مفاوضات الأسرى.. ما سيناريوهات التوصل لاتفاق من عدمه والأسباب؟
01:37 ص
الأحد 05 مايو 2024
كتب- محمود الطوخي
بينما تتوالى التصريحات المتفائلة عن المفاوضات الجارية على المقترح الجديد لصفقة تبادل الأسرى من جانب حركة حماس وبعض مسؤولي الاحتلال، فإن مسؤولين رفيعي المستوى بجيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكدون أن الجيش سيجتاح رفح جنوبي قطاع غزة في جميع الأحوال.
تفاصيل مقترح الصفقة المحتملة
وفقا لما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية، فإن الصفقة التي يراها زعيم حماس يحيى السنوار الأقرب لمطالب الحركة، تنقسم لـ3 مراحل تمتد أولاها لمدة 40 يوما مقابل الإفراج عن نحو 33 من بين 128 أسيرًا إسرائيليًا بغزة، إلى جانب انسحاب جيش الاحتلال من القطاع.
بينما تمتد المرحلة الثانية لـ42 يوما، إذ يتم خلالها إطلاق سراح باقي الأسرى بغزة، ومواصلة إجراءات الهدوء المستدام بالقطاع.
فيما تستمر المرحلة الأخيرة، لـ42 يوما والتي سيجري فيها تبادل جثامين قتلى الاحتلال الإسرائيلي والشهداء الفلسطينيين، بحسب ما ذكرته الصحيفة العبرية.
فما هي احتمالات التوصل لاتفاق؟
يرى الباحث المتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية صلاح العواودة، أنه من المستبعد التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين الطرفين، رغم تعاطي حركة حماس مع المقترح بشكل إيجابي؛ إذ أن تصريحات مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي تسير في اتجاهين متوازيين.
وأشار “العواودة” في تصريحات أدلى بها إلى “مصراوي”، إلى أن تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين تتعارض مع مزاعم حكومة الاحتلال بشأن الانخراط في المفاوضات بشكل جدّي، ففي لقاء تلفزيوني نقلته القناة 12 العبرية، أمس السبت، قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي، إن الحكومة حسمت أمرها بشن عملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة.
ويؤكد الباحث المتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، أن التوافق على صفقة لتبادل الأسرى، قد يحدث بعد تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليته العسكرية في رفح والتي تمثل نقطة مركزية في حسم الاتفاق.
اتفاق وهمي ودروس مستفادة
في نوفمبر الماضي، وافقت حماس وحكومة نتنياهو على صفقة لتبادل الأسرى وهدنة قصيرة، غير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عاود اعتقال عددًا كبيرًا من المعتقلين الفلسطينيين ضمن الاتفاق خلال اقتحاماته المتكررة للضفة الغربية، ما اعتبرته حركة المقاومة خرقا للاتفاق.
لذا، يقول العواودة، إن حركة حماس طالبت الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة، أن تكون روسيا وتركيا من بين الضامنين للاتفاق، كما ستطالب بالإفراج عمن قام جيش الاحتلال باعتقالهم عقب إطلاق سراحهم ضمن الصفقة الماضية.
ويوضح الباحث الفلسطيني، أن ما يزيد من مخاوف حماس هي دعوة بعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين للقيادة السياسية برئاسة نتنياهو للقبول بالصفقة ومن ثم اعتقال الفلسطينيين المفرج عنهم من جديد واستئناف الحرب والتنصل من الاتفاق برمته: “لذلك لا يوجد ضمان حقيقي لعدم حدوث الأمر؛ إذ أن الاحتلال الإسرائيلي اعتاد دائما خرق كافة الاتفاقات، وهو ما يجعل حماس تسعى للإفراج عن أكبر عدد من المعتقلين بسجون الاحتلال”، حسب ما يقول “العواودة”.
قادة على رأس القائمة
وخلال جولات المفاوضات التي جرت على مدار الأشهر الماضي، تصدرت بعض الأسماء قائمة المعتقلين الفلسطينيين الذين تسعى حماس للإفراج عنهم من سجون الاحتلال، غير أن الإسرائيليين رفضوا إطلاق سراح تلك الأسماء بشكل قاطع والتي كان أبرزها مروان البرغوثي القيادي في حركة “فتح” الفلسطينية، لتبقى نقطة خلاف عالقة طوال جوالات التفاوض.
ويشدد “العواودة” على أن حركة حماس، لا زالت تتمسك بالإفراج عن هذه الأسماء رغم معارضة الاحتلال ذلك، مشيرا إلى أنه خلال الصفقة الأولى تحفظت حكومة نتنياهو على الإفراج عن 200 شخص من بين 800 معتقل فلسطيني من ذوي المحكوميات العالية، وعرضت على الحركة إطلاق سراح آخرين ممن تبقى لهم أقل من 10 سنوات وآخرين، لكن حماس رفضت العرض من الأساس.
ويوضح أن حماس تتمسك بالإفراج عن أسراها الذين تحددهم كما سيحصل الاحتلال على أسراه لديها، دون التنازل عن أي من الأسماء التي ستدرجها ضمن القائمة، وهو ما تظهره تقارير صادرة عن وسائل إعلام عبرية، أمس السبت، تشير إلى أن القيادي مروان البرغوثي سيتم إطلاق سراحه ضمن صفقة التبادل المحتملة.
أسباب التهرب الإسرائيلي
وكشف “العواودة”، أن نتنياهو يدرك جيدا العواقب التي سيواجهها حال الموافقة على المقترح الحالي لصفقة تبادل الأسرى مع حماس؛ إذ أن الهدنة التي ستمتد لنحو 4 شهور ستفسح المجال أمام معارضيه لمحاسبته على الأضرار التي لحقت بدولتهم جراء الحرب الشنعاء التي بدأها قبل 7 أشهر، ومن ثم القضاء على مستقبله السياسي.
واعتقد “العواودة”، أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يراهن على تغيير الموقف السياسي الأمريكي سواء في عهد الرئيس جو بايدن أو انتظار فوز منافسه دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل؛ لأن الجميع يعلم أن مستقبله السياسي مرهون باستمرار الحرب وتحقيق الأهداف “الحالمة” التي حددها، وهو ما بدأ المجتمع الدولي بما فيه داعمي إسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة يعلمون ذلك.
كيف سار نتنياهو إلى هلاكه
على الرغم من الصفقة الأسرى في نوفمبر الماضي، التي عدّها نتنياهو “انتصارا” خلال الحرب، فإن الباحث الفلسطيني صلاح العواودة يؤكد أنها سببت انقسامات داخلية ووضعت رئيس حكومة الاحتلال بين شقي الرحى.
وأردف: “نتنياهو أصبح عالقا بين إكمال الحرب بسبب مطالبة عائلات أسراه الذين قتلهم في غزة بغاراته العشوائية، وبين إنهائها حرصا على سلامة من لا يزالون على قيد الحياة ودعوات عائلاتهم له بالتنحي من منصبه”.
اجتياح رفح “مناورة سياسية”
بينما تتشدق القيادة الأمنية والعسكرية والسياسية في إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو بالتزامن مع جولات المفاوضات، باقتراب موعد اجتياح مدينة رفح جنوبي غزة، يرى العواودة أن الأمر ليس سوى “مناورة سياسية” من رئيس حكومة الاحتلال في محاولة لإطالة أمد الحرب؛ حرصا على استمراره في الحكم وتجنبا للمحاكمات التي تنتظره فور انتهاء الحرب، إلى جانب المطالبات بتنحّيه من منصبه.