منوعات

هذه المكايدات بين واشنطون وتل أبيب

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ليس سراً أن العلاقة بين إدارة الرئيس جو بايدن ، وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، تواجه أزمة مكتومة منذ مجيئه رئيساً للحكومة في تل أبيب قبل ستة أشهر .
ومن تجليات هذه الأزمة أنه لم تصله دعوة لزيارة واشنطون حتى اللحظة، رغم أنه شكّل الحكومة في ديسمبر، ورغم أن العادة قد جرت على أن يتلقى رئيس الحكومة الجديدة في الدولة العبرية دعوة لزيارة العاصمة الأمريكية بمجرد تشكيل حكومته.
وهذا ما لم يحدث مع نتنياهو رغم مرور كل هذه الفترة على تشكيل الحكومة، وقد أعلن هو ضيقه من ذلك في أكثر من مناسبة، وتساءل مراراً عن السبب، وهو بالطبع يعرف السبب الذي لا تخفيه إدارة بايدن.
فهي تقول إن المشروع الذي يتبناه رئيس الحكومة الإسرائيلية، والذي يصفه بأنه مشروع لإصلاح القضاء، ليس سوى مشروع للانقلاب على القيم الديمقراطية في بلاده، وقد حذرته الإدارة الأمريكية أكثر من مرة من خطورة المشروع، ولكنه مضى في طريقه لا يبالي، وكان كل ما فعله عندما اشتدت المعارضة ضده وضد مشروعه في إسرائيل أنه أعلن تأجيله!
ولكن إدارة بايدن أفهمته بأنها لا ترضى بأقل من إلغاء المشروع، وأن حكاية تأجيله ليست مقبولة من جانبها ولا تنطلي عليها.
وعندما زار رئيس مجلس النواب الأمريكي تل أبيب قبل فترة، قال إنه سوف يدعو نتنياهو لزيارة المجلس، إذا لم يبادر بايدن بدعوته لزيارة البيت الأبيض.. وهذا معناه أن الموضوع دخل في مجال المكايدة السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين، لأن الإدارة الديمقراطية بقيادة بايدن تتلكأ في الدعوة وتربطها بشروط، أما الجمهوريون الذين ينتسب إليهم رئيس مجلس النواب فإنهم لا يجدون حرجاً في الدعوة، ويلوحون بأنها يمكن أن تأتي عن طريقهم إذا غابت من طريق بايدن!!
وفي مرحلة تالية انتقلت المكايدة من واشنطون إلى تل أبيب، عندما أعلن نتنياهو خلال لقاء في مكتبه قبل أيام مع عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي، أن دعوةً من الصين جاءته لزيارتها، وأن مكتبه يرتب مع الحكومة في بكين لتحديد موعد الزيارة خلال الفترة القريبة المقبلة!
هو يقول ذلك رغم علمه بطبيعة العلاقة المتوترة بين الصين والولايات المتحدة، وهو يعرف أن زيارة كهذه لن ترضى عنها إدارة بايدن أبداً، ولكنه يلوّح بها من جانبه لعل وعسى، ولا ينسى رغم ذلك أن يترك الباب موارباً فيقول في اللحظة نفسها، أن زيارته إلى الصين إذا تمت لن تمس أسس العلاقة الإستراتيجية الراسخة بين بلاده وبين الولايات المتحدة في شيء.
وقد تناثرت الأنباء عن دعوة تلقاها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوج لزيارة واشنطون، وعندما علم نتنياهو بذلك طار عقله، وراح يحاول تعطيل الزيارة لأنه يرى نفسه الأحق بها من هيرتسوج.. وإذا ذهب الرئيس الإسرائيلي إلى العاصمة الأمريكية، فسوف يكون ذلك مما يثير جنون رئيس الوزراء.
ولا تزال في العلاقة بين واشنطون وتل أبيب فصول أخرى من هذه المكايدات السياسية المتبادلة، وسوف نتابعها في المستقبل، ولكن هذا يجب ألا ينسينا أن العلاقة بينهما تعلو في النهاية على بايدن ونتنياهو معاً، وأن لها إطاراً آخر تسلكه في طريقها بين الطرفين بخلاف كل هذه التفاصيل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى