قرض القطار
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
نائب البرلمان فريدي البياضي يجب أن يكون حاضراً في القلب من جلسات الحوار الوطني، ويجب أن تذيع إدارة الحوار كلامه على الناس؛ لأن ما وقف يقوله في مجلس النواب قبل أيام يجب أن ينتقل ليقال بصراحة في قاعة الحوار، ولأن ما قاله يخص كل مواطن في الصميم.
والقصة أن وزير النقل الفريق كامل الوزير ذهب يوم ١٠ مايو يطلب من البرلمان الموافقة على قرض ٢ مليار يورو لتمويل القطار الكهربائي، وكان من المفترض أن ينتفض البرلمان كله ضد هذا الطلب، لولا أن البياضي هو وحده الذي انتفض ومعه عدد قليل من زملائه السادة النواب.
ولم يكن موقفه ولا موقف زملائه موقفاً ضد شخص الوزير، ولا حتى ضد مشروع القطار الكهربائي، ولكن الموقف كان ضد التوقيت، وكان ضد عدم مراعاة فقه الأولويات في الإنفاق العام .. وإلا .. فبالله عليكم هل هذا هو وقت الحصول على قرض جديد وبهذا الرقم الهائل؟! .. وهل هذا عموماً وقت الحصول على أي قرض، بينما نحن جميعاً نعلم حجم الدين الخارجي المعلن والذي لا يمثل سراً على أحد ؟!
إنني أستحلف الفريق كامل الوزير، الذي أحترمه وأقدر ما يقوم به في مكانه .. أستحلفه بالله وبضميره الوطني .. أستحلفه وأسأله وأرجوه أن يجيب بأمانة: هل هذا هو الوقت المناسب بالنسبة لهذا القرض، أو بالنسبة لأي قرض مهما كان حجمه ؟!
إذا كان لا بد من الحصول على أي قرض، فميزانية وزارة التربية والتعليم أحوج ما تكون إليه.. وقيمة قرض القطار بالجنيه تصل كما ذكر النائب إلى ٦٦ ملياراً .. والمؤكد أن وزارة الصحة أولى بأن تشارك التعليم فيه إذا كان لا بد منه .. وعندها سوف لا ينتفض النائب، وسوف لا ينتفض زملاؤه الذين شاركوه ألمه، وغضبه، وحزنه، وسخطه، وسوف تكون الحكومة قد أنفقت في المكان الصحيح، وسوف تسمع تصفيق المواطنين لها.
إن الفريق كامل الوزير عضو في الحكومة، وعلى الحكومة بالتالي أن تراجع نفسها في شأن هذا القرض سريعاً، ولن يضيرها شيء أن تراجع نفسها فيما طلبته من البرلمان عن طريق أحد وزرائها، وسوف تكون شجاعة كبيرة منها أن تخرج على الناس وتعلن تأجيل القرض .. أو تعلن توجيهه إلى الصحة والتعليم إذا كان ذلك ممكناً .. ولو بادرت بهذا فستكون محل تقدير من كل مواطن تجلس هي على مقاعدها باسمه، وتحكم باسمه، وتمارس عملها باسمه، وتحصل على القروض باسمه هو وحده.
دور البرلمان الأساسي أن يمارس الرقابة على أعمال الحكومة، والنائب البياضي قام مع زملائه بهذا الدور كما يقول الكتاب، وعلى الحكومة أن تنتبه إلى أنها إزاء موضوع هو في القلب من أولويات الإنفاق العام، التي لا بد أن تكون مرعية وأن تكون معلنة على الناس.