منوعات

واحة الديمقراطية

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كثيراً ما نسمع عن واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذه الواحة – وفق مقولات أصحابها – محاطة ببحر من النظم التسلطية التي لا تعرف للديمقراطية طريقاً. ولم تقف هذه المقولة عند إقليم الشرق الأوسط بل تجاوزتها إلى المركز الأوروبي وإلى الولايات المتحدة الأمريكية وكل الدول التي تُحسب على ” الغرب” فكرياً وحضارياً.

وقد أرادت ” واحة الديمقراطية ” في الشرق الأوسط أن نصادق على هذا الواقع المزعوم من جانبها وأن نستسلم له أو نتعامى عنه. كما أنه ممنوع علينا أن نقفز فوق هذا الواقع أو أن نتساءل عما إذا كان متحققاً في الواقع أم لا!
لقد أثبتت الستة أشهر الأخيرة أن واحة الديمقراطية ” ليست ديمقراطية”، وأنها ضربت بفكرة الديمقراطية عرض الحائط عندما سمحت بتوغل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية في ظل حكومة تعتمد فكراً دينياً واحداً لا يسمح ولا يسمع إلا صوته فقط.
لقد أثبت المجتمع الإسرائيلي طوال الستة أشهر الماضية أنه لا يعيش في واحة ديمقراطية وأنه يعيش تهديداً حقيقياً لحرياته.
ولنا الحق في أن نتساءل كيف توجد واحة للديمقراطية في ظل غياب الحرية والإنسانية! فالحرية كتعبير عن الإنسانية ركيزة أي حكم ديمقراطي. كما أن الليبرالية لا تعني حرية غير مسئولة، أو التعدي على حقوق الاخرين سواء كان هذا الآخر شعباً حراً أو شعباً خاضعاً للاحتلال.

إن الليبرالية تؤمن بالتنوع وتؤمن على المستوى السياسي بحرية القول والفكر والعمل السياسي والتحرر الوطني. فكيف تمكنت “واحة الديمقراطية” من فصل الليبرالية عن الديمقراطية!

نحن نعتبر أيضاً شهود حقيقية وليس فقط المجتمع الإسرائيلي. وإذا كان المجتمع الإسرائيلي مطالب من سلطته الحاكمة بأن تختم سياساتها وادعاءاتها على عقولهم وأسماعهم وأبصارهم، فنحن كمجتمعات عربية لسنا مطالبين بتصديق تلك الأكذوبة.
إن ما يمكن أن نصدقه في اللحظة الراهنة هو أن السلام – بالنسبة لواحة الديمقراطية- لم يكن إلا لخدمة أغراض آنية ومصالح راهنة، وأن القائمين عليها لا يؤمنون بالسلام العادل الشامل الدائم، لأن الأخير قد يعطل مشروعهم الكبير.
إن واحة الديمقراطية مطالبة الآن أمام المجتمع الدولي بأن تثبت أنها ديمقراطية بالفعل وليس بالقول، وبأنها تطبق ديمقراطيتها على أرض الواقع باحترام ما وقعت عليه من اتفاقيات ومواثيق إقليمية ودولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى