لطالما أثارت علاقة أبل والصين جدلا واسعا. وفي ذلك صدر كتاب “أبل في الصين”، للصحافي الاقتصادي باتريك ماكجي، الذي يتناول موضوع وجود أبل في الصين منذ التسعينيات.

يجادل الكتاب بأن الشركة بالغت في تعزيز عملياتها في الصين، ما يشعل جدلا بين محللي شؤون البلاد، إذ يرى بعضهم أن الشركة ربما لم تكن تملك خيارات واقعية أخرى، بحسب ما ذكرته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.

تساءلت ميج ريثماير، أستاذة في كلية هارفارد للأعمال، خلال ندوة عقدها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، قائلة: “لو أتيح لهم أن يعيدوا الكرّة، هل كانوا سيتصرفون بشكل مختلف؟”.

وأجابت: “على الأرجح لا”. مضيفة أن الصين شهدت موجة هائلة من الابتكار والتصنيع، “وتفويت هذه الفرصة يعني عدم وصول الشركة إلى ما هي عليه اليوم”.

يُجادل الكتاب، على حد تعبير ماكجي، بأن شركة وادي السيليكون البارزة ارتكبت “خطأ فادحا بوضع كل البيض (كل عملياتها) في سلة واحدة (الصين)”.

ويرى الكاتب، الذي غطى أخبار شركة أبل لصحيفة فاينانشال تايمز، أن “الصين لم تكن لتصبح على ما هي عليه اليوم لولا أبل” -وهو ما خالفته ريثماير جزئيا، قائلة إن الصين “على الأرجح” كانت ستلحق بركب الشركات الأمريكية حتى من دون شركات مثل أبل وتسلا، وأن العلاقة اليوم ليست علاقة تستفيد فيها الصين وحدها.

وأضافت أن الشركات الأمريكية “تسعى للبقاء في الصين”، ليس فقط لتحقيق الأرباح أو للاستفادة من العمالة الرخيصة، بل “من أجل التعلم ومعرفة ما يفعله المنافسون هناك”.

في الأعوام الأخيرة، شددت واشنطن على مخاطر التعامل مع الصين، وطرحت تساؤلات حول جدوى العلاقات الاقتصادية التي أقيمت منذ التسعينيات وأوائل الألفية، واستندت بشكل أساسي إلى انخفاض تكلفة العمالة الصينية.

ورغم تصاعد التوترات التجارية، خاصة مع فرض الرسوم الجمركية، أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأمريكية في الصين خلال مايو الماضي، شمل 112 شركة، أن الغالبية لا تخطط لمغادرة السوق الصينية.

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب قد استثنت الهواتف الذكية والحواسيب وأشباه الموصلات والإلكترونيات الأخرى من رسومها الجمركية “المتبادلة” المفروضة على الواردات الصينية في أبريل.

في المقابل، بدأ بعض المحللين بالتعبير عن مخاوفهم من أن الجهود المبذولة لتعزيز التنافسية الأمريكية وحماية الأمن القومي عبر تقليل الاعتماد على الصين، قد لا تحقق نتائجها.

في الأشهر الأخيرة، أثارت قدرة الصين على الابتكار قلقا متزايدا مع ظهور نماذج ذكاء اصطناعي منخفضة التكلفة من شركة ديب سيك الصينية، وهو ما يعزو بعضهم سببه إلى القيود الأمريكية على تصدير رقائق أشباه الموصلات.

من جانبه، تساءل جيفري دينج، باحث متخصص في التكنولوجيا الناشئة والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، عما إذا كان هناك سيناريو بديل كانت ستربح فيه شركات مثل أبل ومايكروسوفت بشكل أكبر لو أنها لم تستثمر في الصين.

وأشار دينج إلى دراسة أكاديمية معروفة خلصت إلى أن الصين لا تمثل سوى حصة ضئيلة من القيمة الاقتصادية الناتجة من تصنيع أجهزة آيفون، ما يُضعف فكرة أن أبل منحت الصين دفعة تكنولوجية هائلة.

وفي الوقت نفسه، أوضح دينغ أن منافع العلاقات الاقتصادية الأمريكية الصينية تتجاوز الجوانب المالية، إذ تسهم — من وجهة نظر العلاقات الدولية — في الحد من احتمالات نشوب الحروب وتصاعد النزاعات بين القوى الكبرى.

شاركها.