منوعات

آفة أصابت ثلاث دول

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عندما ذهب الطرفان المتصارعان في السودان إلى مفاوضات في جدة، فإنهما ذهبا إلى مفاوضات غير مباشرة، وكان هذا مما يبعث على الحزن في الأمر، أكثر مما يبعث على أي شيء آخر .

ذلك أن معنى ذهابهما إلى مفاوضات بهذا المسمى، أنهما لن يجلسا معاً على مائدة واحدة، ولكن سيجلس مندوب كل طرف منهما في مكان، وسوف تسعى بينهما الجهة الداعية، وستنقل وجهة نظر هذا إلى ذاك، ثم رد ذاك على هذا، وهكذا إلى أن يكون بينهما اتفاق أو توافق .

ونحن نعرف أن الدعوة إلى لقاء جدة، جاءت في يوم السبت ٦ مايو، أي أنها جاءت بعد بدء القتال بين الطرفين بثلاثة أسابيع كاملة !

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة كانت هناك دعوات إلى لقاءات من نوع لقاء جدة، ولكنها لم تنجح في جمع الطرفين على طاولة واحدة، وكل ما تم كان عبارة عن هدنة بينهما تكررت، وتكرر خرقها في الوقت نفسه، ولم يكن ذلك كله يعني شيئاً سوى أن الفجوة بين عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، ومحمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، فجوة كبيرة وليس من السهل ردمها ولا القفز فوقها .

ولم تكن تلك هذه هي المرة الأولى التي تنعقد فيها مفاوضات غير مباشرة بين طرفين، فلقد انعقدت من قبل مفاوضات من النوع نفسه بين الحكومة الإسرائيلية مثلاً، وبين الفلسطينيين .. وكان هذا مفهوماً بحكم ما بينهما من عداء طويل .. أما أن ينعقد التفاوض غير المباشر بين طرفين عربيين ينتميان الى بلد واحد، ويحملان الجنسية الواحدة، فهذا هو الجديد في حقيقة الأمر .

وهو ليس جديداً بالكامل، لأن خلافاً إلى هذا الحد بين أبناء البلد العربي الواحد تكرر من قبل في صور أخرى، سواء في ليبيا على حدودنا في الغرب، أو في اليمن في جنوب الجزيرة العربية .

إن ليبيا على سبيل المثال لا تزال تعرف حكومتين على أرضها؛ واحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في الغرب، وأخرى برئاسة فتحي باشاغا في الشرق! .. وعندما يعرف بلد حكومتين على أرضه، فهذا يصور لك إلى أي حد وصلت الأمور بين أهل الوطن الواحد .

وفي اليمن قامت جماعة الحوثيين تقاتل الحكومة الشرعية فأخرجتها من صنعاء العاصمة .. ورغم أن هناك ما يشبه الانفراجة بين الطرفين في الفترة الأخيرة، وبالذات منذ توقيع اتفاق بين السعودية وإيران في العاشر من مارس برعاية صينية، إلا أن الحكومة اليمنية لا تزال غير قادرة عن دخول عاصمة البلاد، ولا يزال مقرها في مدينة عدن في الجنوب !

وفي وقت من الأوقات بلغت المأساة ذروتها فتبادل الطرفان الأسرى، وقرأنا عن مفاوضات بينهما انتهت الى أن يرد كل طرف الأسرى لديه إلى الطرف الثاني !

هذه عينة من ثلاث دول في دنيا العرب، ولا شك في أن العينة تكشف لنا عن طبيعة الجسد التي أخذت منه، وكذلك عن شكل الآفة التي أصابت الجسد العربي !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button