كيف يسعى نتنياهو للتهرب من مسؤولية إفشال المفاوضات عبر توريط مصر؟
12:34 ص
الخميس 23 مايو 2024
كتبت- سارة أبو شادي:
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وفي ظل جولات عدة من المفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق نار، عن طريق الوسطاء مصر وقطر وأمريكا، إلا أن كافة تلك الجولات دائمًا ما كانت تفشل من قبل أحد الأطراف الأساسيين “حماس- إسرائيل”.
خلال الساعات الماضية، نشر موقع سي إن إن الأمريكي تقريرًا زعم فيه أنّ الدولة المصرية هي من غيرت الاتفاق الأخير الذي وافقت عليه حماس ورفضته إسرائيل، في حين أنّ مصر باعتبارها الوسيط الأهم والأقوى في المفاوضات كانت دائمًا ما تسعى للتوصل إلى صفقة بين حماس وإسرائيل، لكن من يعرقلها دائما كان الطرف الإسرائيلي وتحديدا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي سعى للتهرب من مسؤولية إفشال المفاوضات عبر توريط مصر.
الدولة المصرية خرجت بدورها لترد على التقرير المزعوم، مؤكدة على لسان مصدر رفيع المستوى في تصريحات نقلتها القاهرة الإخبارية الأربعاء،عن استغراب القاهرة من “محاولات بعض الأطراف تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة”، مؤكدا على أن بعض الأطراف تمارس لعبة توالي الاتهامات للوسطاء واتهامهم بالانحياز وإلقاء اللوم عليهم للتهرب من اتخاذ القرارات المطلوبة.
على مدار نحو 8 أشهر وخلال عدة جولات من المفاوضات، كانت في النهاية تفشل بسبب رفض الجانب الإسرائيلي وتحديدا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ، والذي وثقته العديد من وسائل الإعلام الدولية والإسرائيلية، فخلال المفاوضات الأخيرة التي تم الإعلان عن فشلها بداية الشهر الجاري، خرجت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها في السابع من مايو بعنوان “هناك شيء واحد يقف في طريق وقف إطلاق النار: رفض نتنياهو”،
تقرير الجارديان، ذكر أن التقلبات والانعطافات الأخيرة في المفاوضات لإنهاء الحرب في غزة كانت “مربكة”. لكن الأمر لم يكن معقدًا، لكنه كان يجب على بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، تقديم تنازلات بشأن التفاصيل المعلقة لاتفاق وقف إطلاق النار المقترح ، والوقف الفوري للقصف الإجرامي الإسرائيلي لغزة و التوغلات العسكرية المتهورة في المناطق المأهولة باللاجئين حول رفح.
تقرير الصحيفة البريطانية، أشار إلى موقف نتنياهو والذي وصفه بـ” غير الواقعي على الإطلاق”، هذا الموقف الذي اتخذ مباشرة بعد 7 أكتوبر، وهو أن المقياس الحقيقي الوحيد للنصر هو التدمير الكامل والمطلق لحماس. هذا الهدف الذي كان دائمًا،بعيد المنال عمليًا، فقد وقع نتنياهو في فخ من صنعه ولا بد أن يشن حربًا لا تنتهي ولا يمكن الفوز بها، حسبما ذكرت الصحيفة.
في نفس التقرير ونقلا عن المحلل السياسي الإسرائيلي عاموس هاريل في مقال كتبه لصحيفة هآرتس، قال فيه إن الخلاف منذ شهور يدور حول سؤال واحد. حماس تطالب بأن يشمل أي اتفاق إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مدعومة بضمانات، ونتنياهو يرفض الموافقة على ذلك، لأن ذلك يعني الاعتراف بفشله في تحقيق أهداف الحرب المعلنة وبالتالي يمكن أن يفتح عش الدبابير السياسية عليه”.
المشكلة الرئيسية، كما يرى العديد من الإسرائيليين والدبلوماسيين الأجانب، هي أن الحرب المستمرة هي في الواقع الخيار المفضل لنتنياهو. إنه يخشى أنه حتى الهدنة أو التوقف، ناهيك عن السلام الدائم، يمكن أن يسرع في زواله السياسي، وإبعاده عن منصب رئيس الوزراء، وربما إدانته في المحكمة في مختلف تهم الفساد طويلة الأمد. في السلطة هو محمي. خارج السلطة، إنه متهم حسبما قالت الجارديان في تقريرها.
وخلال نفس الجولة وفي السابع من مايو أيضًا نشرت شبكة سي بي إس الأمريكية، تقريرا بعنوان “نتنياهو يطيل الهجوم على غزة لتحقيق مكاسب سياسية”، في التقرير نقلت الصحيفة عن القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك ألون بينكاس، قوله إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربما رفض اتفاق وقف إطلاق النار هذا الأسبوع من أجل حماية مستقبله السياسي.
في التقرير أيضًا نقلت الشبكة الأمريكية عن مستشار السياسة الخارجية لوزراء الخارجية الإسرائيليين قوله إن نتنياهو يسعى بكل الطرق إطالة أمد الحرب، لأن ما ينتظره بعد الحرب هو بيئة غير مضيافة للغاية، على أقل تقدير، سياسية وعامة”.
وخلال نفس الجولة من المفاوضات تحديدا في أبريل الماضي، نشرت صحيفة ذا تايم أوف إسرائيل العبرية، تقريرا بعنوان “يقول المفاوضون إن نتنياهو لديه “لامبالاة باردة” تجاه مصير الأسرى، التقرير الذي نقلت فيه الصحيفة العبرية تصريحات عن مسؤولين شاركوا في جولة المفاوضات تحدثوا للقناة الـ12 العبرية قولهم إن رئيس الوزراء يقوض المفاوضين ولن يفكر في أفكار جديدة ؛ “بدون نتنياهو، ستكون هناك فرص لعقد صفقة، نتنياهو يبدو أنه غير مبال بمصير الأسرى الذين تحتجزهم حماس في غزة وتقويض الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق مع حماس لتأمين إطلاق سراحهم”.
الصحيفة العبرية قالت إن المسؤولين قررا التقدم بشكل مستقل لكشف حقيقة أن إسرائيل لا تفعل كل ما في وسعها لإنقاذ الأسرى في غزة، في ظل ما وصفوه بالظروف “الجهنمية”، لأكثر من ستة أشهر، مؤكدين على أنه أصبح من الواضح للجميع أننا لا نتفاوض”، بل إن أحد المسؤولين أشار نصا في حديثه : “لا أستطيع أن أقول إنه لولا نتنياهو لكان هناك اتفاق، لكن يمكنني القول إنه بدون نتنياهو، فإن فرص عقد صفقة ستكون أفضل”.
ووفقا لتقرير الصحيفة العبرية التي نقلت خلاله تصريحات المسؤولين وأكدت على لسان أحدهم قوله: “يحدث ذلك مرارًا وتكرارًا، نحصل على تفويض خلال النهار، ثم يجري رئيس الوزراء مكالمات هاتفية في الليل. يقول: “لا تقل هذا، لا توافق على ذلك”. هكذا يلتف حول رؤساء فريق التفاوض وكذلك حكومة الحرب “.
وفي جولة أخرى من المفاوضات وتحديدا في فبراير الماضي، نشرت شبكة سي بي إس الأمريكية تقريرا له تحدث عن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شروط حماس لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، واصفا إياها بأنها “وهمية”، وهو موقف يعقد جهود إبرام اتفاق بين الجانبين، وتعهد نتنياهو حينها بالمضي قدما في الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر في قطاع غزة ضد حركة حماس المسلحة حتى تحقيق “نصر مطلق”.
ومع بداية العام الحالي، نشرت وكالة رويترز للأنباء تقريرًا تحدثت خلاله عن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الشروط التي قدمتها حماس لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى، والتي من شأنها أن تشمل الانسحاب الإسرائيلي الكامل وترك حماس في السلطة في غزة.
وفي ديسمبر من العام الماضي، ذكرت صحيفة الجارديان الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن رفض بنيامين نتنياهو اتفاقًا لوقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام، مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى، وفي التقرير ونقلا عن مصادر مطلعة على المفاوضات قالت إن نتنياهو واصل اتخاذ موقف متشدد بشأن مقترحات تتعلق بوقف إطلاق النار لفترات مختلفة مقابل عدد متفاوت من الأسرى”.
وقال أحد المصادر حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية: “في كل مرة يعود فيها الاتفاق إلى نتنياهو سيعود بمطالب أكثر صرامة”. رفض نتنياهو مرارًا وتكرارًا علنًا أي فكرة عن وقف إطلاق النار، واختار بدلاً من ذلك تكثيف الهجمات على غزة”.