منوعات

وإلا .. فالسلاحان جاهزان

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ذهب الفلسطينيون إلى الجمعية العامة لمنظمة المتحدة يوم الجمعة ١٠ مايو، لعل المنظمة تسعفهم فتوصي بمنحهم العضوية الكاملة فيها.. وقد صوتت ١٤٣ دولة من أصل ١٩٣ دولة هي مجمل عدد دول العالم، واعترضت تسع دول، وامتنعت ٢٥ دولة عن التصويت الذي جرى على التوصية بأن يعيد مجلس الأمن النظر في مسألة منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة .

كانت المنظمة استبقت اجتماع الجمعية العامة فقالت إنها ستمنح الفلسطينيين مزايا إضافية لم يحصلوا عليها من قبل، وكان المعنى أن حكاية العضوية الكاملة مستبعدة، وأن المزايا ليست سوى بديل لها .

وفي يوم ١٨ أبريل كان مجلس الأمن قد انعقد لمناقشة مسألة العضوية الكاملة، ولكنه ما كاد يبدأ في التصويت على المسألة حتى كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد سارعت الى استخدام حق الڤيتو الشهير فأفسدت التصويت .

كانت واشنطون هي الوحيدة التي اعترضت، وكانت روسيا قد امتنعت عن التصويت، وكانت سويسرا قد فعلت الشيء نفسه، ولكن ما يميز روسيا عن سويسرا أن الروس أصحاب عضوية دائمة في المجلس، ويملكون بالتالي سلاح الڤيتو مثلهم مثل الأمريكان، ومعهم الفرنسيون والبريطانيون والصينيون، بينما السويسريون أصحاب عضوية غير دائمة لا تزيد مدتها عن عامين .

وعندما رفع الأمريكيون سلاح الڤيتو في هذه المرة، كانت هي المرة رقم ٤٧ التي يرفعونه فيها لصالح الإسرائيليين، فكأنهم لا همّ لهم إلا استخدامه في كل مرة تكون فيها قضية اسرائيلية معروضة على المجلس، وكأن أمريكا تنتصر لإسرائيل ظالمة أو مظلومة.. هذا بالطبع إذا كانت تل أبيب قد جاء عليها يوم كانت فيه مظلومة .

ولكن أغرب ما في الموضوع كله، أن جلعاد أردان، سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، قال قبل الدعوة لجلسة الجمعية العامة إنها إذا صوتت على منح الفلسطينيين عضوية كاملة، فإن الولايات المتحدة سوف توقف تمويلها للمنظمة .

وهذا تهديد خطير للغاية، وربما كان هو الذي جعل الجمعية العامة تتبنى منح الفلسطينيين مزايا، وتبتعد عن قضية العضوية الكاملة، لأن وقف تمويل أمريكا للمنظمة معناه عجزها عن أي حركة، ومعناه أن يتوقف نشاطها كله حول العالم.. صحيح أن تمويل الأمم المتحدة تشارك فيه غالبية الدول، ولكن التمويل الأمريكي هو الأكبر، وهو الذي إذا توقف أو تباطأ أصاب الشلل أنشطة المنظمة على اكثر من مستوى .

وليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها واشنطون هذا السلاح، فمن قبل استخدمته في منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية الشهيرة باليونسكو، ولكنها المرة الأولى التي تستخدمه مع المنظمة الأم، لا مع منظمة فرعية من بين منظماتها المنتشرة في أكثر من عاصمة.. وعندما استخدمته ضد اليونسكو كانت اسرائيل هي السبب أيضاً، وكانت اليونسكو تفقد القدرة على الحركة من مقرها في باريس بسبب عجز التمويل .

ما يحزن في الأمر أن تتعامل الولايات المتحدة مع اليونسكو في السابق، ثم مع المنظمة الأم في الحاضر، وكأنهما منظمتان أمريكيتان، أو كأن كل هذه العضويات فيهما لا معنى لها ولا قيمة، أو كأن عليهما ألا تخرجا عن الطوع الأمريكي، وإلا، فالسلاحان جاهزان، ولا فرق في النهاية بين سلاح الڤيتو وسلاح التمويل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى