بالتزامن مع حرب غزة.. أمريكا توسع قاعدتها العسكرية السرية في إسرائيل
09:27 م
الإثنين 30 أكتوبر 2023
كتب- محمود الطوخي
رغم تأكيدات الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن المتكررة على عدم الانخراط في الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الجاري، بين فصائل المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن وثائق حكومية حصلت عليها وكالة “إنترسبت” الأمريكية، تشير إلى وجود أعمال بناء في قاعدة أمريكية سرية بصحراء النقب الإسرائيلية، وتؤكد تلميحات نادرة حول وجود عسكري أمريكي ملحوظ بالقرب من غزة.
“الموقع 512”
قالت وكالة “إنترسبت” الأمريكية في تقرير لها، إن البنتاجون منح عقدا بملايين الدولارات لبناء منشآت لقواتها بقاعدة سرية في عمق صحراء النقب الإسرائيلية، والتي تبعد 20 ميلا عن قطاع غزة.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن القاعدة السرية القائمة منذ وقت طويل، والتي تحمل اسما رمزيا “الموقع 512″، هي منشأة رادار تراقب الأجواء بغرض التصدي للهجمات الصاروخية التي قد تتعرض لها إسرائيل.
وأوضحت في تقريرها أن تركيز القاعدة الأمريكية منصب على مراقبة إيران؛ لافتة إلى أن رادارات “الموقع 512” لا تعير الجبهة الفلسطينية اهتماما كبيرا، مدللة بأنها لم تتصدى لأي من آلاف الصواريخ التي أطلقتها حماس منذ 7 أكتوبر الجاري.
وأكدت “إنترسبت” على ان الجيش الأمريكي، يعمل في الوقت الحالي على توسيع أعمال البناء في القاعدة السرية الواقعة على قمة جبل “هار كيرين” بصحراء النقب، ليضم ما تصفه السجلات الحكومية بأنه “مرفق دعم الحياة”، وهو ما يشبه الثكنات العسكرية للجنود والأفراد.
ولفتت “إنترسبت” الأمريكية إلى أن إصرار الرئيس جو بايدن وإدارته على عدم نيته إرسال قوات إلى إسرائيل لدعمها في حربها ضد حماس، يقابله وجود عسكري سري في إسرائيل بالفعل، مؤكدة أن العقود ووثائق الميزانية تشير إلى نمو القاعدة السرية بشكل ملحوظ.
ورغم حرص “البنتاجون” على عدم الإعلان عن المنشأة السرية التي بلغت قيمتها 35.8 مليون دولار في إعلان العقد الصادر عن البنتاغون في 2 أغسطس، إذ وصفته في سجلات أخرى بجرد مشروع “مصنف عالميا”، فإن وثائق الميزانية التي استعرضتها “إنترسبت” تشدد على أنه جزء من “الموقع 512”.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى آراء خبراء استعانت بهم، مثل بول بيلار أحد الخبراء في مجال حقوق الإنسان، ويقول: “أحيانا يتم التعامل مع شيء ما باعتباره سرا رسميا، ليس على أمل ألا يكتشفه الخصم أبدًا، بل لأن حكومة الولايات المتحدة، لأسباب دبلوماسية أو سياسية، لا تريد الاعتراف به رسميا”.
بينما قال كبير المحللين السابق في مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية “CIA”، إنه ليس لديه معرفة بماهية القاعدة: “في هذه الحالة، ربما سيتم استخدام القاعدة لدعم العمليات في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث سيكون أي اعتراف بأنها نُفذت من إسرائيل، أو تنطوي على أي تعاون معها، غير مريح ومن المرجح أن تثير ردود فعل سلبية أكثر من تلك التي أثارتها العمليات”.
اعتراف إسرائيلي ونفي أمريكي
وأشارت “إنترسبت” إلى أن “الاعتراف النادر” بالوجود العسكري الأمريكي في إسرائيل كان في عام 2017، حينما افتتحت الدولتان موقعا عسكريا عدّته إذاعة صوت أمريكا الممولة من الحكومة ” أول قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضي الإسرائيلية”، والتي وصفها العميد في سلاح الجو لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تسفيكا هايموفيتش، بـ “التاريخية” قائلا: “لأول مرة أنشأنا قاعدة أمريكية في إسرائيل”.
لكن رد “البنتاجون” جاء سريعا، إذ نفى في اليوم التالي أن تكون القاعدة أمريكية، مصرا على كونها “منشأة حية” لأفراده العاملين في قاعدة إسرائيلية.
وتقول الوكالة الأمريكية إن الجيش الأمريكي يستخدم لغة ملطفة لوصف منشأته الجديدة في إسرائيل، إذ تصنفها سجلات المشتريات الخاصة على أنها ” منطقة دعم الحياة”.
وبالرغم من أن أسلوب التعتيم الذي يتبعه “البنتاجون” يعتبر نموذجيا، وفق الوكالة، فإن خبير عسكري أمريكي صرح لـ “إنترسبت” بأن تاريخ العلاقة بين واشنطن وإسرائيل قد يكون وراء الفشل في الاعتراف بالقاعدة.
رغبة في دعم إسرائيل علانية
فيما قال أستاذ الأنثروبولوجيا في الجامعة الأمريكية لصحيفة “الجارديان”، ديفيد فاين: ” إن السرية هي بقايا من أوقات حاولت فيها الإدارات الأمريكية المختلفة التظاهر بعدم الانحياز لإسرائيل في صراعاتها مع العرب.
وأكد فاين على أن الإعلان عن وجود قواعد أمريكية في إسرائيل في الفترة الأخيرة، يعكس رغبة واشنطن في جعل دعمها لإسرائيل علني.
وكشفت “إنترسبت” عن أن التركيز المطلق على إيران يؤثر في رد فعل واشنطن على عملية “طوفان الأقصى”، إذ قام البنتاجون بتوسيع تواجده العسكري في الشرق الأوسط، بإرسال حاملتي طائرات إلى المنطقة ومضاعفة أعداد مقاتلاته، لمواجهة حماس وحزب الله اللبناني المدعومين من إيران، واللذين تصنفهما الولايات المتحدة كتنظيمات إرهابية.
دعم عسكري منذ بدء الحرب
سبق وأن أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون، حاملتي طائرات مع أساطيلها المرافقة من القطع البحرية المختلفة، إلى جانب إيفاد عدد من الخبراء العسكريين وعناصر من قوات “دلتا” الخاصة؛ لمساعدة جيش الاحتلال في حربه ضد المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى نشر أنظمة دفاع جوي من طراز “ثاد” و”باتريوت”.
كما نقلت فضائية “سي إن إن” عن مصادر أمريكية أمس الأحد، قولهم إن الولايات المتحدة قررت إرسال قوة رد سريع تابعة لمشاة البحرية الأمريكية، بدأت بالتحرك في اتجاه شرق البحر المتوسط.