منوعات

أزمة الكهرباء واعتذار الحكومة..!

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

د. أحمد عبد العال عمر

يُمكن تصنيف الغاضبين من أزمة الكهرباء وتحديات اللحظة الراهنة في مصر- بعيدًا عن المتضررين من رجال الصناعة والمال والأعمال- إلى عدة فئات، يجب معرفة سماتها وأهدافها، لكي تسرع الحكومة بقدر الإمكان بحل هذه الأزمة، ولكي نُجنب مصر وشعبها الدخول في متاهات ومشكلات أكبر:

الفئة الأولى:

تضم أعضاء حزب الكنبة من جموع المصريين غير المسيسين الذين ارتبكت حياتهم بسبب زيادة ساعات تخفيف الأحمال، في ظل صعوبات أخرى يعيشون فيها وصبروا عليها.

وهؤلاء معهم كل الحق في غضبهم، وعلى الحكومة أن تتجنب زيادة مساحة سخطهم، وخسارة دعمهم لنظام الحكم القائم، خاصة أنهم من أنصار ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ومن داعمي نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقد صبروا كثيرًا طول العقد الماضي، ولا يريدون من الحكومة والنظام سوى الأمن والاستقرار وتوفير الحد المعقول من متطلبات الحياة الكريمة في الحاضر والأمل في جني ثمار صبرهم في المستقبل.

الفئة الثانية:

تضم مجموعة من المثقفين الذين أيدوا ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ونظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد الثورة، لكنهم عادوا واختلفوا معه نتيجة بعض سياسات وأولويات هذا النظام، والآن هم يجاهرون برأيهم الساخط على هذه الأزمة، ويجدونها فرصة للتأكيد على فشل الحكومة وخيارات النظام، والتأكيد على صوابية موقفهم السياسي الناقد لممارساته وخياراته وسياساته.

وهؤلاء هم أغلب سكان عوالم التواصل الاجتماعي، وقد صارت خصومتهم مع النظام نفسية أكثر منها سياسية، ولهذا لا يتمنون نجاح النظام في حل أزمة الكهرباء، ولا نجاحه في تجاوز الملفات التي تمثل اليوم تحديات أمامه، حتى يشعروا بالرضا عن أنفسهم وخياراتهم.

الفئة الثالثة:

تضم المنتسبين إلي جماعة الإخوان المسلمين الهاربين إلي الخارج، وقنواتهم ورموزهم الإعلامية المختلفة، وبعض خلاياهم النائمة في الداخل والخارج.

وهؤلاء كل همهم هو تأليب الرأي العام ومشاعر المصريين ضد نظام الحكم القائم في مصر، وزيادة مساحة الغضب تجاه الحكومة، ودعوة المصريين للثورة والخروج للشارع للمطالبة بإسقاط النظام، ليعم الخراب في مصر، وليجدوا لأنفسهم بعد عموم الخراب وهدم مؤسسات الدولة موضع قدم من جديد لهم في المشهد السياسي المصري.

الفئة الرابعة:

تضم بعض ثوار ٢٥ بناير المختلفين ايدلوجيا مع نظام الحكم الحالي، ومعهم أصحاب الولاءات الخارجية
الرافضين من الأساس لشرعية ثورة يوليو ١٩٥٢، وللدور المركزي للمؤسسة العسكرية في الحياة العامة المصرية.

وهؤلاء حلفاء بوعي أو من غير وعي للمشروع والخطاب الإخواني، الذي يستغلهم دائمًا من الباطن لتحقيق أهدافه في الداخل المصري، رغم الاختلاف الواضح بينهم في الظاهر. ونجاح النظام في تجاوز هذه الأزمة، وتجاوز كل الملفات التي تمثل تحديات أمامه، سوف تلزمهم الصمت في الداخل، والعودة لمخاطبة الخارج فقط المرتبطين به عضويًا.

وفصل المقال، إن اعتراف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء اليوم بوجود أزمة في موضوع الكهرباء وتخفيف الأحمال وحديثه عن أسبابها وتفاصيلها وتصوره لكيفية التعامل معها، واعتذار الحكومة للشعب عن معاناته منها، تمثل بداية جديدة لخطاب حكومي جديد يحترم الرأي العام، ويمد جسور الفهم والحوار المتبادل معه.

وهي جسور لا غنى عنها اليوم ومستقبلًا حتى ننجح جميعًا في تجاوز مشكلات وتحديات اللحظة الراهنة على أكثر من صعيد داخلي وخارجي، ولكي نغلق الباب أمام المستثمرين في جوانب تقصير الحكومة لإثارة غضب الشعب، وتأليب الرأي العام على النظام ومؤسسات الدولة.

وليكن دستور الحكومة في لحظتنا الراهنة نصيحة قيمة قدمها أحد رجال مصر العظماء هو السيد محمد حافظ إسماعيل في مقدمة كتابة “أمن مصر القومي في عصر التحديات”، عندما قال: “لقد ظلت جماهير هذا الشعب هي دائمًا أمضى أسلحة الكفاح وأعظمها فاعلية، وأكثرها حسمًا لنتائج الصراع. ولهذا فقد ارتبط نجاح شعبنا على جبهته الخارجية بقدر ما توفرت له من قوة واستقرار على جبهته الداخلية السياسية والاقتصادية والعسكرية، فالعمل الخارجي لا يُمكن أن يُحقق الكثير ما لم يستند إلى قاعدة داخلية وطيدة وآمنة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى