كشف تحقيق استقصائي حديث عن قائمة تضم 46 شخصًا، من بينهم مليارديرات وأفراد تم تعيينهم لاحقًا في مناصب مؤثرة، ممن تلقوا مزايا خاصة خلال فترة ولاية حكومية سابقة. يركز التحقيق على ما يسمى بـ “تأثير الواسطة” (Ta’thir al-Wasta) وكيف يمكن للعلاقات الشخصية أن تؤثر على القرارات الحكومية. وقد أثار هذا الكشف جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية في البلاد.

نشرت صحيفة “الصدى” (Al-Sada) نتائج التحقيق الذي استغرق عدة أشهر، والذي يزعم أن الأفراد المدرجين في القائمة استفادوا من عقود حكومية، وتراخيص خاصة، وتعيينات في مناصب رفيعة المستوى. تغطي الفترة الزمنية المشمولة بالتحقيق السنوات من 2018 إلى 2022، وتتركز بشكل أساسي في العاصمة والمدن الرئيسية الأخرى. تتضمن القائمة أسماءً بارزة في قطاعات الأعمال والعقارات والتمويل.

التحقيق في تأثير الواسطة: تفاصيل القائمة والمزاعم

التحقيق، الذي اعتمد على وثائق مسربة وسجلات عامة ومقابلات مع مصادر مطلعة، يوضح كيف تم منح هؤلاء الأفراد معاملة تفضيلية. وفقًا للصحيفة، تم منح بعض الشركات المملوكة لأفراد في القائمة عقودًا حكومية بقيمة ملايين الدولارات دون اتباع الإجراءات القانونية المعتادة.

العقود الحكومية والتراخيص الخاصة

تشير الوثائق التي حصلت عليها “الصدى” إلى أن بعض الشركات حصلت على تراخيص بناء في مناطق حساسة بيئيًا، بينما تم إعفاء شركات أخرى من الضرائب والرسوم. كما يزعم التحقيق أن بعض الأفراد في القائمة استفادوا من أسعار تفضيلية لشراء الأراضي والعقارات المملوكة للدولة.

التعيينات في المناصب الرفيعة

بالإضافة إلى ذلك، يركز التحقيق على التعيينات التي تمت في المناصب الحكومية العليا. يقول التقرير أن العديد من الأفراد في القائمة، الذين لم يكونوا يتمتعون بالخبرة أو المؤهلات اللازمة، تم تعيينهم في مناصب رئيسية في الوزارات والهيئات الحكومية.

أثار هذا التحقيق ردود فعل متباينة. فقد دعا بعض السياسيين إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في المزاعم الواردة في التقرير. بينما قلل آخرون من أهمية التحقيق، واصفين إياه بأنه محاولة لتشويه سمعة الحكومة.

أصدرت الحكومة بيانًا رسميًا تعرب فيه عن أسفها لما ورد في التحقيق، وتؤكد أنها ملتزمة بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. ومع ذلك، لم تعلن الحكومة عن أي خطوات ملموسة للتحقيق في المزاعم الواردة في التقرير.

تداعيات “تأثير الواسطة” على الاقتصاد والمجتمع

يثير هذا الكشف تساؤلات حول نزاهة النظام السياسي والاقتصادي في البلاد. فقد يؤدي تأثير الواسطة إلى تقويض الثقة في المؤسسات الحكومية، وإعاقة النمو الاقتصادي، وزيادة عدم المساواة الاجتماعية.

يعتقد بعض الخبراء أن هذه الممارسات قد تثبط الاستثمار الأجنبي، وتؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وتزيد من معدلات البطالة. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي إلى تفشي الفساد في القطاع العام، وتقويض سيادة القانون.

الشفافية (Al-Shafafiyya) والمساءلة هما مفتاح مكافحة الفساد وتعزيز الثقة في المؤسسات الحكومية. يتطلب ذلك تطبيق قوانين صارمة، وإنشاء هيئات مستقلة لمكافحة الفساد، وضمان حرية الصحافة والإعلام.

الحوكمة الرشيدة (Al-Hukuma al-Rashida) هي أيضًا ضرورية لضمان توزيع عادل للموارد، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، وتحسين مستوى معيشة المواطنين. يتطلب ذلك تطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة في صنع القرار.

في المقابل، يرى البعض أن هذه القائمة قد لا تعكس الصورة الكاملة، وأن هناك عوامل أخرى قد تكون ساهمت في نجاح هؤلاء الأفراد. ومع ذلك، فإن المزاعم الواردة في التحقيق تثير قلقًا بالغًا، وتستدعي إجراء تحقيق شامل وشفاف.

أعلنت النيابة العامة أنها فتحت تحقيقًا أوليًا في المزاعم الواردة في تقرير “الصدى”. ومن المتوقع أن يستغرق التحقيق عدة أشهر، وقد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى بعض الأفراد المدرجين في القائمة.

من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا التحقيق سيؤدي إلى تغييرات حقيقية في النظام السياسي والاقتصادي في البلاد. ومع ذلك، فإن هذا الكشف يمثل نقطة تحول مهمة، وقد يدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية.

من المتوقع أن يصدر تقرير النيابة العامة الأولية بحلول نهاية الربع الأول من العام القادم. سيراقب المراقبون عن كثب سير التحقيق، وما إذا كان سيتم محاسبة المسؤولين عن هذه المزاعم. كما سيراقبون ما إذا كانت الحكومة ستتخذ خطوات ملموسة لتعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع العام.

شاركها.