“لوحة بيكاسو وقصف المدينة”.. كيف ارتبط نادي جيرنيكا الإسباني بالفن وهتلر؟
05:43 م
الجمعة 26 أبريل 2024
كتبت-هند عواد:
يعبر الفن ولوحاته عن الأحداث السياسية في البلاد، وعادة ما تكون هذه الأحداث إلهاما للعديد من اللوحات الشهيرة، ومنها لوحة “جيرنيكا” الجدارية للفنان بابلو بيكاسو، والتي رسمها ورفض عودتها إلى إسبانيا، إلا بعد عودة الديمقراطية، وارتبطت هذه اللوحة بقصف مدينة جيرنيكا، شمال إسبانيا.
ووجدت علاقة بين قصف مدينة جيرنيكا ولوحة بيكاسو، ونادي جيرنيكا الذي يلعب في القسم الثاني بإسبانيا، وعاصر رئيسه رافائيل مادارياجا قصف المدينة، قبل 87 عاما، القصف على المدنيين، الذي تحول إلى واحدة من أشهر لوحات بيكاسو.
وعاصر رافائيل مادارياجا قصف مدينة جيرنيكا، في 26 أبريل 1937، خلال الحرب الأهلية في إسبانيا، من جانب القوات الجوية لأدولف هتلر وبينيتو موسوليني، بناءً على طلب من الديكتاتور الإسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو، وكانت هذه واحدة من أولى عمليات القصف الجوي على السكان المدنيين، ويتذكر مادارياجا ألسنة اللهب المنبعثة من أنقاض البلدة والتي أضاءت الجبال المحيطة، ويقول في تصريحات لصحيفة “ذا أثلتيك”: “لقد فقدنا كل ما كان لدينا”.
احتلت حينها قوات فرانكو جيرنيكا بعد ثلاثة أيام من القصف، وسرعان ما وقعت إسبانيا بأكملها في قبضة ديكتاتورية استمرت حتى وفاته في عام 1975.
وبالعودة إلى نادي حيرونا، يعكس تاريخه ورواياته الفترة المتناقضة التي عاشت فيها البلاد منذ الحرب، إذ تقع المدينة على بعد 13 ميلاً إلى الشمال الشرقي من بلباو، وكانت رمزية قبل قصفها، لأنها جزءًا من إقليم الباسك الذاتي، وتربطه روابط لغوية وتاريخية وثقافية، ويعيش فيه حاليا ما يقرب من مليون شخص يتحدثون لغة الباسك، أوسكارا.
واعتاد ملوك إسبانيا السفر إلى جيرنيكا، للتعهد باحترام حقوق شعب الباسك، وأدى لينداكاريس رئيس حكومة الباسك، اليمين تحت شجرة جيرنيكا (وهي شجرة بلوط زرعت في القرن الرابع عشر وتعد من الميزات الموجودة في القطاع).
وعندما فاز فريق أتلتيك بلباو بكأس الملك، أخذوا الكأس إلى مدينة جيرنيكا، إذ كان المدرب المكسيكي خافيير أجيري الملقب بـ “الفاسكو” وتعني الباسك، من جيرنيكا وهاجرت والدته القطاع.
📽 Así ha sido el homenaje al Athletic Club esta mañana en el Árbol de Gernika.
🏆 Eskerrik asko, @bbnnbizkaia!#UniqueInTheWorld #AthleticClub 🦁 pic.twitter.com/9fxMNJzXna
— Athletic Club (@AthleticClub) April 9, 2024
وكان القصف عام 1936، أحد الأسباب التي جلبت الاهتمام إلى جيرنيكا، وأصبحت البلاد هدفا إلى الحكومة، وبدعم من فيلق كوندور الألماني النازي وفيلق الفيلق الإيطالي الفاشي، هددوا بتدمير مقاطعة بيسكاي، التي تضم جيرنيكا، إذا لم يستسلم السكان للقوات، وفي وفي 31 مارس 1937، قصف الإيطاليون بلدة دورانجو القريبة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وبعدها قصفوا جيرنيكا.
وفي 26 أبريل من نفس العام، هاجمت طائرات هتلر وموسوليني، المدينة وتم إسقاط ما لا يقل عن 31 طناً من القنابل على المدينة، وتم تدمير أكثر من 85% من مبانيها بالكامل، وسجلت حكومة الباسك 1654 حالة وفاة، وعلم الكثيرون خارج إسبانيا لأول مرة بالتفجير، من خلال تقارير صحفية.
وتم تعليق كرة القدم في إسبانيا من 1936 حتى 1939، وكان نادي جيرنيكا تأسس عام 1922، باسم سوسيداد ديبورتيفا جيرنيكا (جمعية نادي جيرنيكا الرياضي)، ولعبوا في بطولات الدوري الإقليمية في بيسكاي، لكنهم توقفوا في عام 1934 بسبب مشاكل مالية، ولكن نجاح 3 لاعبين ولدوا في جيرنيكا في الدوري الإسباني، رافائيل إيريوندو لاعب أتلتيك، كانديدو ماكالا من إسبانيول، مدريدي جوتزون أرزانيجي، أدى إلى إعادة تأسيس النادي من جانب مجموعة من المشجعين، بينهم مادارياجا وكان حينها مديرا فنيا، وأعلن النادي البعد عن الأفكار السياسية.
ولكن قامت حكومة فرانكو بإنشاء إدارة لإعادة بناء جيرنيكا، وتلقى النادي دعم مالي وقام ببناء ملعب واستخدم الأنقاض الناتجة عن القصف لملء الأرض في موقعه الجديد باتجاه شمال المدينة، وهكذا كانت لا تزال السياسة تلعب دورا في النادي، وفي عام 1955، واجه النادي الانهيار مرة أخرى بعد طرده من ملعبه في زوبيكوا، من قبل شركة مجوهرات وأواني فضية زعمت أنها يحق لها الحصول على الأرض، إلا أن الأمر تم حله في النهاية.
ويقول مادارياجا الذي كان مديرا فنيا حتى عام 1972، بالقرب من نهاية عهد فرانكو، إن بعض اللاعبين كانوا يغنون بعض الأغاني المحظورة، وقام النادي بجولة في ألمانيا، وزاروا عدة مدن تعرضت للقصف، وفي عام 1958، رفع النادي كأس فيزكايا للمنطقة في ملعب سان ماميس القديم التابع لأتلتيك بلباو.
وأثر الصمت الذي أحاط بالقصف على النادي، بنفس الطريقة التي أثر بها على سكان جيرنيكا، ويقول أنطون جاندارياس أستيلارا سكرتير نادي جيرنيكا: “كان والدي أحد الناجين من القصف، ولم يستطع التحدث عن ذلك، وإذا تحدث عن ذلك فسوف يعتقلونه””.
وبالعودة إلى لوحة بيكاسو، خلال إقامته في باريس، عندما اندلعت الحرب، طلب منه إنتاج عمل للخيمة الإسبانية في المعرض الدولي لعام 1937 في العاصمة الفرنسية، وعندما قرأ الفنان المولود في مالقة تقارير عن الحرب، كانت النتيجة لوحة صارخة مناهضة للحرب تسمى جرنيكا، رسمت باللونين الأبيض والأسود لاستحضار الصحف التي علم فيها بيكاسو بالتفجير، وتظهر فيها امرأة تبكي وهي تحمل طفلها الميت، وحصانًا يرفع رأسه وثورًا، رمزًا لإسبانيا، وجندي ساقط يمسك بسيف محطم تنبت منه زهرة بينما تشتعل النار.
وأصر بيكاسو على عدم عرض لوحة جيرنيكا في موطنه إسبانيا، حتى يتم استعادة الديمقراطية، وفي عام 1981، تمكنت الحكومة الإسبانية من تأمين عودتها، بعد ست سنوات من وفاة فرانكو، وسميت جيرنيكا نفسها بـ”مدينة السلام”، مع مبادرات تربطها بالمدن الأخرى التي تعرضت للقصف بما في ذلك هيروشيما ودريسدن.
نادي جيرنيكا ليس سياسيًا بشكل علني، ولكنه يظل ناديًا باسكيًا يفخر بذلك، كما أنه واحدا من 160 فريقًا في المنطقة المنتسبين إلى أتلتيك، الذين يساعدون فريق بلباو في الحفاظ على سياسته الفريدة المتمثلة في التعاقد مع لاعبي الباسك فقط، كما أن مهاجم أتلتيك أسير فيلاليبر جاء من صفوف جيرنيكا.
اقرأ أيضاً:
بعثة الزمالك تصل غانا لمواجهة دريمز بالكونفدرالية
“يرافق موديست”.. مهيب يفجر مفاجأة بشأن رحيل كهربا عن الأهلي