“حرب الأنفاق”.. خطوة الاحتلال المقبلة لمواجهة قذائف المقاومة القاتلة
11:43 م
الإثنين 06 نوفمبر 2023
كتب- محمود الطوخي
بعد نحو ثلاثين يومًا من حرب السابع من أكتوبر،وفي ظل اعتماد الاحتلال الإسرائيلي كعادته في عملياته العسكرية بقطاع غزة، على الغارات الجوية والقصف المدفعي، إلّا أنّه خلال أيام قليلة مضت، بدأت عمليات توغل بري بعدة مناطق شمال القطاع، كمحاولة منه للدخول إلى المدينة التي فشل في اقتحامها بريّا في حروب سابقة، لكن تلك الحرب كان الأمر مختلفًا لدى الاحتلال من جانب، والمقاومة الفلسطينية من جانب آخر.
“الآن سنبدأ في تضييق الخناق عليهم.. عندما أقول نضيق الخناق عليهم، فهذا أيضا فوق الأرض وسيكون أيضا تحت الأرض”، كلمات ألقاها ريتشارد هيخت، كبير المتحدثين باسم جيش الاحتلال، اليوم الإثنين، ليكشف أنّ جيشهم الساعات القادمة سيدخل لمرحلة جديدة في الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر، يستهدف في تلك المرحلة بشكل أكبر أنفاق حركة حماس والتي تُحاربهم من خلالها، وتُفقدهم القدرة على التوغل بحرية وأمان في محاور قطاع غزة، بل وتسقط منهم الكثير من جنودهم، لتبدأ مرحلة جديدة من الحرب في غزة ألا وهي “حرب الأنفاق”.
التوغل البري والمسافة صفر
بعد 20 يوما من بداية الحرب وتحديدا في 27 أكتوبر الماضي، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية توغل بري في قطاع غزة، لكن الخسائر التي تكبدها في الأفراد والمعدات فاقت ضعف ما خلفته عمليته العسكرية للقطاع في عام 2014، إذ بلغ عدد قتلاه حينها 67 عسكريا خلال 7 أسابيع، بينما تخطى إجمالي عدد قتلاه في الأسبوع الأول من العملية البرية الحالية 26 جنديا، فيما تتوالى إعلانات المقاومة عن تدمير عشرات الآليات يوميا.
ورغم التفاوت الكبير في التسليح ما بين جنود الاحتلال وعناصر المقاومة، والذي من المفترض أن يصب في صالح الإسرائيليين، فإن “المسافة صفر” التي أتاحتها شبكة الأنفاق للفلسطينيين في غزة حالت دون تحقيق النتائج التي يصبو إليها الإسرائيليون، إذ استهدف المقاومون عشرات الآليات والأفراد خلال عمليات اقتحام لأحياء مختلفة، في شمال غزة، بصواريخ “كورنيت” المضادة للدروع وقذائف “الياسين” من خلال فتحات للأنفاق.
وهو ما أكده مايك مارتن، متخصص في علم نفس الحروب بجامعة “كينجز كوليدج” البريطانية، في لقاء على قناة “دويتش فيله” الألمانية، إذ يقول: “باختصار، تحقق هذه الأنفاق التوازن حيث تحيد المزايا التي تتمتع بها إسرائيل من التسليح والتكتيك والتكنولوجيا والتنظيم، إلى جانب مخاطر عدم القدرة على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، وهو الذي يجب الالتزام به بموجب القانون الدولي”.
غزة.. مدينة عائمة على الأنفاق
فيما يعتقد جون سبنسر، رئيس قسم دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية “ويست بوينت”، أن قطاع غزة الذي تبلغ مساحته نحو 360 كم مربع، يطفو فوق شبكة من الأنفاق يبلغ عددها 1300 نفق، يصل طولها إلى قرابة 500 كم، ويقع بعضها على أعماق تصل إلى 70 مترا، بينما تشير تقارير إلى أن أغلبها يبلغ ارتفاعه مترين بعرض مترين.
ويقول سبنسر، الضابط السابق بالجيش الأمريكي، إن حجم التحدي في غزة مع وجود الأنفاق يعد “فريدا من نوعه”، مشيرا إلى أن تلك الشبكة المعقدة والمتشعبة “لا يوجد لها حل مثالي وهو ما ينتظر القوات البرية الإسرائيلية”.
وحدة خاصة في قتال الأنفاق
في الماضي لم يكن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسمح لجنوده بدخول تلك الأنفاق، إلا بعد فحصها من قبل خبراء متخصصين في تفكيك المتفجرات، لكن وبعد العملية العسكرية التي خاضها الاحتلال بغزة في عام 2014، نشر الجيش الإسرائيلي وحدات قتال مختصة في حروب الأنفاق، بعدما خضعوا لتدريبات عسكرية في بيئة أشبه بنظام الأنفاق المكتشفة آنذاك، واستخدام أجهزة خاصة للاستشعار والروبوتات.
ورغم ذلك فإن تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، للكاتبة ريتشموند باراك، خبيرة في حروب الأنفاق، تقول فيه إن إسرائيل ستحتاج لعملية جوية وبرية طويلة وواسعة النطاق، لتدمير شبكة الأنفاق في غزة، مشيرة إلى أن هذه الطريقة من غير المرجح أن تنجح.
وهو ما يؤيده مايك مارتن في حواره مع “دويتش فيله” الألمانية، إذ يرى أنه “رغم امتلاك إسرائيل كافة الوسائل الذكية من الرادارات والمعلومات التي يمكن استخدامها للكشف عن الأنفاق، إلا أنني أحذر من أمر يتمثل في وجود فجوة في جهاز جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلي، لقد أخطأوا في تقدير هجوم بحجم ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر”.
القنابل الزلزالية
ووسط الحرب الطاحنة التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، تمتلك إسرائيل في ترسانتها العسكرية بعض الأسلحة التي تعوّل عليها في مواجهة الأنفاق، أهمها “القنابل الزلزالية”، التي تنفجر بعد اختراق سطح الأرض على عمق يصل لـ 30 مترا، إلا أن بعض الخبراء العسكريين أشاروا إلى عدم فعاليتها مبررين بأن بعض الأنفاق حُفرت على عمق يتراوح بين 70 إلى 150 مترا.
حرب الأنفاق
“بعد 27 يوما من بدء معركة طوفان الأقصى نفذت المقاومة الفلسطينية هجمات ناجحة ضد آليات العدو وجنوده في عشرات محاور الاشتباك على طول محاور المناورات البرية الصهيونية”، كلمة أوردها المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، في خطاباته المختلفته، كما أشار مرارا إلى تدمير كتائب من الدبابات واستهداف أماكن تحشد قوات الاحتلال عن طريق الالتفاف والاشتباك من “المسافة صفر.
كما أكد أبو عبيدة في خطابه الأخير على استمرار المواجهة، لافتا إلى أن “خياراتنا الدفاعية متعددة وخطوط دفاعاتنا ستظل تفاجئ العدو في كل خطوة يتقدمها”.
وسخر أبو عبيدة من تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي خول اقتحام الخطوط الدفاعي لغزة قائلا: ” في حقيقة الأمر تكون قد اخترقت شارعا أو زقاقا في غزة، كانت قد أسقطت عليه أطنانا من المتفجرات أو دخلت في مناطق مفتوحة حرقتها بالطائرات ومعا ذلك يخرج لها مقاتلونا من حيث لا تحتسب”.