متسول كييڤ
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى النرويج يوم الأربعاء ١٤ من هذا الشهر ، وقالت وسائل الإعلام التي أذاعت نبأ الزيارة إنها غير معلنة مسبقاً .
قبلها كان زيلينسكي قد زار الولايات المتحدة الامريكية قادماً من الأرجنتين ، بعد أن حضر مراسم تنصيب رئيسها الجديد ، وكانت زيارته إلى واشنطون بهدف واحد هو تحريك ملف المساعدات الأمريكية لبلاده ، وهو ملف بدا خلال الفترة السابقة على الزيارة أنه يتباطأ بشكل ملحوظ ، وأنه لا يكاد يتحرك من مكانه .
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قدم طلباً إلى الكونجرس بمساعدات لإسرائيل ، وتايوان ، وأوكرانيا ، بإجمالي رقم يصل إلى ١٠٦ مليارات من الدولارات ، وكان الطلب قد جرى إرساله إلى الكونجرس مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر ، ولكن أعضاء الكونجرس فرقوا بين المساعدات لتايوان وإسرائيل وبينها لأوكرانيا ، فسهلوا تمريرها لكل من تايوان وإسرائيل، وأوقفوها بالنسبة لأوكرانيا .
وكانت التجاذبات بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس سبباً لذلك ، لأن الجمهوريين الذين يجلسون في مقاعد المعارضة يتحينون أي فرصة للوقوف في طريق إدارة الرئيس بايدن وتعطيل تمرير قراراتها .
ولم يستطع بايدن تقديم شيء للرئيس الأوكراني خلال الزيارة الأخيرة ، سوى ٢٠٠ مليون دولار مساعدات ، وهو رقم متواضع للغاية ، ولا يصل إلى شيء مما كان زيلينسكي يأمل الحصول عليه ، وربما لهذا السبب توجه من هناك إلى النرويج للحصول على مساعدات من دول الشمال المانحة ، وهي تضم : الدانمارك، والسويد، وفنلندا، وأيسلندا، فضلاً بالطبع عن النرويج .
ولا أحد يعرف بماذا بالضبط سوف يعود من دول الشمال ، ولكنه سيعود بشيء ما لا بد ، لأن الأوربيين يعرفون أن جزءاً من مواجهته مع الروس على حدود بلاده ، إنما يخصهم هُم في الأساس ويتعلق بأمنهم بشكل مباشر .
وقد وجدها السفير الروسي في واشنطون فرصة للسخرية من الرئيس الأوكراني والكيد له ، فكتب على منصة إكس يقول إن الجميع في بلاد العم سام قد يئسوا من ” متسول كييف ” ! .. وهذه هي المرة الأولى التي يوصف فيها زيلينسكي بهذا الوصف ، رغم أنه ذهب إلى الولايات المتحدة من قبل مرتين ، ورغم أنه في كل المرات كان يطلب وكان يأخذ ما يطلبه . . فهل كان يتسول حقاً في كل المرات ، وهل هو تسول بالفعل أم أنه طلب شيء مستحق ؟
فماذا حدث ، وهل تراجعت حماسة الأمريكيين لمساعدته ، وأين ذهب الحماس الأول الذي كان لا يخفى على أحد في العالم ؟
طبعاً رافق هذا كله حديث روسي عن استعداد للتفاوض مع الغرب حول المسألة الأوكرانية ، وحول استعداد روسي أيضاً لتسوية مع الجانب الأوكراني .. وهذا ما يشير ربما إلى أن اتصالات تجري في الخفاء من وراء ستار بين الروس وبين الغرب .
ولكن السؤال هو : هل قرر الغرب أن يرخي الحبل مع الروس في أوكرانيا ، في مقابل أن يرخي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحبل بالنسبة لإسرائيل في الحرب على قطاع غزة ، وفي مقابل أن يغض قيصر روسيا العين عن وقوف الغرب بقضه وقضيضه إلى جوار الدولة العبرية منذ بدء الحرب ، حتى وإن كان وقوفه لم يعد بقوته الأولى ؟
ربما .. فهذا ما سوف تتكشف تفاصيله أكثر ، وهذا ما نجده في خفوت النبرة الروسية تجاه ما أصاب ويصيب الأطفال والنساء والمدنيين في القطاع . . ولكنها ” السياسة ” التي لعنها الأستاذ الإمام محمد عبده ولعن كل مفردات الكلمة !