منوعات

خط أحمر.. وهي تتحرك في الإقليم

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في صباح ٧ أكتوبر أطلقت كتائب عز الدين القسام عملية ” طوفان الأقصى ” من غزة على إسرائيل ، وهي عملية سوف تظل تقول الكثير في موضوعها ، ولكن أهم ما تقوله إن القبة الحديدية لم تنفع الإسرائيليين في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، بمثل ما لم ينفعهم خط بارليف في ٦ أكتوبر ١٩٧٣ ، وإن غطرسة القوة من جانبهم لم تكن مفيدة لهم في الحالتين .

وفي صباح ٨ أكتوبر، أعلنت قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني ، أن صواريخ الحزب استهدفت ثلاثة مواقع اسرائيلية في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ، وأن الحزب فعل ذلك على سبيل التضامن مع المقاومة الفلسطينية . . وعندما أطلقت كتائب القسام عملية طوفان الأقصى ، كان حزب الله قد بدا في خلفية الصورة من بعيد ، فلما أعلن عن مسئوليته في عملية مزارع شبعا انتقل من خلفية الصورة إلى مركزها وظهر في داخل إطارها .

والأصابع الإيرانية ليست خافية عن العين المتأملة ، سواء بشكل غير مباشر في حالة طوفان الأقصى ، أو بشكل مباشر في حالة مزارع شبعا . . فالحزب لا يخفي علاقته بطهران ، ولا هو يداري طبيعة هذه العلاقة مع حكومة المرشد علي خامئني في إيران.. وفي غزة لا تجد فصائل فلسطينية كثيرة مشكلة في أن تكون خيوطها ظاهرة وممتدة مع الإيرانيين ، كما أن حركة حماس نفسها لا تداري هذا من ناحيتها ، وليس سراً أن كتائب القسام هي الجناح العسكري للحركة .

وهكذا تبدو الصورة معقدة إذا ما توقف المتابع أمام تفاصيلها ، ويبدو توقيت إشعال المشهد وكأن وراءه الكثير من الأهداف التي يراد تحقيقها . . أحد الأهداف هو الثأر للإذلال الذي عاش الاحتلال يمارسه في حق الفلسطينيين في الضفة أو في غزة على السواء ، منذ أن تسلم نتنياهو رئاسة الحكومة في الدولة العبرية ديسمبر ٢٠٢٢ . . وهذا ما تستطيع أن تلاحظه بالعين المجردة في مستوى الأداء الفلسطيني تجاه الإسرائيليين عند بدء إطلاق الطوفان ، ثم على مدى الساعات التي انقضت منذ إطلاقه إلى هذه الساعة .

ومن بين الأهداف ، وربما يكون في المقدمة منها ، إحراج السعودية التي كانت قد أعلنت على لسان الأمير محمد بن سلمان ، ولي العهد ، وهو يتحدث قبل أيام لشبكة فوكس نيوز الأمريكية ، أن بلاده أقرب لتطبيع العلاقات مع إسرائيل مما كانت عليه من قبل .

ورغم أن الرياض ربطت تقدمها في خطوات التطبيع بتقديم شيء جاد للفلسطينيين ، إلا أن تطبيعها في حد ذاته ليس محل ارتياح لدى ايران في الغالب .. وعندما يبادر حزب الله فيعلن ما أعلنه من خلال المنار ، فحديثه عن وقوفه مع المقاومة شكل في الموضوع ، ولكن جوهر الموضوع يبدو وكأنه رغبة في إحراج للسعودية في ملف التطبيع بالذات .

وهذا لا بد أنه يطرح الكثير من التساؤلات عن حقيقة نوايا إيران وهي تتحرك في الإقليم ، ثم عن مدى جديتها في الإتفاق الذي وقّعته مع السعودية برعاية صينية في مارس من هذه السنة . . فلا تزال حكومة المرشد تمارس هوايتها في الفعل الذي يناقض القول .

وعندما نقلت وكالات الأخبار عن مصادر في الرياض ، أن الحكومة السعودية أبلغت الإدارة الأمريكية تعليق مفاوضات التطبيع مع تل أبيب ، تبين أن اختيار هذا التوقيت لإطلاق طوفان الأقصى اختيار مقصود ، بقدر ما هو اختيار له أهدافه في أرجاء الإقليم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى