غض البصر واجب على من؟
جدول ال
غض البصر واجب على من؟ هو موضوع هذا المقال، ولكن قبل ذلك لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الخالق سبحانه وتعالى خلق البشر وارتضى لهم شريعةً ينتهجوها، وجعل لحياتهم وأعمالهم حدودًا لا يجب عليهم أن يتجاوزوها، وذلك من حكمته العظيمة ورحمته ونعمته عليهم، فهي طهر من المعاصي والذنوب، وكفارة من العقاب في الدنيا والآخرة، وتكون للآخرين عبرةً لمن ألقى السمع وهو شهيد.[1]
غض البصر
قبل الخوض في بيان غض البصر واجب على من، لا بدّ من بيان أنّ البصر هو المنقذ الأعظم إلى القلب، وأكثر طرق الحواس إعمارًا إليه، وقد أمر الخالق سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم المؤمنين بغضّ أبصارهم، قال تعالى في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}،[2] وكذلك أمر النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم في السنّة الشريفة وأحاديثه الصحيحة بوجوب غضّ البصر، وصنّف صلّى الله عليه وسلّم غضّ البصر ضمن الأمور التي تضمن الجنّة، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “اضمَنوا لي ستًّا من أنفسِكم أضمن لَكمُ الجنَّةَ: اصدُقوا إذا حدَّثتم، وأَوفوا إذا وعدتُم، وأدُّوا إذا اؤتمِنتُم، واحفَظوا فروجَكم، وغضُّوا أبصارَكم، وَكفُّوا أيديَكم”،[3] ولربّما لا يدخل النظر فجأة صاحبه ضمن الإثم، إلّا إن أصرّ واستمرّ بنظره إلى ما حرّم الله، أمّا لو أنّه شاح بنظره وصرفه بعيدًا فور إدراكه فلا جناح عليه، والله ورسوله أعلم.[4]
غض البصر واجب على من ؟
بعد الخوص في بيان الحكمة من مشروعيّة حدود الله، وذكر الواجب الشرعيّ في غضّ البصر في ضوء القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، لا بدّ من ذكر أنّ غض البصر واجب على الرجال والنساء ، فالأمر لا يقتصر وجوبه على الرجال وفقط، وكذلك يجب على النساء أن يغضضن أبصارهن، وفيما يأتي بعض الأدلّة من الكتاب والسنّة على وجوب غض البصر على الرجال والنساء:[4]
- قال تعالى في سورة النور: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}،[2]
- وكذلك أتبعها الخالق سبحانه أمر وجوب غض البصر على النساء في ذات السورة حينما قال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.[5]
- وكذلك جاء في الحديث الصحيح المطول عن النبيّ صلّى الله عليه وسلمّ: “وإنَّ خَيرَ الصُّفوفِ صُفوفِ الرِّجالِ المُقدَّمُ، وشرَّها المُؤخَّرُ، وخَيرَ صُفوفِ النِّساءِ المُؤخَّرُ، وشرَّها المُقدَّمُ، يا مَعشَرَ النِّساءِ، إذا سجَد الرِّجالُ فاغْضُضْنَ أبصارَكُنَّ لا تَرَيْنَ عَوْراتِ الرِّجالِ من ضيقِ الأُزُرِ”.[6]
- كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إيَّاكُم والجُلوسَ بالطُّرُقاتِ! قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما بُدٌّ لنا من مَجالِسِنا نتحدَّثُ فيها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنْ أبيْتُم فأَعْطوا الطَّريقَ حَقَّه، قالوا: وما حَقُّ الطَّريقِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعْروفِ، والنَّهيُ عن المُنكَرِ”.[7]
علل تقديم الله تعالى الامر بغض البصر على حفظ الفرج
إنّ غض البصر واجب عل الرجال والنساء كما تمّ بيان ذلك فيما سلف من المقال، وقد وردت الآية الكريمة في سورة النور للبيان والاستدلال على وجوب غضّ البصر، ولكن قد يلحظ البعض أنّ الله سبحانه قد قدّم غضّ البصر على حفظ الفرج، فما السبب في ذلك؟ فقد بيّن أهل العلم والاختصاص أن ذلك كان لأن جميع ما قد يحصل من الحوادث متعلّقةٌ بالنظر في بداية الأمر، والله ورسوله أعلم.[4]
ثمرات غض البصر
غض البصر واجب على الرجال والتساء، ولكن على المرء أن يدرك بأنّ غضّ البصر يعود على صاحبه بمنافع وثمراتٍ دنيويّةٍ وآخريّة، فغضّ البصر يعدّ من أفضل الطاعات التي فرضها الخالق سبحانه، ومن ثمرات غضّ البصر:[8]
- إنّ غض البصر من القربات العظيمة التي تزرع حلاوةً في القلوب، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من نظر إلى محاسنِ امرأةٍ ثمَّ غضَّ بصرَهُ ، أورثَ اللهُ قلبَهُ حلاوةَ عبادةٍ يجدُها إلى يومِ القيامةِ”.[9]
- وكذلك غض البصر من الأمور التي تحفظ المرء من الوقوع في شرك الشر.
- كما يعدّ غضّ البصر وحفظه من أهمّ أسباب النجاة والسعادة.
غض البصر واجب على الرجال والنساء وهو ما بيّنه المقال فيما سلف، وذلك بعد أنّ بيّن الحكمة من مشروعيّة حدود الله، وحكم غض البصر ووجوبه في الشريعة الإسلاميّة، بالإضافة إلى ذكر ثمرات غض البصر التي تعود بالنفع على المسلم.
المراجع
- ^aleman.com , حكمة مشروعية الحدود , 27/12/2020
- ^سورة النور , الآية 30
- ^المهذب , الذهبي/عبادة بن الصامت/5/2451/إسناده صالح
- ^islamweb.net , غض البصر , 27/12/2020
- ^سورة النور , الآية 31
- ^تخريج المسند , شعيب الأرناؤوط/أبو سعيد الخدري/10994/صحيح
- ^تخريج سنن أبي داود , شعيب الأرناؤوط/أبو هريرة/4816/إسناده قوي
- ^binbaz.org.sa , ثمرات غض البصر , 27/12/2020
- ^حجاب المرأة , الألباني//49/ضعيف جدًا