بعد أيام من الهدوء النسبي.. عودة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل
بيروت – (بي بي سي)
تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية لإسرائيل، الأحد، بعد أن انخفضت وتيرة الهجمات المتبادلة خلال الثلاثة أيام الماضية – خلال انعقاد مفاوضات القاهرة.
وتستمر إسرائيل بقصف البلدات الجنوبية اللبنانية، منذ الثامن من أكتوبر الماضي، رداً على إطلاق حزب الله لصواريخ وقذائف مضادة للدروع وطائرات مسيرة نحو المواقع والبلدات الإسرائيلية الشمالية.
وأعلن حزب الله بمناسبة مرور 200 يوم على حرب غزة، أنه نفذ 1650 عملية ضد إسرائيل منذ بدء التصعيد بينهما.
وخلال السبعة أشهر الماضية، تستهدف إسرائيل باستمرار البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان إلى جانب الحرب المستمرة في قطاع غزة. فيما يقوم حزب الله بتعزيز حماية مجاله الجوي بنظام دفاع جوي كامل مخصص لإسقاط الطائرات بدون طيار، وفقًا لما نقلته صحيفة “جيروزاليم بوست”.
وأفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” في لبنان يوم الأحد، أن أربعة قتلى سقطوا وعدد من الجرحى، جميعهم من المدنيين، خلال غارة إسرائيلية استهدفت حي الجعافرة في بلدة ميس الجبل. وأضافت الوكالة أن فرق الدفاع المدني تواصل أعمالها في البحث عن أحد المفقودين.
تصعيد ملحوظ من جانب حزب الله
وأشارت “الوكالة اللبنانية الوطنية للإعلام” إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات استهدفت بلدات مركبا وعديسة والطيبة وتل نحاس وتل العزية وعيتا الشعب في جنوب لبنان.
وقال رئيس كتلة حزب الله، في مجلس النواب اللبناني، محمد رعد، إن “المقاومة الإسلامية جاهزة لمواجهة العدو وجهاً لوجه”، وفق ما أفادت قناة المنار التابعة لحزب الله.
ونقلت المنار عن القيادي في حزب الله محمد يزبك، “أن كل التهديدات التي يحملها الموفدون إلى لبنان لن تخيف المقاومة الإسلامية ولن تردعها عن متابعة دعمها لمقاومة الشعب الفلسطيني”.
وأعلن حزب الله عبر منصته الرسمية على تطبيق تلغرام، تنفيذ عشر عمليات، استهدفت مواقع عسكرية وبلدات إسرائيلية على الشريط الحدودي.
وقال حزب الله في بيان له، “استهدفنا كريات شمونة” بعشرات الصواريخ من من طرازي كاتيوشا وفلق، وأضاف الحزب أنه استهدف مبنيين في بلدتي أفيفيم وشتولا “بالأسلحة المناسبة” مؤكداً تحقيق “إصابات مباشرة”.
وجاء في إعلانات حزب الله أن بلدت مرغليوت كفريوفال وكفر جلعادي كانت من ضمن البلدات التي “استهدفها مقاتلو الحزب بالأسلحة الصاروخية”، بالإضافة إلى موقع السماقة.
وأشار حزب الله إلى أنه “قصف مرابض مدفعية” للجيش الإسرائيلي بالإضافة إلى “انتشار لجنود وآليات” في منطقة الزاعورة “بعشرات الصواريخ الكاتيوشا مما أدى إلى إصابتها واندلاع النيران فيها”.
وأكد الحزب تحقيق “إصابات مباشرة” في “التجهيزات التجسسية” في موقعي راميا والمالكية.
ونوه حزب الله في إعلانه إلى أن هذه الاستهدافات تأتي في إطار الرد “على مجرزة ميس الجبل”، على حد وصفه.
الرد الإسرائيلي
من جانب آخر، قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف بالطائرات “بنى تحتية لحزب الله” في بلدات كفركلا والعديسة ومركبا والطيبة جنوبي لبنان.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه رصد الأحد “إطلاق نحو 40 صاروخاً” من لبنان باتجاه شمال إسرائيل، موضحاً أنه “اعترض عدداً منها”.
ولم ترد أنباء رسمية عن وقوع إصابات في الهجوم.
وتتحفظ إسرائيل على الإعلان – بشكل رسمي – عن وقوع هجمات على مواقع قواتها.
وتقول بلدية كريات شمونة إن حوالي 20 صاروخًا تم إطلاقها باتجاه المدينة خلال 15 دقيقة، مما أدى إلى إصابة العديد من المساكن بشكل مباشر.
وأضافت البلدية “أن أضراراً لحقت بالمنازل والممتلكات والبنية التحتية والمركبات، وأن ثلاثة من السكان احتاجوا إلى علاج طبي، وتم نقل اثنين منهم إلى المستشفى لتلقي المزيد من العلاج”، وفق ما نقلت قناة (أي 24) الإسرائيلية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن رشقة الصواريخ التي تعرضت لها كريات شمونة الأحد، تُعد “الأثقل منذ بدء الحرب”.
ما هي أسباب عودة زخم عمليات التصعيد؟
ويرى المحاضر في المركز الدولي للدبلوماسية العامة في إسرائيل، غولان برهوم، أنه “لا يمكن تجاهل أن ما يحدث في الجبهة الشمالية لإسرائيل مرتبط بشكل أو بآخر بما يحدث في الجبهة الجنوبية”.
ويقول غولان لبي بي سي، “لا يمكن القول إن هناك تنسيقاً كاملاً بين الجبهات، ولكنها بالتأكيد تؤثر على بعضها البعض”، مضيفاً أن عمليات حزب الله “تحاول إشغال الجيش الإسرائيلي عن معركته في الجنوب”.
ويؤكد غولان أنه لا يمكن “الجزم” بأن حزب الله اللبناني يريد فتح الجبهة مع إسرائيل على مصرعيها، واستشهد غولان بخطاب سابق للأمين العام لحزب الله اللبناني، الذي قال فيه إن انتهاء حرب غزة سيُنهي التصعيد على الجبهة بين لبنان وإسرائيل.
ويشدد غولان في حديثه مع بي بي سي، على أن “وتيرة عمليات حزب الله في الشمال مرتبطة بتطورات ما يحدث في حرب غزة”، واستطرد قائلاً “إن تصريحات إسرائيل حول عملية برية واسعة في رفح، يؤدي إلى ردود فعل عملياتية من حزب الله”.
وينوه غولان إلى أن انتهاء التصعيد في شمال إسرائيل بشكله الحالي “لا يعني بالضرورة عودة الهدوء إلى الحدود”، مضيفاً أن إسرائيل تُريد “أن ترى بنود قرار الأمم المتحدة رقم 1701 لعام 2006 مُطبقةً على أرض الواقع”.
ويدعو القرار رقم 1701 لعام 2006، الجماعات المسلحة غير الحكومية إلى الانسحاب من جنوب لبنان ونشر الجيش النظامي اللبناني هناك.
فيما يقول مدير مركز الإرتكاز الاعلامي، سالم زهران، إن بيانات حزب الله “كانت واضحة بأن التصعيد الأخير جاء رداً على “مجزرة ميس الجبل”.
ويؤكد زهران لبي بي سي، أن حزب الله وضع “قواعد اشتباك على الجبهة الجنوبية” منذ اليوم الأول للتصعيد، وشرح زهران معادلة قواعد الاشتباك بأن “استهداف المدنيين يساوي استهداف المستوطنات”.
وأشار زهران إلى أن “حزب الله لا يقصف المستوطنات إلا إذا اعتدت إسرائيل على المدنيين في لبنان”، على حد وصفه.
وشدد زهران على أن ما يحدث في غزة كان الرد عليه بعمليات حزب الله “كجبهة إسناد”.
ولا يرى زهران في حديثه لبي بي سي، “أن مسألة المفاوضات في القاهرة تؤثر على مجريات عمليات حزب الله”، منوهاً إلى “أن العالم يعرف تماماً أن من يعرقل المفاوضات هو شخص نتنياهو وحلفائه من أقصى اليمين فقط” على حد وصفه.