بعد شهور من الذعر الذي اجتاح الأسواق المالية عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن موجة جديدة من الرسوم الجمركية، عادت البورصات الأمريكية لتحقق مستويات قياسية مع دخول عطلة الرابع من يوليو، مدفوعة بآمال التهدئة التجارية وسياسات اقتصادية توسعية.
أغلق مؤشر إس آند بي 500 ومؤشر ناسداك الأسبوع عند أعلى مستوياتهما على الإطلاق، رغم اقتراب انتهاء فترة التجميد المؤقت للرسوم الجمركية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان المستثمرون يبالغون في التفاؤل.
“كان اتجاه الرسوم الجمركية في اتجاه واحد خلال الشهرين الماضيين، وهو اتجاه إيجابي”، وفق ما ذكره جيف شولز رئيس إستراتيجية الاقتصاد والأسواق في شركة كليربريدج إنفستمنت التي تدير أصولا بقيمة 180.4 مليار دولار لـ “ماركت ووتش”.
هذا التعافي جاء مدفوعا بإطار اتفاق مع الصين ساعد على تهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، في وقت يتوقع فيه المستثمرون أن يتم تمديد فترة تعليق الرسوم، ما قد يجعل الموعد النهائي في 9 يوليو بلا تأثير يُذكر.
قال كلارك بيلين، رئيس قسم الاستثمار في “بيلويذر ويلث” التي تدير 630 مليون دولار: “إن وضع الأسهم خلال النصف الثاني من 2025”.
ويتطلع المستثمرون إلى صفقات تجارية محتملة، وتمديد التخفيضات الضريبية لـ2017 مع إقرار قانون ترمب الكبير للضرائب والإنفاق، وتهدئة التوترات الجيوسياسية، واستعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
من جهة أخرى، أسهم تمرير مشروع قانون ترمب الكبير للإنفاق والضرائب في تعزيز الثقة، حيث يوفر دفعة تحفيزية إضافية للاقتصاد، وفق ما أشار إليه خوسيه توريس، كبير الاقتصاديين في إنتراكتف بروكرز، الذي اعتبر أن الحماسة في الأسواق تعود جزئيا إلى هذه الحوافز “ذات الطابع الهيكلي”.
أسهمت بيانات الوظائف الأمريكية ليونيو، التي أظهرت إضافة 147 ألف وظيفة وتراجع معدل البطالة إلى 4.1%، في دفع مؤشرات الأسهم نحو مستويات قياسية جديدة.
وارتفع مؤشر إس آند بي500 بنسبة 0.8% ليغلق عند 6,279.35 نقطة، بينما تقدم ناسداك 1% إلى 20,601.10 نقطة. أما مؤشر داو جونز، فصعد 344 نقطة ليغلق عند 44,828.53 نقطة.
يرى شولز أن المستثمرين لا يرغبون في “الوقوف في وجه السوق”، مشيرًا إلى أن موجة الارتفاع القوية منذ أبريل التي بلغت 19.8% خلال 50 يومًا فقط، تُعد من بين الأقوى في التاريخ الحديث، وأن هذه الأنماط غالبا ما تتبعها مكاسب إضافية خلال الأشهر التالية.
لكن في المقابل، يحذر بعض الإستراتيجيين من الإفراط في الحماس.
سكوت ورين من معهد ويلز فارجو للاستثمار يرى أن التفاؤل السائد بشأن التوقعات التجارية ربما يكون مفرطا، ويحذر من أن دخول الرسوم حيز التنفيذ قد يبطئ النمو ويزيد من البطالة ويضغط على الإنفاق الاستهلاكي.
وأشار ورين إلى أن هناك قطاعات باتت مبالغًا في تقييمها، مثل الشركات الصغيرة والقطاعات الصناعية والاستهلاكية، ويوصي بتقليص الانكشاف عليها، وإعادة توزيع الاستثمارات نحو قطاعات أكثر جاذبية مثل التكنولوجيا والطاقة والخدمات المالية والمرافق العامة والاتصالات.
في النهاية، وبينما تستفيد الأسواق من التهدئة الحالية، يبقى السؤال الأهم: هل هذه المرحلة “المثالية” التي تبدو بلا منغصات ستستمر؟ أم أن عودة تقلبات الأسواق باتت مسألة وقت؟