كيف تستطيع مصر ضرب السوق السوداء للدولار في مقتل؟.. مصرفيون يجيبون
07:25 م
الأربعاء 05 يوليه 2023
كتبت- منال المصري:
قال مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، إن القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة (والتي تشهد بيع وشراء العملة بالسعر غير الرسمي) لن يصبح واقعا قبل تجفيف منابعها ومصادر تمويلها، وقدرة البنوك على توفير الدولار للعملاء.
وبحسب مراقبين تحدث إليهم مصراوي، يتداول سعر الدولار في السوق السوداء بزيادة تصل إلى 8 جنيهات عن سعر البنوك والصرافات ليسجل 38 و39 جنيها مقابل 30.95 جنيه السعر الرسمي في الجهاز المصرفي.
وجاء انتشار السوق غير الرسمية لبيع وشراء الدولار بعد عجز البنوك والصرافات عن تدبير العملة لكافة العملاء تأثرا بتراجع حجم المعروض وزيادة الطلب.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير الماضي في خروج استثمارات غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار بما أدى إلى تحول صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي بالسالب.
هيمنة السوق السوداء
قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة لن يتم إلا بعد تجفيف منابعها التي تتغذى عليها وتراجع الطلب عليها.
وأوضح عبد العال أن الجهات الأمنية قامت بدور كبير خلال الفترة الأخيرة في ضبط بعض المتلاعبين في العملة لكن القضاء عليها تماما يحتاج إلى حزمة من القرارات لتحجيمها والتخلص منها.
وقال محمد بدرة، الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الخليجية سابقا، إن السوق السوداء قائمة في مصر منذ الستينات وتطفو على السطح مع كل وجود أزمة في وفرة العملة.
وأضاف أن التخلص من السوق السوداء لن يتم طالما يوجد سوق غير رسمي يعتمد عليها في تدبير التزاماته بدلا من البنوك والصرافات.
وانتشرت السوق السوداء للعملات الأجنبية مع ظهور أزمة نقص العملة في مصر العام الماضي بعد تأثيرات الحرب الأوكرانية ورفع الفائدة عالميا، وتوسعت بشكل أثر على تحويلات العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية، إلى جانب ما أشارت إليه مصادر لمصراوي مؤخرا عن محاولة إغراء السياح لبيع العملة بسعر السوق السوداء.
كان جولدمان ساكس إنترناشيونال- أحد أكبر المصارف الأمريكية- حذر، في تقرير أصدره خلال أبريل الماضي، من عواقب سلبية لاستمرار السوق الموازية لتداول النقد الأجنبي- السوق السوداء للدولار- على استدامة الاقتصاد المصري.
وعدد البنك عواقب استمرار السوق السوداء والتي من أهمها دخول تدفقات العملات الأجنبية بعيدًا عن السوق الرسمية إلى السوق الموازي (السوق السوداء) بما يشمل تحويلات المصريين العاملين في الخارج، الذين يمثلون حوالي ثلث تدفقات الحساب الجاري، والإفراط في الواردات وانخفاض قيمة الصادرات، مما يزيد من الضغط في سوق العملات الأجنبية الرسمي.
كما ستؤثر السوق السوداء على تراجع الاستثمار المحلي، وانخفاض الاستثمار الأجنبي، والتسعير المحلي خارج سعر السوق الموازي.
كيف يتم تحجيم الدولرة؟
اقترح مصرفيون عددا من الحلول لتقليل هيمنة السوق السوداء وخفض التعاملات فيها إلى حد ما في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
وطرح عبد العال عددا من الحلول يتضمن تقليل معدل استيراد السلع غير الأساسية مثل (السيارات والأجهزة الكهربائية والألعاب وخلافه) للحد من استنزاف الدولار، والاكتفاء فقط بتدبير العملة للسلع الأساسية مثل (الأدوية والسلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج والمواد الخام وخلافه).
وأضاف أن من البدائل الأخرى أيضا لتجفيف منابع السوق السوداء تقليص تدبير الدولار لأغراض السياحة خارج مصر، أو للعلاج والتعليم في الخارج مع الاعتماد على الإمكانيات المحلية وتطويرها بما يقلص من تعاملات الدولرة، وتراجع الطلب على السوق السوداء.
وطالب عبد العال بضرورة إيجاد محفزات لتشجيع المصريين العاملين في الخارج لبيع حصيلتهم من النقد الأجنبي في البنوك مثل طرح شهادات ادخار دولارية بسعر فائدة 10%، ووجود تسهيلات وبرامج للتمويل العقاري تخاطب هذه الشريحة.
وتداولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا” الشهر قبل الماضي أنباءً عن طرح بنكي الأهلي ومصر شهادات دولارية بسعر فائدة مرتفع يصل إلى 10% مخصصة للمصريين العاملين في الخارج، والأجانب، والمصريين الذين لديهم جنسية أخرى ومتواجدين في مصر، والمصريين الذين لديهم إقامة في الخارج، ومتواجدين في مصر.
لكن مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري، قال لمصراوي قبل أسبوعين، إن بنكي الأهلي ومصر لم يتقدما بطلب رسمي للحصول على موافقة البنك المركزي لإصدار شهادات دولارية بسعر فائدة 10% للحصول على موافقته لإصدار منتجات جديدة لعملائه.
أما محمد بدرة يرى أن عودة البنك المركزي للتدخل لضبط سوق الصرف من خلال ضخ دولارات في سوق الإنتربنك للبنوك سيكون أحد العوامل الهامة في القضاء على السوق غير الرسمية وتكبيدها خسائر كبيرة.
وأوضح أن تدخل المركزي ببيع دولار للبنوك يعد حقا أصيلا لكافة البنوك المركزية لضبط سوق الصرف في أوقات الأزمات الاقتصادية، حيث حدث هذا في عهد فاروق العقدة محافظ البنك المركزي السابق في بداية الألفية الثالثة.
كانت مصادر مصرفية في إدارة المعاملات الدولية في بعض البنوك قالت لمصراوي الشهر الماضي، إن هناك بطئا شديدا في تداول الدولار في آلية الإنتربنك لبيع وشراء الدولار بين البنوك خلال فترة تمتد لأكثر من 5 شهور بسبب نقص العملة، وعدم بيع البنك المركزي الدولار طوال هذه الفترة.
وجاء ذلك بعد أن أعلن البنك المركزي في شهر يناير الماضي وجود طفرة كبيرة في مبالغ التداول في سوق الإنتربنك خلال الأيام الأولى من الشهر، حيث سجلت مبالغ التداول زيادة تجاوزت الـ 20 ضعفا مقارنة بالمبالغ اليومية المسجلة مؤخرا.