منوعات

هل يسجل سعر الدولار 40 جنيها أو أعلى في الفترة المقبلة؟ مصرفيون يجيبون

كتبت- منال المصري:

استبعد مصرفيون حدوث ما تتوقعه مؤسسات وبنوك عالمية بوصول سعر الدولار في البنوك العاملة في مصر رسميا إلى ما بين 40 و50 جنيها خلال العام الجاري.

كان عدد من البنوك والمؤسسات التمويل العالمية رجح وصول سعر الدولار بين 40 جنيها إلى 50 جنيها رسميا في البنوك خلال العام الجاري تحت ضغوط نقص تدفقات النقد الأجنبي على مصر، ومطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة بالالتزام بسعر صرف مرن للجنيه حسب تعهداتها.

وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في زيادة الضغوط على العملة المحلية وحدوث أزمة نقص في العملات الأجنبية في مصر بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضي، وفق ما قاله وزير المالية محمد معيط في وقت سابق، وأكده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.

وأدى انخفاض صرف الجنيه خلال 3 موجات في آخر 14 شهرا ونصف إلى ارتفاع سعر الدولار بنحو 96% من 15.76 جنيه في 20 مارس 2022 إلى 30.94 جنيه بنهاية تعاملات البنوك اليوم، وذلك بعد عودة مصر إلى اتباع سعر صرف مرن (تعويم الجنيه) للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي والذي يشترط كروشتة لأي دولة قبل التوقيع معها على اتباع سعر صرف حر للعملة.

لكن سعر الدولار ظل في الأسابيع الأخيرة مستقرا في البنوك دون أي تحرك ولو طفيف وهو ما دفع البعض لوصف ما يحدث أنه تأخر في الالتزام نظام سعر الصرف المرن.

توقعات بنوك عالمية

رجح بنك كريدي سويس، في ورقة بحثية اطلع مصراوي على نسخة منها تحت عنوان (استراتيجية مصر) قبل نهاية الشهر الماضي، أن يشهد الجنيه خفضا جديدا خلال الـ 3 شهور المقبلة إلى مستوى بين 45 و50 جنيها قبل أن يتعافى بنسبة 25% و30% على مدار الـ 12 شهرا القادمة من هذا المستوى.

وأرجع توقعاته إلى بطء تنفيذ الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، وهي سعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار، وجدية الدولة في التخارج من الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص.

وتوقع بنك إتش إس بي سي أن يصل متوسط سعر الدولار خلال العام إلى 37.5 جنيه، وأن يتراوح سعر الدولار بين 35 و40 جنيهًا، في تقرير صادر قبل شهرين، بسبب بطء عمليات تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص وتقييد سعر صرف الجنيه.

مستويات مستبعدة

استبعد محمد عبد العال، الخبير المصرفي، تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القادمة عن المستويات الحالية في البنوك بسبب الأضرار التي قد تلحق بالاقتصاد إثر حدوث خفض جديد.

وأوضح عبد العال، لمصراوي، أن تراجع سعر الصرف مع عدم وجود تدفقات من النقد الأجنبي سيؤدي إلى زيادة تكلفة أسعار السلع الغذائية الأساسية والأدوية والأعلاف التي تدبرها البنوك بسعر الدولار الحالي 30.95 جنيه ولذلك أي زيادة عن هذا السعر سينعكس على ارتفاع الأسعار أكثر والمزيد من التضخم.

وبحسب عبد العال، فإنه ليس هناك فائدة كبيرة تذكر من خفض الجنيه مقابل الدولار في الوقت الحالي مع وجود حجم صادرات منخفض مقارنة بحجم استيراد أعلى، وكذلك قطاع السياحة لا ترتبط تنمية مصادره بخفض الجنيه فقط خاصة كونه قطاعا غير مرن، كما أن تنفيذ الحكومة لبرنامج الطروحات قد يشهد تباطواً بسبب الركود العالمي، فلذلك خفض الجنيه سيكون له أضرار جسيمة وفوائد شبه منعدمة.

كانت الحكومة أعلنت في فبراير الماضي برنامجا لبيع أصول مملوكة للدولة في 32 شركة وأصلا لصالح القطاع الخاص تتضمن بنوك وشركات ناجحة بهدف جذب موارد دولارية لسد الفجوة التمويلية من الدولار، وتوقعت جذب ملياري دولار قبل نهاية يونيو الجاري من حصيلة بيع بعض الحصص في هذه الشركات.

وقال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إنه من الصعب التنبؤ بتحركات سعر الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القادمة، لكنها تخضع لآليات العرض والطلب المتمثلة في حجم الالتزامات المطلوبة من مصر خلال العام الجاري من سداد خدمة الدين (أقساط وفوائد قروض) وحجم التدفقات.

وأضاف أنه في حال دخول تدفقات دولارية خلال العام الجاري من عملية بيع أصول لمستثمرين خليجيين قد ينعكس إيجابيا على قيمة الجنيه، وينعكس على تراجع سعر الدولار في السوق الموازية لتجارة العملة.

وقال محمود نجلة: “نرى حاليا بعض السلع الكمالية مثل السيارات يتم تسعيرها على سعر الدولار في السوق السوداء، وذلك لتمويل احتياجات التجار من خلالها وهو ما يجعل الأسعار مرتبطة بهذا السعر”.

ورجحت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، عدم تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة الحالية في ظل تعافي قطاع السياحة، وموارد قناة السويس، والصادرات المصرية.

وأوضحت أنه في حال نجاح الحكومة في بيع أصول بملياري دولار، وكذلك طرح سندات باندا في السوق الصيني خلال شهر يونيو الجاري سيساهم ذلك في استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.

مصير السوق السوداء

حذرت مؤسسات وبنوك عالمية من استمرار عمل السوق السوداء لتجارة العملة على تراجع بيئة الاستثمار وتضرر موارد الدولة الرسمية من النقد الأجنبي مثل تحويلات المصريين العاملين في الخارج وبيئة الاستثمار.

وقال محمد عبد العال، لمصراوي، إن أي ارتفاع في سعر الدولار مقابل الجنيه بالبنوك رسميا سيؤدي إلى وجود مضاربات أكثر على الدولار في السوق السوداء، كما سيزيد من عبء عجز الموازنة وزيادة تكلفة فاتورة الاستيراد، وارتفاع حجم الدين الخارجي وضعف الملاءة المالية للدولة، ولذلك يفضل استمرار السعر الحالي للدولار في البنوك.

ويتداول الدولار مقابل الجنيه في السوق غير الرسمية لتجارة العملة (السوق السوداء) عند مستوى بين 40 جنيها و40.5 جنيه منذ بداية الأسبوع الجاري بسبب استمرار تراجع حصيلة النقد الأجنبي في البنوك وزيادة حجم الطلبات.

وقال بنك ستاندرد تشارترد، في تقرير له بعنوان (مصر الساعة تدق)، نشره مصراوي الشهر الماضي، إن ارتفاع قيمة الدولار إلى نحو 38 جنيها (كما يتداول في السوق الموازية) من شأنه أن يدفع الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لفوق 100% بحلول نهاية يونيو 2023.

كانت الديون الخارجية على مصر ارتفعت بنسبة 5.2% خلال الربع الأخير من العام الماضي لتصل إلى 162.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر مقابل 154.9 مليار دولار في سبتمبر، وذلك بحسب بيانات صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

وتوقع عبد العال استمرار نفس المستوى الذي استقر عليه سعر الدولار في البنوك حاليا عند مستوى 30.94 جنيه لتدبير احتياجات استيراد السلع الأساسية من النقد الأجنبي بنفس مستويات الأسعار، بينما يتركز عمل السوق السوداء للعملة على تدبيرها لتوفير السلع الترفيهية مثل السيارات والذهب والأجهزة الكهربائية وخلافه.

وبدأ بعض التجار تقييم منتجاتهم على سعر السوق السوداء للدولار بعد عدم وفرته في البنوك، وتخطيه 41 جنيها في العقود الآجلة لأجل 12 شهرا.

كان جولدمان ساكس إنترناشيونال- أحد أكبر المصارف الأمريكية- رصد في تقرير له، قبل شهرين عواقب سلبية لاستمرار السوق السوداء للدولار على استدامة الاقتصاد المصري، منها زيادة التشوهات ومخاطر اقتصاد غير مستدام وتراجع الاستثمار المحلي والأجنبي.

اقرأ أيضا:

تقرير: 5 عواقب لاستمرار السوق السوداء للدولار على اقتصاد مصر

تقرير يكشف ماذا سيحدث لديون مصر إذا سجل الدولار 38 جنيها قبل آخر يونيو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى