يا ليت إيران تلعب غيرها
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
باستعراض هادئ لما جرى في الثامن عشر من أبريل، وبقليل من التأمل فيه، يتبين لك أن إيران قدمت خدمة لإسرائيل ولم تُلحق بها ضرراً وهي تهاجمها في ذلك اليوم.. لم تلحق بها الضرر كما قد يتصور كثيرون ممن تابعوا الهجوم، وقت أن انشغل به العالم بامتداده على مختلف الشاشات.
يومها كانت حكومة المرشد علي خامئني في طهران تقول إنها أطلقت مئات الطائرات المُسيرة والصواريخ في اتجاه اسرائيل، وإن الإطلاق جرى من منطقة كرمانشاه الإيرانية القريبة من الحدود العراقية، وإن الهدف هو الرد على هجوم كانت حكومة بنيامين نتنياهو في تل أبيب قد قامت به على القنصلية الايرانية في العاصمة السورية دمشق يوم ١ أبريل، فدمرتها عن آخرها وقتلت وأصابت كل الذين كانوا فيها الضباط الإيرانيين.
كان في القنصلية محمد رضا زاهدي، الضابط الكبير في الحرس الثوري الإيراني، فلقي مصرعه على الفور، وكان معه أربعة من مساعديه فلقوا مصرعهم أيضاً، وكان هناك آخرون أصيبوا بعد أن انهار مبنى القنصلية من جراء الهجوم.
كانت هذه هي أكبر عملية في حق إيران، منذ تلك العملية الشهيرة التي راح ضحيتها قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس، والذي لقي مصرعه بتدبير أمريكي قاده في يناير ٢٠٢٠ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الذي أعلن ذلك صراحة على العالم في حينه ولم يشأ أن يخفيه.
كان سليماني خارجاً من مطار بغداد بعد عودته من سوريا، وما إن غادر المطار حتى جرى اصطياده بضربة أمريكية لم تخطئه، ومما قيل وقتها أن فريقاً امريكياً أشرف على العملية من بعيد، وأن عدداً من أفراد هذا الفريق تقدموا الى مكان اصطياد قائد فيلق القدس، فحصلوا في هاتفه النقال وغادروا، ولا بد أنهم قد وجدوا فيه معلومات كثيرة مفيدة.
من بعدها ظلت حكومة المرشد تردد أنها ستنتقم لسليماني، ولكن هذا ظل في إطار التهديدات ولم ينتقل الى حيز الفعل على الأرض.. ويبدو أن ما قيل عن الانتقام لزاهدي ورفاقه، لن يختلف عما قيل في حالة سليماني.
إيران تنفي بالطبع وتقول إن هجوم الثامن عشر من أبريل كان بمثابة الانتقام لزاهدي ورفاقه، ولكن الذين تابعوا الهجوم لا يرون شيئاً من ذلك، ولم يتابعوا إلا هجوماً شكلياً لم تكن له أي نتيجة عملية ضد إسرائيل على الأرض.
بل إنه من الممكن أن نقول إن العكس حصل على الأرض، لأن الرئيس الأمريكي جو بايدن وقّع في يوم ٢٤ من أبريل مشروع قانون مرره الكونجرس قبلها بساعات، وكان مشروع القانون يقضي بإقرار مساعدات قيمتها ٩٥ مليار دولار لثلاث دولة حليفة هي اسرائيل وتايوان وأوكرانيا.
لاحظ أن بين الهجوم على اسرائيل وتمرير مشروع القانون أياماً معدودة على أصابع اليد الواحدة ، ومن قبل كان المشروع نفسه يتلكأ في الكونجرس لشهور ولم يكن يريد أن يمر ، وكان كلما تقدم خطوة تأخر خطوتين.
فلما قادت حكومة المرشد هجومها أثارت خوفاً امريكياً على اسرائيل وتعاطفاً دولياً معها ، فكان ما كان مما جرى في الكونجرس على وجه السرعة!.
فإذا جاء مسئول إيراني يحدثك عن الهجوم ونجاحه ، فلا بد أن تدعوه الى أن يقول كلاماً آخر أو أن يلعب غيرها.