بوضوح .. صاروخ بصاروخ

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
رد فعل باكستان على ما قام به الحرس الثوري الإيراني داخل الأراضي الباكستانية يقول أشياء كثيرة ، ولكن أهم ما يقوله أن ما تمارسه ايران في الإقليم ليس كله مأمون العواقب .
والقصة في أنحاء الإقليم بدأت مع الحرب الوحشية التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر ، فمن بعدها راحت حكومة المرشد الإيراني علي خامنئي تحرك أكثر من ورقة لها في أكثر من إتجاه ، وكانت في كل مرة تريد أن تقول أن لها أوراقها في أرجاء المنطقة ، وأن هذا من شأنه أن يعظم من مكاسبها السياسية من حولها .
وليست الهجمات العشوائية التي بدأت جماعة الحوثي شنها على سفن الشحن العابرة من جنوب البحر الأحمر ، إلا ورقة ايرانية من بين هذه الأوراق ، لأن علاقة الجماعة بإيران ليست خافية على أحد ، ولأن الطرفين يعلنان عنها في مناسبات مختلفة دون حرج .
بالطبع تقول الجماعة إنها تشن هجماتها انتصاراً لأهل غزة ، ولكن لم يثبت حتى الآن أن الهجمات كان لها أي أثر في هذا الإتجاه ، وبالتالي ، تظل للهجمات أهداف أخرى خفية بخلاف هذا الهدف الظاهر أمامنا .
ولم يختلف الهجوم الذي قام به الحرس الثوري الإيراني على أهداف في أربيل شمال العراق عن موضوع الحوثي في اليمن ، فلقد قيل أن الهجوم الذي أطلق عشرة صواريخ كان على مركز تجسس اسرائيلي هناك في أربيل ، ولكنه كلام إيراني قيل رداً على احتجاج الحكومة العراقية ، ولا يزال كلاماً لأنه لا دليل عليه ولا برهان .
وما بين الحوثي في جنوب القارة الأسيوية ، وأربيل في شمالها ، كانت هناك أوراق إيرانية أخرى متحركة من سوريا حيث شنت إيران هجمات ضد أهداف على الأراضي السورية ، إلى المحيط الهندي في جنوب الهند حيث استهدفت سفينة شحن كانت تمر فيه .
وقد وصل الحال بحكومة المرشد في هذا التصعيد المحسوب ، إلى حد أنها قالت أنها قادرة ليس فقط على تعطيل حركة التجارة الأوربية المارة في البحر الأحمر من خلال هجمات الحوثي ، وإنما قادرة أيضاً على تعطيلها عند مضيق جبل طارق ، إذا ما دارت حركة التجارة هذه حول أفريقيا ووصلت الى غرب البحر المتوسط عند باب المضيق !
وفي كل هذه المرات كانت حركتها لا تجد رد فعل ، إلا في المرة الباكستانية التي أطلق خلالها الحرس الثوري صواريخ على أهداف في منطقة بلوشستان الحدودية بين باكستان وإيران ، وقال أن الهدف هو جماعة جيش العدل المسلحة التي تعمل ضد ايران وتتخذ من هذه المنطقة مقراً لها .
بعد إطلاق صواريخ الحرس الثوري بساعات كانت صواريخ باكستانية تنطلق من باكستان على أهداف داخل ايران ، وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن الصواريخ هي على جماعة انفصالية تتخذ من الأراضي الإيرانية مقراً لها ، ولم تشأ الوزارة أن تكتفي بذلك في بيانها ، ولكنها أضافت فقالت بوضوح : صاروخ بصاروخ ولا نريد الحرب .
وفي مرحلة تالية حذر الجيش الباكستاني إيران من أي مغامرة غير محسوبة ، وكان تحذيره مما يجب أن تنصت إليه حكومة المرشد جيداً ، لأن جيش الباكستان ليس كأي جيش ، ولأن الإيرانيين يعرفون ذلك جيداً .
ردت باكستان على إيران بمبدأ ” المعاملة بالمثل ” الذي تعرفه الدول على المستوى الدبلوماسي ، فطردت السفير الإيراني واستدعت سفيرها ، ومن الواضح أن ” الرسالة ” التي أرادتها باكستان قد وصلت طهران ، ولكن ليست كل الدول من حول إيران قادرة على أن ترسلها .