هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب هو الموضوع الّذي سيرد في هذا المقال، إنّ الله تعالى واحدٌ أحد، فردٌ صمد، بيده الخير و فهو خالقها ومصير جميع المخلوقات فهو خالقها ورازقها ومصوّرها، فالكون كله بمخلوقاته يشهد بأنّ الله لا إله إلّا هو المستحقّ للعبادة لا شريك له، هو الّذي يؤتي الخير لعباده ولمن يشاء، وتعالى سبحانه عمّا يُشرَك به.[1]

التوكل على الله

إنّ كلّ مسلمٍ بحاجة لله سبحانه وتعالى في جميع أموره الحياتيّة وحتّى في أبسط الأشياء، فهو كافِ العبد ورازقه وحاميه وراعيه وحافظه من كلّ سوءٍ وبيده كلّ شيء وما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن ، ومعنى التوكل على الله هو الاعتماد عليه والثّقة المطلقة به في نيل المصالح والفوائد والخير ودفع الضّرّ والشّرّ والبلاء في الدنيا والآخرة، وقد جاء أمر الله في التّوكل عليه للأنبياء والمرسلين وورد ذكر هذا الأمر في سبع آياتٍ متفرّقةٍ في القرآن الكريم، كما أنّه من شعب الإيمان وصفةٌ يجب أن تستقرّ في قلب كلّ مسلم، فالتوكل على الله واجبٌ على جميع المؤمنين وهوعبادةٌ تدلّ على صدق الإيمان والإخلاص في عبادة الله وتوحيده، والتوكل على الله يعني قطع الآمال من النّاس فهم عباد الله ومن ما بين أيديهم  ورجاءُ الخير من الله وحده جلّ وعلا، قال الله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}،[2] وقد يتساءل البعض: هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب ؟[3]

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب

إنّ الإجابة على سؤال هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب يتلخّص في أنّ التوكل على الله مكانه القلب وهو من عمله، وعمل القلب ينعكس على جوارح صاحبه، وعندما نزل أمر التوكل على الله للمؤمنين أمر الله بالاخذ بالاسباب وذلك لتحقيق معنى التوكّل الصّحيح، فوجب على المؤمن المتوكّل على الله أن يعمل بالأسباب لينال مايريده، والسّعي فيها طاعةٌ لله عزّ وجلّ، فتعطيل الأسباب يخالف أمر الله تعالى كما يخالف معنى التوّكّل عليه كمن يريد المال والرّزق وهو جالسٌ في بيته ، ولجلب الرّزق والمال يجب عليه العمل والسّعي طلباً له، كما يجب على المؤمن ألّا يستند على الأسباب وحدها وترك عمل القلب بل وجب عمل الاثنين معاً، والنّاتج أنّ التوكل على الله لا ينافي الاخذ بالاسباب بل هما طرفا معادلةٍ مترابطان، لا يصحّ واحدٌ منهما دون الآخر.[4]

بذل الاسباب

بعد إجابة سؤال هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب كان لا بدّ من التعريف أكثر ببذل الاسباب، وبذل الاسباب يعني الأخذ بجميع الأسباب والعمل بها مهما كانت صغيرة وغير مهمّة ومهما كانت ضعيفة، فيجب على المسلم أن يضع كلّ جهده وطاقته للعمل بها ويكمن تحقيق المعنى الكامل للتّوكّل بالرّضا عمّا يعطيه الله أي نتيجة العمل والجهد المبذول، كما أن العمل بالأسباب من أهم الرّكائز في تحقيق العبوديّة لله جلّ وعلا، لكنّ بذل الاسباب والاعتماد عليها وحدها معصية لله تعالى ومخالفة لأمره كما سبق وذكر، ومن بعض صور الأخذ بالأسباب عندما أمر الله تعالى النّبيّ أيّوب عليه السّلام بأن يضرب الأرض بقدمه بعد أن دعا ربّه ليشفيه من مرضه،  رغم أن ضرب الأرض بالقدم لا يفعل شيئاً إلّا أنّ الله أراد أن يعلّم المؤمنين اتّخاذ الأسباب رغم ضعفها والتّوكّل عليه سبحانه في القلب.[5]

شروط التوكل على الله

إنّ تحقيق معنى التوكل على الله يقتضي تطبيق شروطه ليحفظ العبد نفسه من الوقوع في المحرّمات والآثام، وتتضمّن شروط التوكل على الله عزّ وجلّ:[6]

• أن يتوكّل العبد على الله وحده دون غيره في أمور الدّنيا والآخرة وأن يقيّد توكّله بالله تعالى قد فمن توكّل على غير الله قد يقع في الشّرك والعياذ بالله.
• الثّقة بالله وإخلاص النيّة له فالله تعالى هو الكافي والحسيب للعبد.
• أن يشعر العبد بالضّعف أمام قدرة الله والتّسليم بأنّ الله عزّوجلّ هو وحده القادر على جلب الخير له ودفع الضّرّ عنه، وأن يؤمن بقضاء الله فوحده جلّ وعلا يعرف أين يكمن الخير للعبد في الأمور.
• على العبد ألّا ييأس ويقنط فيما يتوكّل فيه على ربّه بل عليه أن يحتسب ذلك مهما طال الأمد عليه.

هل التوكل على الله ينافي الاخذ بالاسباب مقالٌ تحدّث عن التوكل على الله وكيفيّة تحقيق معناه الصّحيح كما أفاد بأنّ التوكل على الله لا ينافي الاخذ بالاسباب وتحدّث أيضاً عن بذل الاسباب والعمل بها ، كذلك أتى بذكر شروط التوكل على الله كما ورد فيه الحديث عن وحدانيّة الله عزّ وجلّ وحقّ عبوديّته.