العاصفة دانيال .. مقبرة جماعية لمئات الضحايا في درنة والبحر ابتلع الجثامين
09:06 ص
الثلاثاء 12 سبتمبر 2023
كتبت- سارة أبوشادي
قتلى بالآلاف ومفقودون لم يعرف مصيرهم بعد، وأحياء اختفت بسكانها، استغاثات في كل مكان لإنقاذ مدن الساحل الشرقي الليبي بعدما ضربتها العاصفة دانيال، وحوّلت العديد من مناطقها إلى منكوبة، مخلفة أعدادا كبيرة بين قتلى ومفقودين.
مهند الديباني، الناشط المدني في مدينة درنة، تحدّث لـ”مصراوي” عن الوضع المأساوي الذي يعيشه والآلاف من أبناء مدينته درنة حاليا، الشاب كغيره من أبناء المدينة استيقظوا على فاجعة انفجار سد درنة ، ما تسبب بدوره في غرق العديد من المناطق المأهولة بالسكان داخل المدينة وانهيار بعض المباني والتي غمرتها المياه، وتجاوز ارتفاعها نحو 12 مترًا.
“عدد الأسر المفقودة كبير يقدر بنحو 7 آلاف وأكثر” “مهند” وصف الوضع الإنساني في مدينته، فالعاصفة لم تفرق بين ليبي أو جنسيات أخرى، فالمفقودين قُدروا بالآلاف ما بين مواطنين ليبين ومصريين وسوريين، المياه انجرفت نحو الوادي بقوة وأخذت في طريقها الجميع دون أن تفرق بين أحد، لذا الضرر كبيرًا على المدينة والتي لم تتحمل السيل الشديد.
تضرر وسط المدينة بأكملها، خاصة السكان الذين يقيمون على أطراف الوادي ويبلغ عددهم ما بين الـ30 والـ40 ألف مواطنًا، منهم نحو 7 آلاف مفقودين أو أكثر، تحاول فرق الجيش التدخل وإنقاذ العالقين وانتشال جثامين الضحايا لكنّ الأمور بالغة الصعوبة، بينما هناك تدخلًا من رجال الجيش، إضافة إلى الباقين من رجال الكتيبة 166 والتي هي في الأساس مسؤولة عن عمليات الإنقاذ في المدينة وغرفة عمليات درنة، الكتيبة التي فقدت عدد كبير من رجالها في الكارثة، حتى أنّ هناك أنباء وفقًا للناشط المدني في درنة بأنّ أحد قادتها ضمن المفقودين.
“احنا فاقدين الاتصال بأهلنا في أطراف الوادي ونمتلك أدوات إنقاذ بسيطة” “مهند” سرد في حديثة جزءًا عن الضحايا فتطرّق أنّ أهالي مدينته “درنة” دفنوا نحو 400 جثة في مقبرة جماعية في المدينة الكثير من تلك الجثامين مجهولة الهوية، كذلك هناك جنسيات مختلفة بينها ما بين مصريين وسوريين، حتى أنّه ذكر أسماء نحو 4 من المصريين ممن تمّ دفنهم في تلك المقبرة الجماعية في درنة، إضافة إلى مصري آخر تحدّث عنه “مهند” مصاب ويحصل على العلاج حاليا داخل مستشفى طبرق.
حسب “مهند” فإنّ الوضع أكثر مأساة في ظل عدم توفر الإمكانيات والأدوات الصالحة للإنقاذ، فالعملية تتم حاليا بإمكانيات بسيطة لذا ومع التأخر في إنقاذ العالقين للأسف لن يكون الوقت في صالحهم، خاصة وأنّ السيل جرف المئات من الضحايا في طريقه نحو البحر فهؤلاء الآن موتى وحتى جثامينهم سيكون من الصعب العثور عليها.
المنطقة التي يقيم بها الشاب في درنة لم تتضرر كثيرًا مقارنة بأطراف الوادي، لكنّه ورغم ذلك على مدار الساعات الماضية، حاول التواصل مع أهله وأصدقائه في الوادي إلّا أنّ محاولاته العديدة بائت بالفشل، “احنا اهالي بعضنا فيه ناس بتمشي لأولاد عمها في الأماكن الأخرى داخل المدينة”.
ولأنّ السيول تسببت في انهيار الجسور والطرق، وانعزلت “درنة” عن غيرها من المدن الليبية، لكنّ هناك عدة مناطق شاء القدر أن تنجو من الكارثة فلم تتضرر كما تضرر الوادي، لذا من يتم إنقاذهم في الوادي يذهبون إلى المناطق الناجية، ومن بين تلك المناطق منطقة الساحل الغربي والتي نزح إليها العشرات من الناجين من سيل الوادي.
رغم الصعوبات التي يواجهها رجال الإنقاذ في الوصول، لكنّهم لم ييأسوا للوصول إلى ذويهم في المناطق المنكوبة، هكذا كان الحال مع ناصر وعائلته، المسعف بالهلال الأحمر الليبي، والذي يعيش هو الآخر بمدينة درنة رفقة عائلته، والتي نجت من السيل لكنهم فقدوا منزلهم.
في حديثه لـ”مصراوي” تحدّث الشاب أنّه وزملائه المسعفين مستعدين للتحرك نحو منطقة الوادي بالمدينة من أجل محاولة مساعدة العالقين، لكنّ بسبب ظروف الطريق الصعبة بات وصولهم إلى بعض المناطق بسيارات الإسعاف مستحيلة، وحاليا يتواجدون داخل مركز البيضاء الطبي في انتظار الإشارة بالخروج من أجل استكمال مهماتهم، والتي قاموا بجزء كبير منها في مدينة البيضاء التي تضررت بالإعصار بدرجة كبيرة هي الأخرى.
المسافة بين مدينة درنة والبيضاء نحو 200 كم، لكن الشاب ورفاقه لا يوجد لديهم مشكلة في الذهاب نحو درنة والعودة بالمصابين نحو البيضاء أو طبرق، خاصة وأنّه لا مجال للذهاب بمصابين أو حتى جثامين الضحايا لأحد مستشفيات درنة والتي تضررت جميعها بشكل كبير نتيجة السيول، لذا كان مركز البيضاء الطبي ومستشفى طبرق والمركز الطبي ببني غازي هما الأقرب للمدينة لاستقبال الضحايا. “نحنا قاعدين بالمركز منتظرين أي إشارة علشان نخرج ننقذ أهلنا اللي حتى ما بنعرف شو أحوالهم، حتى جيرانا ما بنعرف هما عايشين ولا لا”.
واجتاح الإعصار “دانيال” القادم من البحر المتوسط مناطق عدة في شرق ليبيا وأودى بحياة مئات الأشخاص، وألحق أضرارا كبيرة بالممتلكات العامة والخاصة والمنازل والطرق.
وأعلن المجلس البلدي في درنة عن خروج المدينة بالكامل عن السيطرة وسط انقطاع وانهيار كامل للخدمات، ودعا إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذ المدينة المنكوبة جراء السيول والأمطار
وأكد المجلس انهيار سدين من سدود وادي مدينة درنة، مشيرا إلى أن المياه جرفت منطقة بالكامل إلى البحر، وفي وقت سابق أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب أن درنة باتت مدينة منكوبة.
من جهته، صرح رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان أسامة حماد، بأن أكثر من 2000 شخص لقوا مصرعهم في الكارثة إلى جانب آلاف المفقودين في درنة، مؤكدا أن الوضع كارثي، علما أن حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام على ضحايا فيضانات المنطقة الشرقية.
وأحدثت العاصفة دانيال دمارا هائلا في البنية التحتية لبعض المناطق، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وجرف المنازل والطرق والجسور، كما تعرضت المدارس والمستشفيات لأضرار جسيمة.
وأعلن المجلس الرئاسي في ليبيا في بيان الاثنين، درنة وشحات والبيضاء في برقة بالشرق مناطق منكوبة بسبب السيول التي اجتاحتها.
وقال في البيان “شعوراً منّا بالمسؤولية ونظراً للتداعيات الجسيمة للكارثة، نعلن تلك المنطقة منطقة منكوبة ونطلب من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية تقديم المساعدة والدعم”.