اسباب استجابة الدعاء .. متى يستجاب الدعاء بسرعة
جدول ال
إنّ أسباب استجابة الدعاء من الأمور التي يجب أن يعتني بها الداعي، فالله عزَّ وجلَّ قد جعل لكلِّ شيءٍ سببًا ومن هذه الأشياء دعوته وسؤاله، فالعبد المؤمن دائم السؤال كثير الدعاء، ذو إلحاحٍ وإصرار، فالله سبحانه يغفر للمستغفرين ويعطي السائلين ويجيب المضطرين، والأخذ بأسباب الدعاء والقيام بموجبات الإجابة تجعل الدعاء أحرى بالاستجابة والقبول، وفي هذا المقال سيتم التعرف على هذه الأسباب وبيان الأوقات الفاضلة التي يُستحب الإكثار فيها من الدعاء.
متى يستجاب الدعاء بسرعة
إنّ الحياة هي سلسلة من المشقّات والمتاعب والعبد يلجأ إلى الله تعالى في كل أموره وجميع أوقاته فلا معطي ولا حافظ ولا معين إلّا الله، وإذا أراد بعباده ضرًّا فلا كاشف لهذا الضر إلّا هو، وإذا أراد بهم خيرًا فهو آتيهم لا محالة، وقد أمرهم بكثرة الدعاء ووعدهم بالاستجابة، وللدعاء شروط وآداب وأسباب، فلا بدّ من مراعاة هذه الشروط والآداب والأخذ بالأسباب كي تُستجاب الدعوات وتتنزّل الرحمات، ومن أسباب استجابة الدعاء ما يكون قبل الشروع بالدعاء ومنها ما يكون في أثناء الدعاء ومنها ما يكون بعد الانتهاء من الدعاء، وفيما سيأتي من هذا المقال تفصيلٌ لهذا كلّه.[1]
اسباب استجابة الدعاء
إنّ الله تعالى قريبٌ مجيب ويقبل الدعاء الصادق ويسمع من العبد المخلص ولكنّ للأخذ بأسباب الاستجابة قبل الشروع بالدعاء والتضرّع لله سبحانه من خير الأمور الي تزيد في احتمالية قبول الدعوة واستجابتها، ومن هذه الأسباب تحرّي أوقات الاستجابة التي دلّت الآثار والأحاديث النبوية الشريفة أنّ الدعاء في تلك الأوقات المخصوصة أدعى للقبول، ومن هذه الأوقات يوم الجمعة وشهر رمضان وساعة السحر من كل يوم وعند نزول المطر وغير ذلك من الأوقات والساعات المباركة.[1]
أسباب الاستجابة قبل الشروع بالدعاء
يجب أن يستغل الإنسان أوقات انكساره وضعفه واضطراره فيُقبل على الله تعالى بكليّته سائلًا داعيًا طالبًا مستغفرًا، فإنّ الوعد الربّاني قد جاء بإجابة المضطر إذا دعا؛ حيث قال في سورة النمل: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ”،[4] فالاضطرار والانكسار والخضوع والتذلّل إلى الله القادر من أهم الأسباب التي يُرجى معاها إجابة الدعاء.[1]
أسباب الاستجابة أثناء الدعاء
من المهم والضروري مراعاة أسباب استجابة الدعاء عند الشروع فيه، وقد دلّت الآثار على الكثير من هذه الأسباب فمنها ما يتعلّق بهيئة الداعي وجلسته ومنها ما يتعلّق بحاله ومعاملاته مع الناس وعلاقته بربّه ومدى اجتنابه للمحرمات والتزامه بأوامر الله تعالى، وفيما يأتي بيان لجملة من هذه الأسباب:[1]
- استقبال القبلة عند الشروع بالدعاء.
- رفع اليدين وبسط الكفين وإظهار التذلّل والافتقار إلى الله تعالى.
- خفض الصوت بالدعاء والتأدب مع الخالق العزيز.
- الابتداء بالثناء على الله تعالى وحمده وتمجيده والصلاة على الرسول الكريم وسؤال الله بأسمائه الحسنى.
- التوسل بالأعمال الصالحة ،مع ضرورة الابتعاد عن التوسل المحرّم كجاه الأولياء والصالحين.
- الإكثار من الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهّرة.
أسباب الاستجابة بعد الدعاء
من سعادة الإنسان أن يدعو الله تعالى فيستحيب دعاءه ولكي يحصل هذا ويحظى العبد بخيري الدنيا والآخرة يجب أن يكون صبورًا ولا يستعجل الإجابة، فالله سبحانه قد يرفع عن المؤمن بلاءً ببركة دعائه وقد يؤجل الإجابة إلى حين، فلا ينبغي أن يدعو المسلم ثمّ يقول دعوت ولم يُستجب لي فهذا من سوء الأدب مع الله سبحانه، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي”،[8] كما يجب أن يتوب إلى الله باستمرار ويحرص على أن يكون داعيًا إلى الله آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر فاعلًا للخير، فهذه كلّها من الأسباب التي تُعين على استجابة الدعاء بإذن الله.[1]
أخلاق وآداب ضرورية لاستجابة الدعاء
كما أنّ الصدق والإخلاص واليقين بقدرة الله تعالى على استجابة الدعاء وقبوله وتغيير الأحوال من الأسباب الرئيسة لاستجابة الدعاء، فقد جعل سبحانه الإخلاص شرطًا لقبول الدعاء، فقد قال في سورة غافر: “فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”،[5] فالتوجّه بالسؤال والطلب والدعاء يجب أن يكون لله وحده، كما يجب أن يُحسن العبد الظن بربّه في كلّ أحواله ويحرص على ذلك عند الدعاء.[1]
ومن أسباب االاستجابة أيضًا عدم الاعتداء في الدعاء؛ ومعنى الاعتداء سؤال الله تعالى شيئًا يتنافى مع حكمته أو يُناقض شرعه وأمره كطلب الأشياء المستحيلة، أو الدعاء بمنزلة لا تجوز للإنسان العادي كالنبوة، وأيضًا من الاعتداء في الدعاء ذكر تفاصيل دقيقة لا حاجة لذكرها أو الطلب من الله الإعانة على فعل محرّم، وهذا كلّه منهيٌّ عنه في الشرع الإسلامي، وقد قال الله عزّ وجلّ: “ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”،[6] كما يجب أن يعزم الإنسان في المسألة وأن يكون لحوحًا وذا إصرارٍ وعزيمة، ويحرص على تدبّر المعاني وحضور القلب أثناء الدعاء.[1]
أوقات استجابةِ الدعاء يوم الجمعة
إنّ يوم الجمعة من الأيام الفاضلة والأوقات المباركة التي دلّت النصوص الشرعية على أنّ فيهِ أوقاتًا يُستجاب فيها للدعاء؛ حيث جاء في صحيح البخاري أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “فِي الجُمُعَةِ ساعَةٌ، لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ قائِمٌ يُصَلِّي، فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا إلَّا أعْطاهُ وقالَ بيَدِهِ، ووَضَعَ أُنْمُلَتَهُ علَى بَطْنِ الوُسْطَى والخِنْصِرِ، قُلْنا: يُزَهِّدُها”،[9] وقد بحث أهل العلم هذه المسألة وبيّنوا ما هي ساعة الإجابة يوم الجمعة، ولكنّهم اختلفوا في ذلك على أقوال واختلاف هذه الأقوال يعود إلى ورود أكثر من جديث بهذا الشأن، وفيما يأتي بيان لأوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة كما ذكرها علماء المسلمين:[2]
- القول الأول: ساعة استجابة الدعاء يوم الجمعة هي من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، ودليل هذا القول ما رواه أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري حيث قال: “قالَ لي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في شَأْنِ سَاعَةِ الجُمُعَةِ؟ قالَ: قُلتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يقولُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: هي ما بيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إلى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ”.[10]
- القول الثاني: ساعة استجابة الدعاء يوم الجمعة هي بعد صلاة العصر، ودليل هذا القول ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “يومُ الجمُعةِ اثنَتا عشرةَ ساعةً لا يوجَدُ فيها عبدٌ مُسلمٌ، يَسألُ اللَّهَ شيئًا إلَّا آتاهُ إيَّاهُ فالتَمِسوها آخرَ ساعَةٍ بعدَ العصرِ”.[11]
وللجمع بين هذه الأقوال يمكن للإنسان أن يُكثر من الدعاء في هاتين الساعتين على وجه الخصوص وفي جميع ساعات يوم الجمعة على وجه العموم، فهو يوم ذي بركة وفضل واغتنامه بالدعاء والاستغفار والصلاة على الرسول الكريم من القربات والطاعات التي تزيد العبد قربًا من ربّه.
أوقات استجابةِ الدعاء في رمضان
رمضان شهر الخير والبركة وقد حضّت الشريعة الإسلامية على الاستكثار من الطاعات فيه والتزوّد من القربات، فالصوم هو الركن الثاني من أركان الإسلام وهو مرتبط بشهر رمضان، ودعاء الصائم من الدعاء المستجاب بإذن الله، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم : الصائمُ حين يُفطِرُ ، والإمامُ العادلُ ودعوةُ المظلومِ”، فجميع أوقات رمضان هي أوقات استجابة دعاء وخصوصًا عند الإفطار، وقد قال الإمام النووي باستحباب الدعاء للصائم بمهمّات الدنيا والآخرة، وأن يدعو لنفسه ولأحبائه وللمسلمين.[3]
وهكذا يتبيّن أنّ تحرّي أوقات استجابة الدعاء والاستكثار منه وكثرة التضرّع واللجوء إلى الله تعالى، مع اليقين والإخلاص في الدعاء من الأسباب التي تؤدّي إلى إجابته وقبوله، ولا بدّ للمسلم أن يحرص حرصًا شديدًا على معرفة هذه الأسباب والالتزام بها، فالدعاء عبادة من أهم العبادات التي أمر الله تعالى بها في كتابه العزيز، ومن الآيات التي ورد فيها الحض على الدعاء قول الله تعالى في سورة البقرة: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”،[7] والله أعلم.[3]
وبجميع ما سبق نكون قد تحدّثنا عن كيفية استجابة الدعاء بسرعة، وتطرّقنا إلى أهم الأسباب والوسائل المعينة على قبوله، وفصلّنا القول في مسألة ساعة الاستجابة يوم الجمعة، وتطرّقنا إلى أوقات الاستجابة في رمضان، وأوضحنا أهمية الدعاء للصائم.
المراجع
- ^saaid.net , كيف تكون مستجاب الدعوة , 14102020
- ^islamqa.info , تحديد ساعة الاستجابة يوم الجمعة , 14102020
- ^islamweb.net , الأوقات التي يستحب فيها الدعاء في شهر رمضان , 14102020
- ^سورة النمل , الآية 62.
- ^سورة غافر , الآية 14.
- ^سورة الأعراف , الآية 55.
- ^سورة البقرة , الآية 186.
- ^صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 6340، حديث صحيح.
- ^صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 5294، حديث صحيح.
- ^صحيح مسلم , مسلم، أبو موسى الأشعري، 853 ، حديث صحيح.
- ^صحيح النسائي , الألباني، جابر بن عبدالله، 1388 ، حديث صحيح.