يثير مراكز البيانات قلقًا متزايدًا بشأن استهلاك الطاقة، خاصة مع التوسع الهائل في خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. ثلاثة نواب ديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي أطلقوا تحقيقًا رسميًا في هذا الأمر، مطالبين شركات التكنولوجيا الكبرى بتقديم معلومات مفصلة حول استهلاك الطاقة في مراكزها، بالإضافة إلى فواتير الكهرباء التي تتحملها الشركات الأخرى والأفراد نتيجة لهذا الاستهلاك. بدأ هذا التحقيق في شهر مايو 2024، ويستهدف شركات مثل Amazon و Microsoft و Google.

التحقيق، الذي يقوده نواب من لجان الرقابة والطاقة والتجارة في مجلس النواب، يهدف إلى فهم الأثر البيئي والاقتصادي المتزايد لمراكز البيانات. يركز النواب على الشفافية في ممارسات استهلاك الطاقة، وكيفية تأثير هذا الاستهلاك على شبكات الكهرباء المحلية، وما إذا كانت الشركات تتخذ خطوات كافية لتقليل بصمتها الكربونية. يشمل ذلك أيضًا دراسة تأثير ارتفاع الطلب على الطاقة على أسعار الكهرباء للمستهلكين والشركات الصغيرة.

الضغط على شركات التكنولوجيا بشأن استهلاك مراكز البيانات

تأتي هذه الخطوة في ظل تزايد المخاوف بشأن البصمة الكربونية لقطاع التكنولوجيا، والذي يعتمد بشكل كبير على مراكز البيانات لتشغيل خدماته. تستهلك مراكز البيانات كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل الخوادم وأنظمة التبريد، مما يجعلها مساهمًا كبيرًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وفقًا لتقديرات مختلفة، يمثل استهلاك الطاقة في مراكز البيانات نسبة متزايدة من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي. تشير بعض التقارير إلى أن هذه النسبة قد تصل إلى 1-3% حاليًا، ومن المتوقع أن ترتفع بشكل كبير مع استمرار نمو الطلب على الخدمات الرقمية.

أسباب التحقيق

هناك عدة عوامل دفعت النواب الديمقراطيين إلى إطلاق هذا التحقيق. أولاً، هناك نقص في الشفافية من جانب شركات التكنولوجيا فيما يتعلق باستهلاكها الفعلي للطاقة. ثانيًا، هناك قلق متزايد بشأن تأثير هذا الاستهلاك على أسعار الكهرباء للمستهلكين والشركات الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يرى النواب أن هناك حاجة إلى فهم أفضل للجهود التي تبذلها شركات التكنولوجيا لتقليل بصمتها الكربونية. يريدون التأكد من أن الشركات تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة وتتبنى ممارسات كفاءة الطاقة في مراكز البيانات الخاصة بها.

المعلومات المطلوبة من الشركات

طلب النواب من شركات التكنولوجيا تقديم مجموعة واسعة من المعلومات، بما في ذلك:

• بيانات مفصلة عن استهلاك الطاقة في جميع مراكز البيانات التابعة لها، بما في ذلك مصادر الطاقة المستخدمة.

• معلومات حول فواتير الكهرباء التي تدفعها الشركات الأخرى والأفراد في المناطق التي توجد بها مراكز البيانات.

• وصف للخطوات التي تتخذها الشركات لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة الطاقة في مراكز البيانات.

• خطط الشركات للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

يهدف جمع هذه المعلومات إلى رسم صورة واضحة عن الوضع الحالي، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، ووضع توصيات لسياسات جديدة.

التأثير المحتمل على قطاع الحوسبة السحابية

قد يكون لهذا التحقيق تأثير كبير على قطاع الحوسبة السحابية، الذي يعتمد بشكل كبير على مراكز البيانات. إذا تبين أن شركات التكنولوجيا لا تتخذ خطوات كافية لتقليل بصمتها الكربونية، فقد تواجه ضغوطًا متزايدة لتبني ممارسات أكثر استدامة.

قد يؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف بالنسبة لشركات التكنولوجيا، حيث سيتعين عليها الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتكنولوجيا كفاءة الطاقة. ومع ذلك، قد يؤدي أيضًا إلى ابتكارات جديدة في مجال تكنولوجيا مراكز البيانات، مما قد يؤدي إلى تقليل استهلاك الطاقة بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، قد يدفع هذا التحقيق الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ إجراءات مماثلة. هناك بالفعل اهتمام متزايد بالبصمة الكربونية لقطاع التكنولوجيا، ومن المرجح أن يؤدي هذا التحقيق إلى زيادة هذا الاهتمام.

الاستدامة وتكاليف التشغيل

تعتبر الاستدامة قضية متنامية الأهمية بالنسبة لشركات التكنولوجيا، ليس فقط بسبب الضغوط التنظيمية والاجتماعية، ولكن أيضًا بسبب الفوائد الاقتصادية المحتملة. يمكن أن تساعد ممارسات كفاءة الطاقة في تقليل تكاليف التشغيل، في حين أن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن يوفر حماية ضد تقلبات أسعار الوقود الأحفوري.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد الاستدامة شركات التكنولوجيا في جذب العملاء والمستثمرين الذين يهتمون بالبيئة.

يرتبط هذا التحقيق أيضًا بمناقشات أوسع حول البنية التحتية الرقمية وأثرها على البيئة. مع استمرار نمو الاقتصاد الرقمي، من المهم التأكد من أن البنية التحتية التي تدعمه مستدامة وفعالة.

من المتوقع أن يرسل النواب الديمقراطيون طلباتهم الرسمية إلى شركات التكنولوجيا في الأيام القليلة المقبلة. تم تحديد موعد نهائي لتقديم المعلومات في غضون 30 يومًا من تاريخ الطلب. بعد ذلك، سيقوم النواب بتحليل المعلومات وتقييم ما إذا كانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات إضافية. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا التحقيق سيؤدي إلى تشريع جديد، ولكن من المؤكد أنه سيضع ضغوطًا متزايدة على شركات التكنولوجيا لتبني ممارسات أكثر استدامة.

شاركها.