ما يقوله دولة الرئيس السنيورة
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
نشر فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان الأسبق، وباسم الشاب، النائب السابق في البرلمان اللبناني، مقالاً مهماً في صحيفة واشنطون بوست الأمريكية، وقد أخذ المقال طريقه إلى النشر مترجماً في عدد من الصحف العربية، وكانت صحيفة الاتحاد الإماراتية من بين هذه الصحف.
المقال عنوانه “يد العرب ممدودة إلى إسرائيل.. فهل ترد بالمثل؟” ومن عنوانه يبدو المقال شجاعاً، وهو كذلك بالفعل، لأن كثيرين من حولنا ودوا لو قالوا هذا المعنى الذي يحمله العنوان، لولا أن الجرائم الوحشية التي يرتكبها جيش الإحتلال في حق المدنيين في قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر، لا تدع فرصة لأحد كي يفكر بهذه الطريقة الشجاعة التي فكر بها دولة الرئيس السنيورة ومعه النائب الشاب، وإذا فكر أحد كما فكر الرجلان فلن يجد الجرأة للإعلان عما يفكر فيه بهذا الشأن كما أعلن الإثنان.
يعود الكاتبان إلى ٢٠٠٢ عندما جرى طرح مبادرة السلام العربية في القمة العربية المنعقدة في بيروت في تلك السنة، ليقولا إن التزام العرب بالسلام التزام قديم، وإنه التزام يعود إلى أكثر من عشرين سنة مضت، وإنه التزام لا يزال حياً.
ورغم جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها جيش الإحتلال في حق أبناء القطاع جميعاً، إلا أن المقال يشير الى وجود فرصة حقيقية لتحقيق سلام حقيقي، وأن ضباب هذه الحرب الوحشية لا يجب أن يحجب هذه الفرصة.
ومرجع الفرصة أن السابع من أكتوبر قد أظهر للإسرائيليين أنه لا بديل عن سلام حقيقي، وشامل، وعادل، وأن غياب مثل هدا السلام يرشح السابع من أكتوبر للتكرار مرةً ثانية ، وثالثة ، وربما عاشرة .. وليس هذا الكلام دعوة إلى العنف طبعاً كما قد يبدو عند الوهلة الأولى، ولكنه دعوة الى وضع هجوم السابع من أكتوبر في إطاره الصحيح.. إطاره الذي يقول أن الهجوم كان نتيجة لمقدمات سبقته في الأرض المحتلة، وأن المقدمات إذا بقيت دون تغيير فسوف تؤدي إلى النتيجة نفسها.
هذه واحدة.. والنقطة الثانية المهمة في المقال أن الإسرائيليين كانوا قد انخرطوا فيما سُمي بالسلام الإبراهيمي مع عدد من العواصم العربية، وأنهم أقاموه على أساس أن السلام الإقتصادي مع الدول العربية يمكن أن يُغني عن السلام الشامل والعادل مع الفلسطينيين.. ولكن جاء السابع من أكتوبر فأثبت خطأ هذا الإفتراض، وأثبت أن عكس ما قام عليه السلام الإبراهيمي من وجهة النظر الإسرائيلية هو الصحيح تماماً، لأن السلام العادل والشامل مع الفلسطينيين هو الذي سيؤدي الى السلام الإقتصادي بين تل أبيب وبين العواصم العربية.
لقد كان السلام هو الخيار العربي دائماً، وحين اجتمعت ٥٧ دولة عربية واسلامية في الرياض ١١ نوفمبر الماضي ضمن قمتين عربية واسلامية شهيرتين، فإن الحل السلمي كان هو الذي طرحته القمتان في بيانهما الختامي.
وفي نهاية المقال، يشير الكاتبان الى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان قد كتب مقالاً في الواشنطون بوست قال فيه أن حل الدولتين هو الضمانة الوحيدة لأمن الفلسطينيين والإسرائيليين معاً.. ويضيف السنيورة والشاب من عندهما أن الضمانة في هذه الحالة هي لأمن المنطقة كلها، وليست لأمن الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم.
هذا مقال مهم، ولا بد أن يقرأه كل اسرائيلي لا كل عربي، لأنه لا خلاف كبير على فكرته ومضمونه عربياً، ولأن الإسرائيليين مدعوون الى أن يؤمنوا بما فيه، ثم إلى أن يضغطوا بموجب هذا الإيمان على صانع القرار عندهم، لعل هذه المنطقة من العالم تذوق السلام وتعرفه.