منوعات

لغز مجدل شمس

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حتى الآن، لا أستطيع أن أقتنع بأن عملية مجدل شمس في هضبة الجولان، كانت وراء هذا التصعيد الاسرائيلي الذي انتهى باغتيال قيادي حزب الله فؤاد شكر، ومن بعده بساعات اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

إن مجدل شمس تُعتبر كبرى القرى في هضبة الجولان السورية المحتلة ويسكنها ١٢ ألفاً تقريباً وجميعهم من الدروز.

وعندما كان بنيامين نتنياهو في الولايات المتحدة الأمريكية يلقي خطابه أمام الكونجرس يوم ٢٤ يوليو، انطلق صاروخ على القرية فقتل ١٢ من أطفالها، وأصاب معهم عدداً آخر من أبنائها.

بمجرد وقوع الحدث قامت الدنيا في إسرائيل، وأعلن نتنياهو قطع زيارته إلى الولايات المتحدة والعودة سريعاً للرد على ما حدث!.. وقد كان هذا غريباً جداً ولا يزال، لأن الهضبة كلها حتى ولو كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها أرض سورية محتلة في الأول وفي الآخر.

لا ينفي سوريتها أن تكون اسرائيل قد احتلتها في ١٩٦٧، ولا أن تكون قد أعلنت ضمها إليها في ١٩٨١، ولا حتى أن يكون الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب قد أعلن في ٢٠١٩ اعترافه بانضمامها إلى الدولة العبرية.. فهذا كله قد يكون صحيحاً.. ولكن الأصح منه أنه لا يُنتج في الدعوى كما يقول أهل القانون، ولا يغير من حقيقة الأمر في شيء.

وإذا شئنا دليلاً على ذلك فإن الدليل هو أن بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، لما زار القرية بعد الحادث طارده أهلها وطردوه وطلبوا منه أن يغادر، بل إنهم رفعوا لافتة في وجهه تقول أنه قاتل جبان! .. ليس هذا وفقط وإنما نتنياهو تعرض للموقف نفسه وأكثر عندما زار القرية أيضاً، فرفض أبناؤها استقباله وقالوا أنهم لا يريدونه بينهم !

ولا معنى لهذا أن دروز مجدل شمس معتزون بهويتهم العربية، وأنهم لا يعترفون بسلطان اسرائيل على الهضبة، ولا على القرية وغيرها من القرى بالتالي .

وليس سراً أنهم يحتفظون بالهوية السورية في غالبيتهم حتى اليوم، ويقولون في كل مناسبة أنهم سوريون عرب، وأنهم متمسكون بذلك مهما مضت سنوات الاحتلال ومهما تعددت، ومهما حاولت اسرائيل أن تصور الموضوع على غير حقيقته.

لماذا إذنْ هذا الغضب الإسرائيلي الذي رافق عملية إطلاق الصاروخ، ولماذا يتمسح الساسة الاسرائيليون في الهضبة، إذا كان سكانها لا يعترفون بالوجود الاسرائيلي هناك أصلاً، ولا يرحبون بوجود أي مسئول اسرائيلي هناك؟

القصة غريبة، والغضب الإسرائيلي بسبب استهداف القرية يبدو غضباً في غير مكانه، والربط بين الاستهداف وبين اغتيال شكر أو هنية يبدو ربطاً مصطنعاً ومتعسفاً، ولا أحد يصدق دموع التماسيح التي حاولت حكومة التطرف في تل أبيب أن تذرفها على ضحايا إطلاق الصاروخ.

وإذا أراد أحد أن يعثر على مبرر موضوعي لاغتيال شكر وهنية، فلن يكون هذا المبرر هو الصاروخ الذي نفى حزب الله أن يكون هو الذي أطلقه، ومع ذلك تصمم تل أبيب على أنه هو الذي أطلقه، وكأنها تتلكك بحثاً عن مبرر.. ومن يدري؟.. فربما تكون هي التي قتلت القتيل ثم مشت في جنازته !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى