أحمد فؤاد نجم.. “صوت المهمشين”
11:41 م
الأحد 03 ديسمبر 2023
كتب- محمد شاكر:
“مصر يامة يا بهية
يام طرحة وجلابية
الزمن شاب وانتي شابة
هو رايح وانتي جاية”
حلت اليوم الأحد 3 ديسمبر، ذكرى وفاة الشاعر أحمد فؤاد نجم، إذ ولد في 22 مايو عام 1929، ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 2013، عن عمر ناهز الـ 84 عاما.
ولم يكن أحمد فؤاد نجم، أحد أهم شعراء العامية في مصر، وأحد ثوار الكلمة وكان لقبه الفاجومي، وإنما كان بمثابة وزارة إعلام الغلابة وصوت المهمشين، في الكثير من المواقف والأحداث التاريخية التي مرت بمصر.
وقد دفع في سبيل هذا الأمر الكثير من سنوات عمره في السجن، وظل فخورا بما قدمه من أعمال، وما اتخذه من مواقف طوال حياته.
طفولة قاسية..
ولد أحمد فؤاد نجم، لأم فلاحة أمية من الشرقية “هانم مرسى نجم” وأب يعمل ضابط شرطة “محمد عزت نجم”، والتحق بكتّاب القرية، وعاش طفولة قاسية، بعد وفاة والده، حيث انتقل إلى بيت خاله حسين بالزقازيق، والتحق بملجأ أيتام عام 1936، ليخرج منه عام 1945 وعمره 17 سنة، بعد ذلك عاد لقريته للعمل راعيا للماشية، ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته، حيث عمل بعد ذلك في معسكرات الجيش الإنجليزي والتقى بعمال المطابع الشيوعيين، واشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال.
محطة فنية..
وتعد المحطة الفنية الأبرز في حياة الفاجومي هي تعرفه على الشيخ إمام في حارة حوش آدم، حيث أصبحا ثنائيًا معروفًا وأصبحت الحارة ملتقى المثقفين، وقد نجحا في إثارة الشعب وتحفيز هممه قديما ضد الاستعمار ثم ضد الديكتاتورية الحاكمة ثم ضد غيبة الوعي الشعبي، ويقول نجم عن رفيق حياته إنه “أول موسيقي تم حبسه في المعتقلات من أجل موسيقاه وإذا كان الشعر يمكن فهم معناه فهل اكتشف هؤلاء أن موسيقى إمام تسبهم وتفضحهم”.
معارك نجم..
خاض الفاجومي العشرات من المعارك طوال حياته، وكانت أشعاره عنوان الجرأة والثورية، ومن أهم قصائده: (يا فلسطينية) و(شيد قصورك) و(يعيش أهل بلدي) و(جيفارا مات) و(بقرة حاحا) و(مصر يا امه يا بهية) التي تضمنها فيلم (العصفور) ليوسف شاهين عام 1972 و(شرفت يا نيكسون بابا) بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون لمصر عام 1974.
ويذكر الروائي عبده جبير في كتابه الفاجومي، أن ديوان (صور من السجن والحياة) الذي كتبه نجم متأثرا بصحبة مثقفي اليسار في السجن أثار معركة حامية في المجلس الأعلى للفنون والآداب وانقسمت بشأنه آراء لجنة الشعر إذ رفضه عباس محمود العقاد وتحمس له بيرم التونسي وسهير القلماوي ومحمد فريد أبو حديد وحصل الديوان على الجائزة وأوصت اللجنة بطبعه على نفقة المجلس كما أوصت برعاية الشاعر الذي عين في منظمة التضامن الأفروآسيوي، بعد خروجه من السجن.
وفي عصر الرئيس عبدالناصر كان نجم ضيفا دائما على سجونه، إلا أنه صاحب مشروع وكان ضمير الشعب المصرى، ودخل فى معارك ضد الاستعمار، لذلك استحق قصيدة الرثاء التى كتبها فيه، على حد وصفه في أحد اللقاءات التي جرت معه.
أما في عهد السادات فكان الوضع أكثر سوءا، ولم يتسامح معه السادات بعد أن كتب قصائد لاذعة وساخرة منه ومن سياساته واعتقل عددا من المرات، وتم اتهامه بإهانة رئيس الجمهورية، حيث كتب قصيدة “نيكسون بابا” بعد زيارة الرئيس الأمريكى “ريتشارد نيكسون”، وتقول: “شرفت يا نيكسون بابا.. يا بتاع الووتر جيت..عملولك قيمه وسيما.. سلاطين الفول والزيت..فرشولك أوسع سكه..من راس التين على مكه..وهناك تنزل على عكا..ويقولوا عليك حجيت.. ما هو مولد ساير داير..شى الله يا صحاب البيت.. جواسيسك يوم تشريفك.. عملولك زفه وزار”.
أما في عهد الرئيس الأسبق مبارك، فقد كتب عدة قصائد لاذعة أيضا، كما كتب قصيدة “فى عيد ميلادك الكام وسبعين”، يقول فيها: “فى عيد ميلادك الكام وسبعين، كل سنة وانت طيب واحنا مش طيبين، كل سنة وانت حاكم واحنا محكومين، واحنا مظلومين، واحنا متهانين، ويا ترى يا حبيب الملايين، فاكرنا ولا احنا خلاص منسيين، فاكر المعتقلين، فاكر الجعانين، فاكر المشردين، فاكر اللى ماتو محروقين، فاكر الغرقانين، الله يكون فى عونك، ها تفتكر مين وللا مين..”.