معرض البدر في “إثراء” ينقل زواره إلى بوابة عوالم الفن
“من عرفت نفسي وأنا أرسم”.. هي مقولة للشاعر والفنان الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز، وفي المعرض المقام داخل مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) فالحكايات المثرية تؤكد حقيقة مقولته، بما ينسجم مع زوايا متعددة تنبض بها لوحاته التي تستوقف الزوار، إذ شكّلت أيقونات تسبغ البهجة وتثير الفضول، فهناك لوحات تبوح بأسرار التراث والصحراء وأخريات يتكئن على الطبيعة وأسرارها بتقاطعات فنّية ورؤية تعبيرية.
التعاظم الفني داخل المعرض لا يقتصر على جوانب المعرفة الثقافية فقط، بل يتضمن أيضًا متغيرات العالم المتجدد التي ألقت بظلالها على الأعمال الفنّية المتواجدة، كما يحوي المعرض أعمالًا ترتكز على نبض الطبيعة وقوالب الفكر العميق، إذ يتخطى الزائر تلك الأفكار بمحاولة لاستكشاف مفاهيم تعبيرية تدور حولها لوحات “البدر” الممتدة إلى جذور التاريخ والتراث، مما يعكس حالة وجدانية تستوقفه ليعود إلى بوابة الثقافة والفن من منظور العراقة والأصالة.
2..
وفي العودة إلى أروقة المعرض داخل مركز “إثراء” يبدو أن التسلسل الفنّي للوحات العريقة أشبه بحكايات مزدحمة مزجت بين الإرث والمستقبل، بما يسبغ عمقًا فنيًا يحاكي التاريخ ويلهم رواد الفن التشكيلي، فهناك لوحات تروي قصة التراث وأخرى تجوب في ربوع “الصحراء”، فيما تبوح أخريات بكيفية شموخ “الصقر” وكيفية الصعود إلى الأعلى وذلك في لوحة حملت عنوان “سُلّم”.
ومما يبدو جليًا أن الطبيعة حاضرة في وجدان البدر حيث جسّد لون السماء والشجر بأيدي البشر، كدلالة على قوة الأساطير على مر السنين، وكما يسطع البدر في عمق الفجر، إذ اختار الشاعر الفنان لوحة تحمل عنوان “الفجر” في محاولة لمزج عراقة الماضي بجماليات الواقع المعاصر، وكذلك لوحة “الليل” التي تعانق وهج الفنون، وفي المعرض الذي يشهد زيارات يومية تتوالى اللوحات واحدة تلو الأخرى، لتقود إلى عوالم من التجديد والتغيير بإيحاءات ولغة بصرية مؤثرة، ففي أسرار ومكنونات لوحة “إرث” أسهب الفنان بريشته وألوانه لصياغة إرث لا ينضب ومخزون فنّي متجدد، مستكملًا معرضه الثري بلوحة تتزين بعبارة “إلى أين”، مجيبًا عن ذلك في لوحة ازدانت بملامح وتفاصيل عميقة بعنوان “رُبما”.
وفي فضاء المعرض ثمة علاقة تربط بين البدر الفنان وملامح البشرية، إذ تعمق بها بألوان متعددة وعبارات لافتة تحيط بها وكأنه يجسّد رحلة الإنسان عبر لوحة “شايب” التي تتمازج بها التفاصيل لحياة البشر والمراحل العمرية التي تحمل طابعًا ديناميكيًا على مر الزمان، ولم تخل لوحات البدر من وصف “الجواد” والتعمق في “الحبارى”، ليُبحر في نبض الحياة ومزايا الطبيعة الخلابة، حيث تبدو لوحاته بحلة فنّية باهية، مما يدعو المتذوقين للنظر بعمق حول ما يحيط بهم من انعكاسات وحقائق تثير ذكرياتهم، وتستشرف مستقبلهم، وتجدد حاضرهم.