنا به وإن لم يناسب زماننا ومكاننا وواقعنا اجتهدنا لزماننا وواقعنا في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الشريف ومقاصده العامة.
وأِشار إلى أنه يأتي هذا التوافق الطيب بين وزارة الأوقاف الأردنية التي اختارت موضوع الإمام النووي لافتتاح المجالس العلمية الهاشمية ووزارة الأوقاف المصرية في العناية بمؤلفات الإمام النووي؛ حيث قامت هذا العام مجالس حديثية على يد كبار علماء الحديث في مصر لقراءة كتابه الأربعين النووية، وكتابه الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرارصلى الله عليه وسلم ، ومنح إجازة سماع وحضور لمن حضروا قراءتها وشرحها.
ولفت إلى أن الإمام النووي رحمه الله كان علمًا في الفقه والحديث معًا، وآلت إليه رئاسة المدرسة الأشرفية، وإذا ذكر الفقه الشافعي ذكر الإمام النووي، وإذا ذكر الإمام مسلم، ذكر الإمام النووي، فلم يشرح أحد صحيحه مثلما شرحه الإمام النووي وهو العمدة فيه، ومات رحمه الله في سن الرابعة والأربعين، مؤكدًا أنه ليست قيمة المرء في ما عاش ولا كم عاش، وإنما قيمته فيما قدم في حياته وترك بعد وفاته من بصمة في العلم وأثر في الحياة، فكم من أناس عاشوا لأنفسهم فجاءوا وذهبوا دون أن يشعر بهم أحد.
وقال إنه كان إلى جانب علمه زاهدًا معروفًا بزهده، يعيش على ما يرسله إليه أبواه من جراية بسيطة، لافتا إلى أن الحق سبحانه قال: “وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ”، ويقول في شأن العبد الصالح: “فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا”، مع أن سيدنا موسى عليه السلام كان يطلب العلم، إلا أنه تم تقديم الرحمة على العلم، لأن العلم إذا لم يكن رحمة لصاحبه فلا خير فيه، مشددا على أن العلم وحده دون رياضة روحية قد يُقسيِّ قلب صاحبه، وقد جمع الإمام النووي رحمه الله بين العلم والزهد.