نشر المزيد من الشرطة في مرسيليا وليون مع تزايد المخاوف من استمرار أعمال الشغب
باريس – (بي بي سي)
تم إرسال المزيد من قوات الشرطة إلى مدينتي مرسيليا وليون الفرنسيتين مع تزايد المخاوف من ليلة خامسة من أعمال الشغب احتجاجا على قتل مراهق برصاص الشرطة.
وأقيمت جنازة نائل البالغ من العمر 17 عاما ذي الأصل الجزائري، في نانتير، والذي قتلته الشرطة يوم الثلاثاء بعد أن رفض التوقف عند فحص الطريق.
وكان من المقرر نقل جثة الفتى إلى مقبرة محلية. وطلب أصدقاء الأسرة من وسائل الإعلام أن تبتعد.
هناك مخاوف من اندلاع مزيد من الاضطرابات بعد الدفن، سواء في نانتير أو في أنحاء أخرى من البلاد. وتم إرسال المزيد من قوات الشرطة إلى مرسيليا بعد أعمال شغب ونهب خطيرة هناك الليلة الماضية.
وتضرر أكثر من 230 مبنى في جميع أنحاء فرنسا، بما في ذلك مراكز الشرطة الليلة الماضية ودمرت 1300 مركبة.
وتحذر نقابات الشرطة من أن أعضاءها مرهقون بعد أربع ليال متتالية من العمل، ويقولون إن مخزون الذخائر مثل الغاز المسيل للدموع ينفد.
وتم فرض حظر تجول في بعض الأحياء في مدينة ليل للقاصرين الذين لا يرافقهم شخص بالغ.
وتم اعتقال 82 شخصا في المنطقة.
وقد أجل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة كان ينوي القيام بها إلى ألمانيا بسبب تداعيات الاحتجاجات التي اندلعت في عدة مدن فرنسية.
وأعلن الرئيس ماكرون أن “القرار قد اتخذ لإلغاء العديد من المناسبات الاحتفالية والتجمعات في المناطق الأكثر حساسية”.
في هذه الأثناء دعا عمدة ليون إلى تعزيزات إضافية للشرطة في الليل.
وتم اعتقال 1300 شخص في أنحاء فرنسا في ليلة رابعة من أعمال الشغب التي شهدت أعمال تخريب ونهب واسعة النطاق.
وقد ألغت السلطات “مهرجان الفخر” الذي ينظمه المثليون في مدينة مرسيليا.
وألغيت أيضا حفلات المغنية الفرنسية ميل إرمن فارمر ليومي الجمعة والسبت في إحدى ضواحي باريس الشمالية، على الرغم من أن الكثيرين خيموا لعدة ايام أمام الاستاد الذي كانت ستقام فيه الحفلة لضمان الحصول على أفضل مكان.
كذلك كانت سلسلة متاجر “فناك” الفرنسية تستعد لليلة الأخيرة من مهرجان “فناك لايف باريس” ولكن تم إلغاؤه.
ودعت المناطق التعليمية في فرساي وباريس وكرمتيل مدراء المدارس إلى تأجيل أو إلغاء الاحتفالات المدرسية المخطط لها في نهاية العام.
وكانت أعمال شغب قد هزت مدنا فرنسية لليلة الرابعة على التوالي، حيث نشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة لمواجهة الاضطرابات، التي أثارها مقتل نائل.
وقالت وزارة الداخلية يوم السبت على حسابها على تويتر: “العنف الذي وقع خلال الليل كان أقل حدة مقارنة بالليلة السابقة”.
وتم إحراق العديد من المباني والمركبات ونهب متاجر في الاضطرابات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدن مثل مرسيليا، وليون، وتولوز، وستراسبورغ، وليل.
كما تواصلت الاحتجاجات في باريس حيث قُتل نائل ، البالغ من العمر 17 عاما وهو من أصل جزائري ومغربي، بالرصاص خلال نقطة تفتيش مرورية يوم الثلاثاء الماضي، في ضاحية نانتير بالعاصمة الفرنسية.
وقالت مصادر لوكالة رويترز للأنباء إن جنازته ستقام في وقت لاحق يوم السبت.
“تمييز عنصري”
وقد طلبت الأمم المتحدة الجمعة من فرنسا معالجة ما وصفتها بمشاكل التمييز العنصري في صفوف قوات الأمن لديها.
ورفضت الحكومة الفرنسية الاتهامات الموجهة من الأمم المتحدة بوجود العنصرية في أوساط الشرطة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن “أي اتهام بالعنصرية أو التمييز الممنهج في أوساط الشرطة في فرنسا هو اتهام لا أساس له من الصحة”.
وشملت اعتقالات ليل الجمعة/السبت 80 شخصا في مدينة مرسيليا جنوبي البلاد، ثاني أكبر مدينة في فرنسا وتضم العديد من الأشخاص المنحدرين من أصول شمال أفريقية.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارا هز منطقة الميناء القديم في مرسيليا. وقالت سلطات المدينة إنها تحقق في السبب، لكنها لا تعتقد أن هناك أي إصابات.
وقالت الشرطة إن مثيري الشغب في وسط مرسيليا نهبوا متجرا للأسلحة النارية، وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة.
وأضاف أن شخصا اعتقل ومعه بندقية على الأرجح من المتجر، الذي يقبع الآن تحت حراسة الشرطة.
تعزيز القوات
ودعا عمدة مرسيليا، بينوا بايان، الحكومة الفرنسية إلى إرسال قوات إضافية على الفور.
وقال في تغريدة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة: “مشاهد النهب والعنف غير مقبولة”.
وأصيب ثلاثة من ضباط الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح السبت. وحلقت مروحية تابعة للشرطة في سماء المنطقة.
وفي ليون، ثالث أكبر مدينة في فرنسا، نشرت شرطة الدرك ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر.
وكان وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، قد طلب من السلطات المحلية وقف سير الحافلات والترام، وكتب لرجال الإطفاء وضباط الشرطة يقول إنه “يمكنه الاعتماد عليهم”.
وردا على سؤال في برنامج إخباري تلفزيوني عن احتمال إعلان الحكومة حالة الطوارئ، قال دارمانان: “بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية”.
وقال دارمانان إن أكثر من 200 من أفراد الشرطة أصيبوا منذ اندلاع الاضطرابات واعتقل المئات من مثيري الشغب، مضيفا أن متوسط أعمارهم 17 عاما.
وأصدر لاعبو المنتخب الفرنسي لكرة القدم بيانا نادرا دعوا فيه إلى الهدوء. وقالوا في بيان نُشر على حساب النجم كيليان مبابي على إنستغرام: “يجب أن يتوقف العنف لإفساح المجال للحزن والحوار وإعادة الإعمار”.
ونهب اللصوص عشرات المتاجر واضرموا النار في نحو 2000 سيارة، منذ بدء أعمال الشغب.
اجتماع طارئ
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهم، يوم الجمعة، منفذي أعمال الشغب باستغلال مقتل الفتى المراهق برصاص الشرطة من أجل خلق حالة من الفوضى.
ورأس ماكرون اجتماعاً طارئاً للحكومة الفرنسية، بعد ليلة ثالثة من أعمال الشغب.
ودعا ماكرون “الأهل إلى التحلي بالمسؤولية”. وقال “من الواضح أن الوضع الذي نعيشه، كما نرى، هو نتيجة جماعات منظمة وعنيفة ومجهزة في بعض الأحيان، ونحن ندينها ونوقفها وستُقدم للعدالة، ولكن، هناك أيضا عدد كبير من الشباب. ثلث المعتقلين في الليلة الماضية هم من الشباب، وبعضهم صغار جدا”.
وتابع: “تقع على عاتق الوالدين مسؤولية إبقائهم في المنزل …. الجمهورية ليست مكلفة أن تحل محلهم”.
كما قال إنه يتوقع من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية أن تتحلى “بروح المسؤولية”، مشيرا على وجه الخصوص إلى سناب شات وتيك توك حيث تُنظم “تجمعات عنيفة … تبعث على نوع من محاكاة العنف، ما يؤدي إلى قيام الأصغر سناً بالتصرف بعيداً عن الواقع”.
والتقى وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بممثلين من شركات التواصل الاجتماعي – ميتا المالكة لفيسبوك، تويتر، سناب شات، وتيك توك.
وقالت شركة سناب شات إنها لا تتسامح مطلقا مع المحتوى الذي يروج للعنف.
ويقبع رجل الشرطة، الذي يقول المدعون إنه أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على المراهق، الآن قيد الحجز الوقائي، ويخضع للتحقيق الرسمي بتهمة القتل العمد، وهو ما يعادل توجيه اتهام له بموجب النظام القضائي الأنجلو سكسوني.
وقال محاميه، لوران فرانك لينارد، إن موكله حين أطلق الرصاص استهدف ساق المراهق نائل، لكن السيارة رطمته حين أقلع بها الفتي، ما تسبب في اختلال السلاح في يده وإطلاق النار باتجاه صدر نائل وليس ساقه.
وقال لينارد في لقاء تلفزيوني: “من الواضح أن (الضابط) لم يرغب في قتل السائق (نائل)”.
وأعادت هذه الاضطرابات ذكريات ثلاثة أسابيع من أعمال الشغب، التي اندلعت في جميع أنحاء فرنسا في عام 2005، والتي أجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة شابين صعقا بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.