كتب – محمد طه:
أثار قرار إدانة دونالد ترامب جنائيًا في القضية المعروفة بـ”شراء الصمت”، تساؤلات عديدة حول ما ينتظر الرئيس الأمريكي السابق في الأيام المقبلة، وفرص تمكنه من الوصول إلى المنافسة في انتخابات الرئاسة، وهل بات قريبًا من السجن أم كما يقول معقبًا على قرار المحكمة التي عقدت أمس الخميس في نيويورك: لم ينته الأمر بعد.
ماذا ينتظر ترامب؟
أدين ترامب، الخميس، بـ 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية في محاولة لإخفاء مدفوعات مالية سرية قُدمت لنجمة إباحية لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
وفق شبكة “CNBC”، فإن القضية التي أعلنت هيئة المحلفين قرارًا بشأنها اليوم ستنتقل إلى مرحلة إصدار الحكم التي يسيطر عليها قاضي حُكم أمس خوان ميرشان.
اقرأ أيضًا: حملة بايدن: ترامب ظن خطأ أنه فوق القانون
وقد حدد ميرشان موعد الحكم على دونالد ترامب في الساعة 10 صباح يوم 11 يوليو المقبل (بالتوقيت المحلي). وأمر الأطراف بتقديم طلباتهم بحلول 13 يونيو، حيث من المتوقع أن يقدم طرفا هذه القضية مذكرات الحكم التي تتضمن حجج كل جانب بشأن العقوبة المفضلة، بالإضافة إلى ملفات المحكمة الأخرى.
ومن المرجح أن يجلس ترامب لإجراء مقابلة مع ضابط مراقبة السلوك للحصول على تقرير ما قبل الحكم، الذي سيتضمن أسئلة حول تاريخه الشخصي وسجله الجنائي. وسيتم دمج الردود في تقرير ما قبل الحكم للقاضي، والذي يشمل توصيات الحكم للنظر فيها.
ووفق الشبكة الإخبارية الأمريكية، فإن محاميي ترامب قد يحاولون تأجيل موعد الحكم عليه إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر، لكن من غير المرجح أن يمنح ميرشان مثل هذا التأجيل دون سبب وجيه، كما صرح محامي الدفاع في مدينة نيويورك مايكل باخنر.
ما هي القيود التالية على حرية ترامب؟
تقول “CNBC” إنه طوال هذه المدة وحتى النطق بالحكم سيكون ترامب حرًا في التحدث إلى الصحافة والسفر ومواصلة حملته الرئاسية. كما أنه لن يكون ملزمًا بأمر حظر النشر الذي منعه من التصريح بشأن الشهود والمحلفين وأفراد عائلة القاضي، إذ أن حكم إدانته الصادر أمس الخميس لن يجعله “مجرمًا مدانًا”، ولن تكون هذه التسمية دقيقة إلا بعد الحكم عليه في يوليو.
ما هي العقوبات المحتملة ضد ترامب؟
التهم الموجهة إلى ترامب هي جنايات من الدرجة E، وهي الفئة الأقل خطورة بموجب قانون نيويورك. وتصل عقوبة كل تهمة إلى السجن لمدة أقصاها أربع سنوات. كما يمكن أن تشمل عقوبته غرامات وتعويضات أو مراقبة وشروطًا أخرى.
ومع ذلك، فإن عقوبة السجن ليست مستبعدة عن الرئيس الأمريكي السابق. تقول “CNBC” إن القاضي ميرشان يتمتع بسلطة تقديرية واسعة تُمكنه من تحديد عقوبة ترامب، وأنه وفق لخبرته تلك يمكن أن يأخذ في الاعتبار عدة عوامل في قراره النهائي، منها:
أحد أهم هذه العوامل التي تتحكم في القرار الأخير ضد الرئيس السابق عمر ترامب البالغ 77 عامًا وعدم وجود سجل جنائي سابق باسمه. وإن كان سلوك ترامب المهاجم لهيئة المحكمة والمحلفين خلال محاكمته يمكن أن يكون أيضًا عاملًا في قرار ميرشان النهائي، وفق ما تذكره الشبكة الإخبارية الأمريكية.
هل سيُعاقب ترامب بالسجن؟
وهاجم ترامب القاضي علنًا واتهمه بالتحيز السياسي طوال المحاكمة. كما اتهم القاضي ترامب بمحاولة “ترهيب” المحكمة، مما أدى إلى توسيع أمر حظر النشر الذي انتهكه ترامب لاحقًا 10 مرات.
ويميل الخبراء إلى الاعتقاد بأنه من غير المرجح أن يواجه ترامب عقوبة السجن نتيجة لحكم “شراء الصامت”. وقد أوضح القاضي ميرشان طوال المحاكمة أنه يدرك الوضع السياسي الفريد لترامب، كما أعرب سابقًا عن تردده في وضع الرئيس السابق خلف القضبان.
كما أنه بعد احتجاز ترامب بتهمة الازدراء في 6 مايو لانتهاكه أمر حظر النشر مرارًا وتكرارًا، قال ميرشان إن معاقبته بالسجن كان “آخر شيء أريد القيام به”. وأضاف متحدثًا لترامب حينها: “أنت الرئيس السابق للولايات المتحدة، وربما الرئيس القادم أيضًا”، مضيفًا أنه قلق بشأن كل من الخدمات اللوجستية “والآثار الأوسع” لسجنه.
ماذا عن استمرار ترامب في الانتخابات؟
تجيب عن هذا التساؤل “CBS News”، فتذكر أن الدستور الأمريكي لا يحظر على الراغبين الترشح للرئاسة حتى لو أدينوا بارتكاب جريمة. وقد سبق ترامب في هذه الحالة، مرشح الحزب الاشتراكي يوجين ف. دبس، الذ تقدم لانتخابات الرئاسة في عام 1920 من سجن فيدرالي في أتلانتا.
كيف يمكن لترامب استكمال حملته؟
تقول “CBS News” إن ترامب بالتأكيد سيستأنف القرار الخاص بقضية “شراء الصمت” الذي أصدرته هيئة المحلفين الخميس، ومن المرجح أن يكون قادرًا على العودة إلى مسار الحملة الانتخابية مع سير العملية. بينما سيأتي التطور التالي في القضية عند النطق بالحكم، المقرر في 11 يوليو.
في دراسة استقصائية حديثة لعشرات القضايا التي رفعها مكتب المدعي العام لمنطقة مانهاتن، وكان فيها تزوير السجلات التجارية أخطر تهمة في الاستدعاء، وجد المحامي والمؤلف نورم أيسن أن واحدة تقريبًا من كل 10 من تلك القضايا أدت إلى عقوبة السجن.
ولذلك، فإن تأثير الإدانة على قدرة ترامب في حملته الانتخابية يتوقف إلى حد كبير على العقوبة التي يصدرها ميرشان في نهاية المطاف، ومتى سيقضيها ترامب. وحتى إذا أصدر القاضي حكمًا ضد ترامب بقضاء بعض الوقت خلف القضبان، فقد يتم تأجيل الحكم حتى ينتهي استئنافه.
كيف خدمت الإدانة ترامب؟
تقول “CBS News” إن التأثير الأكثر احتمالًا للإدانة سيكون فيما يشمل أرقام استطلاعات ترامب ومدى دعمه. “حتى لو تمت الإدانة، أعتقد أنه حكم لن يؤثر إطلاقًا، وعلى العكس قد يؤدي إلى ارتفاع الأرقام، لكننا لا نريد ذلك. نريد أن يكون لدينا حكم عادل”؛ قال ترامب للشبكة الأمريكية في مقابلة في وقت سابق من هذا الشهر.
بحكم أو دون هو أقرب للانتخابات
كان دعم ترامب بين قاعدته الجمهورية مرنًا بشكل ملحوظ في مواجهة قضاياه الجنائية المختلفة. في الأشهر التي أعقبت اتهاماته الأربع العام الماضي، حافظ ترامب على تقدمه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وحصل على الترشيح على الرغم من عشرات التهم الجنائية التي واجهها.
وقال العديد من مؤيدي ترامب، وفق ما تنقله شبكة “CBS News”، إن الإدانة بالذنب لن تغير طريقة تصويتهم في نوفمبر، متبنين مظالم الرئيس السابق على أنها مظالمهم.
ومع ذلك، وجد استطلاع حديث للرأي أجرته شبكة “CBS News” أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن ترامب مذنبًا “بالتأكيد أو على الأرجح” بالتهم التي واجهها في نيويورك. وكانت الغالبية العظمى من الديمقراطيين – 93% – يعتقدون أن ترامب مذنب، بينما قال 78% من الجمهوريين إنه ليس مذنبًا. وانقسم المستقلون، حيث اعتقد 53% أنه مذنب وقال 47% إنه لم يكن مذنبًا.
وكانت الآراء حول ما إذا كان ترامب مذنبًا أم لا حزبية للغاية؛ وفقا لكبير خانا نائب مدير الانتخابات وتحليل البيانات في CBS News، الذي أضاف أن معظم الناس الذين اعتقدوا أن ترامب مذنبًا اعتقدوا أيضًا أن هيئة المحلفين ستدينه، والعكس صحيح.
وقد استغل ترامب المحاكمة لطلب وتعزيز جمع التبرعات، ومن المرجح أن يتطلع إلى الاستفادة من الإدانة. وشهدت حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تدفقًا للتبرعات بعد بدء اختيار هيئة المحلفين، حيث جمع الكيانان 76 مليون دولار في أبريل. وكان لدى حملته حوالي 50 مليون دولار نقدًا في بداية شهر مايو بينما كان يستعد للعودة إلى مسار الحملة بعد المحاكمة.
قضايا ترامب الجنائية الأخرى
قضية نيويورك هي الوحيدة من بين أربع محاكمات جنائية لترامب تصل إلى نتيجة قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم في الخريف، مما يعطي حكم الإدانة وزنًا إضافيًا. ففي واشنطن العاصمة، يواجه ترامب اتهامات تتعلق بأفعاله للبقاء في السلطة بعد انتخابات 2016. وقد جادل ترامب بأنه يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية، وتدرس المحكمة العليا حاليا ادعائه.
واستمعت المحكمة العليا إلى الحجج في نزاع الحصانة في 26 أبريل. ومن المتوقع أن تصدر قرارًا بشأن هذه المسألة قبل نهاية فترة ولاية المحكمة، على الأرجح في يونيو.
وفي فلوريدا، يواجه ترامب اتهامات فيدرالية ناجمة عن احتفاظه بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض. وأرجأت القاضية أيلين كانون، التي عينها ترامب، المحاكمة إلى أجل غير مسمى.
وقضت المحكمة في أوائل مايو بأن اختيار موعد للمحاكمة سيكون “غير حكيم وغير متسق مع واجب المحكمة في النظر بشكل كامل وعادل” في العديد من الطلبات التمهيدية التي لم يتم حلها. وتشمل هذه الاقتراحات جهود ترامب لرفض القضية تمامًا، فضلا عن القضايا المتعلقة بالمعلومات السرية التي يمكن الكشف عنها في المحاكمة.
وفي القضية الثالثة التي لا تزال معلقة، يواجه ترامب اتهامات حكومية تتعلق بانتخابات 2020 في مقاطعة فولتون ، جورجيا. كما أن المحاكمة في هذه المسألة معلقة أيضا حيث يسعى ترامب إلى إزالة المدعي العام للمقاطعة فاني ويليس من القضية. ووافقت محكمة الاستئناف في جورجيا مؤخرا على استئناف ترامب لقرار سمح لها بالبقاء، مما أدى إلى توقف المحاكمة مؤقتا.
وقد تكون قضيتا ترامب الفيدراليتان في أيدي الناخبين إلى حد كبير إذا لم يتم حلهما بحلول نوفمبر، وهي حقيقة تزيد من حصته الشخصية في النتيجة. إذا فاز وعاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025 ، فقد يأمر ترامب وزارة العدل بالسعي لإسقاط التهم تمامًا.
وقد دفع ترامب ببراءته في جميع القضايا الجنائية المرفوعة ضده.
