اتفاقية تركية يونانية أنهت أزمات تسبب بها العثمانيون
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، شهدت الدولة العثمانية بداية الحرب اليونانية التركية التي سبقت قيام جمهورية تركيا يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 1923. وقد اندلعت هذه الحرب عقب تلقي اليونانيين لوعود من قبل الحلفاء بالحصول على مكاسب بالأناضول. إلى ذلك، جاء التدخل العسكري اليوناني عقب مطالبة اليونان، بقيادة الملك ألكسندر الأول، باستعادة الأراضي اليونانية التاريخية، التي كانت سابقا ملكا لليونانيين والبيزنطيين، قبل قدوم الأتراك ما بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر.
وقد استمرت هذه الحرب ما بين عامي 1919 و1922، ووضعت الحركة التركية الوطنية، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، في وجه القوات اليونانية، وانتهت بانتصار قوات أتاتورك وإعلان قيام الجمهورية وزوال الدولة العثمانية.
تقارب يوناني تركي
مع نهاية الحرب التركية اليونانية، اتجه رئيس الوزراء اليوناني إلفثيريوس فينيزيلوس (Eleftherios Venizelos) لفتح صفحة جديدة مع الجمهورية التركية التي نشأت عقب نهاية الدولة العثمانية. وانطلاقا من ذلك، حاول فينيزيلوس إعادة العلاقات لطبيعتها مع الحكومة التركية الجديدة التي تزعّمها مصطفى كمال أتاتورك. وقد جاء فينيزيلوس باقتراح لإنهاء الأزمة بغرب الأناضول، مؤكدا على ضرورة إنهاء ما عرف باتفاقية التبادل السكاني بين تركيا واليونان. وبسبب هذا التقارب، اتهم عدد كبير من السياسيين اليونانيين فينيزيلوس بتقديم تنازلات كبيرة وإلحاق الضرر بمصالح اليونان.
وبالفترة التالية، أعلنت اليونان تنازلها عن جميع مطالبها باسترجاع أراضي اليونان التاريخية التي ضمت حسب اتفاقية لوزان للجمهورية التركية. وبفضل ذلك، أبرم الطرفان أواخر نيسان/أبريل 1930 اتفاقية تفاهم أنهت الأزمات التي تسبب فيها العثمانيون بالمنطقة على مدار قرون. ويوم 25 تشرين الأول/أكتوبر 1930، زار فينيزيلوس تركيا والتقى أتاتورك قبل أن يوقع على اتفاقية صداقة يونانية تركية. وخلال العام 1934، رشّح فينيزيلوس الرئيس التركي أتاتورك لنيل جائزة نوبل للسلام لدوره في إنهاء الخلافات والأزمات التي سببتها الدولة العثمانية على مدار قرون.
اتفاقية أنهت الأزمات العثمانية بالمنطقة
خلال العام 1933، قاد رئيس الوزراء اليوناني الجديد باناجيس تسالداريس (Panagis Tsaldaris) زيارة لتركيا التقى أثناءها أتاتورك قبل أن يناقش معه عددا من بنود معاهدة البلقان.
وبأثينا يوم 9 شباط/فبراير 1934، وقّعت كل من اليونان وتركيا ويوغوسلافيا ورومانيا على معاهدة البلقان التي دعت للحفاظ على الحدود بين مختلف هذه الدول واحترام سيادتها وحماية حقوق الأقليات وتجنب النزاعات.
من جهة ثانية، حاولت الأطراف الموقعة على معاهدة البلقان إنهاء حالة الاحتقان بالمنطقة عن طريق التخلي عن المطالب الجغرافية والحفاظ على الوضع الجيوسياسي بالأناضول عقب الحرب العالمية الأولى. وبالفترة التالية، ثبّتت هذه المعاهدة لدى منظمة عصبة الأمم مطلع تشرين الأول/أكتوبر 1934. وفي الأثناء، شجبت كل من ألبانيا وإيطاليا وبلغاريا والاتحاد السوفيتي هذه الاتفاقية، ورفضوا التوقيع عليها. وبالفترة التالية، وقعت كل من اليونان وتركيا اتفاقية إضافية مع بلغاريا لضمان سيادتها على حدودها.
إلى ذلك، عرفت هذه الاتفاقية نهايتها مطلع الأربعينيات عقب اجتياح دول المحور لكل من يوغوسلافيا واليونان. وبسبب ذلك، ظلت تركيا الدولة الوحيدة، التي حافظت على استقلالها، الموقعة على هذه المعاهدة.