الأوكسيجين الذي يعيش عليه
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
الكلام الذي صدر عن إيتمار بن غفير ، وزير الأمن الإسرائيلي ، يقول إن حكومة بنيامين نتانياهو في اسرائيل ، هي حكومة تتغذى على التطرف ، وإنها إذا تخلت عن التطرف ، فسوف تسقط في ساعتها ، وهذا بالتالي هو سر الجنون الذي يتصرف به نتنياهو في قطاع غزة .
إن المتطرف بن غفير شريك لنتنياهو في الحكومة ، ومعهما شريك آخر اسمه بتسلئيل سموتريتش ، الذي يتولى وزارة المالية ، وكلاهما يمارس من التطرف ما لم تعرفه حكومة إسرائيلية في تل أبيب من قبل .
كان نتنياهو قد خاض الإنتخابات في السنة الماضية على رأس كتلة الليكود ، ولكنه لم يحصل على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة ، وكان لا بد من التحالف مع أحزاب صغيرة ، ولم يجد أمامه سوى حزب بن وسموتريتش المتطرف ، وقد انطبق عليهم الثلاثة المثل الذي يقول إن ” الطيور على أشكالها تقع ” وبأكثر مما ينطبق على سواهم .
وقد وصل بن غفير في تطرفه إلى حد أنه راح يوزع سلاحاً على المستوطنين الإسرائيليين ليقتلوا الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية بالذات، ونقلت وكالات الأنباء صورة له وهو يقف في غاية السعادة أمام عدد البنادق التي سيوزعها على مستوطنيه الذين يقيمون على أرض فلسطينية محتلة .
فماذا قال هذا المجرم؟ .. قال مخاطباً نتنياهو : سوف أسحب حزبي من الحكومة إذا أوقفت أو قلصت الحرب على قطاع غزة !
والذين يعرفون نتنياهو يعرفون أن عبارة كهذه تصيبه بالجنون ، وتجعله مستعداً لخوض الحرب إلى ما لا نهاية، لا لشيء، إلا لأن انسحاب حزب بن غفير من الحكومة معناه انهيارها ، وهذا بدوره سيؤدي إلى حكومة جديدة ، والغالب أنها ستكون بغير رئاسة نتنياهو ، وعندها سوف يكون عليه أن يواجه مصيره الذي لن يكون سوى السجن !
وهذا ما جعله يقول بمجرد سماع عبارة بن غفير ، إن الحرب مستمرة حتى تحقيق أهدافها ، وإنه لا تفكير في وقفها من جانبه ، وإنه لا بد من القضاء على حركة حماس في القطاع ، ولا بد من استعادة الأسرى الإسرئيليين لدى الحركة .
وهو عندما يقول ذلك لا يخاطب أهالي هؤلاء الأسرى ، ولا حتى يخاطب الرأي العام في داخل إسرائيل ، ولكنه يخاطب بن غفير وسموتريتش ، ولسان حاله يرجوهما ألا يتخليان عنه ، وألا يتركانه يواجه المصير الذي ينتظره بمجرد مغادرة كرسي رئاسة الحكومة.
قبل أن يشكل حكومته الحالية ، كانت التحقيقات تطارده في قضايا فساد مالي ، وبعد أن شكل الحكومة أضيفت قضايا فساد أخرى ، ولكنها قضايا فساد سياسي وأمني تتعلق بمسئوليته عن وقوع هجوم السابع من أكتوبر ، الذي قامت به كتائب عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحركة حماس ، على المستوطنات الاسرائيلية المنتشرة حول غزة .
وهكذا يكتشف نتنياهو يوماً بعد يوم ، ومنذ بدء حربه الوحشية على الأطفال والنساء والمدنيين في غزة ، أن بقاءه على رأس الحكومة ، وبالتالي بعيداً عن قبضة العدالة ، مرهون بتماديه في التطرف لأبعد حد ، بل وبقدرته على قتل المزيد من الأطفال والنساء والمدنيين في أنحاء القطاع .
التطرف المقرون بالقتل بالنسبة له هو بمثابة الأوكسيجين الذي يتنفسه ليعيش ، فإذا انقطع عنه هذا الشريان فإنه يسقط على الفور .. يسقط من رئاسة الحكومة ، ويسقط في قبضة العدالة ، وربما يسقط من بين الأحياء أيضاً .