حذر صحفيون مخضرمون خلال مشاركتهم في قمة DealBook من تدخل الرئيس السابق دونالد ترامب في عمل الصحافة، بينما رأى مشاركون من وسائل الإعلام الجديدة أنه مجرد “منفذ” لقطاع فقد مصداقيته بالفعل. وقد أثيرت هذه القضية خلال نقاش حول مستقبل الصحافة وتحدياتها المتزايدة في العصر الحديث، وذلك في نيويورك يوم الأربعاء. وتأتي هذه التصريحات في ظل تزايد المخاوف بشأن الاستقطاب السياسي وتأثيره على تغطية الأخبار.

النقاش، الذي عقد في فندق The Times Square في مدينة نيويورك، جمع بين شخصيات بارزة من مختلف أطياف الإعلام، بما في ذلك صحفيين عملوا لعقود في المؤسسات الإخبارية التقليدية ورواد في مجال الإعلام الرقمي. وقد سلط المشاركون الضوء على التغيرات الجذرية التي طرأت على المشهد الإعلامي، والتحديات التي تواجه الصحافة في الحفاظ على دورها الحيوي في المجتمع.

تأثير ترامب على مصداقية الصحافة: وجهات نظر متباينة

أعرب الصحفيون المخضرمون عن قلقهم العميق إزاء محاولات الرئيس ترامب المستمرة لتقويض ثقة الجمهور في وسائل الإعلام، ووصفوا أساليبه بالـ “تخريبية” و”الخطيرة”. وأشاروا إلى أن هجماته المتكررة على الصحفيين والمؤسسات الإخبارية قد ساهمت في خلق مناخ من الشك وعدم الثقة، مما أدى إلى تآكل أسس الصحافة الديمقراطية.

هجمات ترامب المباشرة

ركز هؤلاء الصحفيون على حقيقة أن ترامب كان يرفض بشكل روتيني الإجابة على أسئلتهم، ويصف تقاريرهم بـ “الأخبار الكاذبة”، ويحرض أنصاره ضد الصحفيين الذين ينتقدونه. وقد أدت هذه الأفعال، بحسبهم، إلى زيادة التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون، وتقليل قدرتهم على الوصول إلى المعلومات الضرورية لخدمة الجمهور.

However, الجيل الجديد من الصحفيين، الذين يمثلون وسائل الإعلام الرقمية والمنصات الاجتماعية، قدموا وجهة نظر مختلفة. ورأوا أن ترامب لم يكن سوى عامل مسرع لعملية تدهور كانت جارية بالفعل في قطاع الصحافة.

تراجع الثقة في المؤسسات الإخبارية التقليدية

وأكد هؤلاء المشاركون أن المؤسسات الإخبارية التقليدية كانت تعاني من تراجع في المصداقية والثقة العامة قبل وصول ترامب إلى السلطة. ويعزو هذا التراجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك التحيز السياسي المتزايد، والتركيز على الإثارة بدلًا من التحليل المتعمق، وصعوبة التكيف مع التغيرات التكنولوجية السريعة.

Additionally, أشاروا إلى أن الجمهور أصبح أكثر اعتمادًا على مصادر الأخبار البديلة، مثل المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي، التي غالبًا ما تفتقر إلى المعايير المهنية التي تلتزم بها الصحافة التقليدية. وهذا التحول، بحسبهم، قد أدى إلى انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة، مما زاد من صعوبة مهمة الصحافة في تقديم الحقائق للجمهور.

النقاش لم يقتصر على دور ترامب، بل امتد ليشمل التحديات الأخرى التي تواجه الصحافة، مثل الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وتراجع الإيرادات الإعلانية، وصعوبة تحقيق الاستدامة المالية.

الاستقطاب السياسي وتأثيره على التغطية الإخبارية

أحد الجوانب الرئيسية التي تم تناولها هو تأثير الاستقطاب السياسي على تغطية الأخبار. وأشار المشاركون إلى أن وسائل الإعلام أصبحت أكثر انقسامًا، حيث تميل كل مؤسسة إخبارية إلى مخاطبة جمهور معين يشاركها نفس الآراء السياسية.

In contrast, هذا الانقسام، بحسبهم، قد أدى إلى تراجع الحياد والموضوعية في التغطية الإخبارية، وزيادة صعوبة الوصول إلى توافق في الآراء حول القضايا الهامة. كما أشاروا إلى أن وسائل الإعلام غالبًا ما تقع في فخ “تأطير” الأخبار بطريقة تخدم أجندة سياسية معينة، مما يؤثر على طريقة فهم الجمهور للأحداث.

العديد من المتحدثين أثاروا مسألة “غرف الصدى” (echo chambers) على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتعرض المستخدمون بشكل أساسي للمعلومات التي تؤكد معتقداتهم الحالية. وهذا، بحسبهم، يزيد من صعوبة كسر الحواجز بين وجهات النظر المختلفة، ويعزز الاستقطاب السياسي.

Meanwhile, تم التأكيد على أهمية الاستثمار في الصحافة المحلية، التي تلعب دورًا حيويًا في تغطية القضايا التي تهم المجتمعات المحلية، ومحاسبة المسؤولين المحليين.

العديد من المشاركين أبدوا تفاؤلًا حذرًا بشأن مستقبل الصحافة، مشيرين إلى أن هناك جهودًا متزايدة لتعزيز المصداقية والشفافية، وتطوير نماذج أعمال جديدة تضمن الاستدامة المالية.

الخطوة التالية المتوقعة هي نشر تقرير مفصل عن نتائج قمة DealBook، والذي من المتوقع أن يتضمن توصيات حول كيفية تعزيز دور الصحافة في المجتمع. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه التوصيات ستؤدي إلى تغييرات ملموسة، ولكن من المؤكد أن النقاش حول مستقبل الصحافة سيستمر في التطور في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها.

من الجدير بالملاحظة أن مستقبل الصحافة يعتمد بشكل كبير على قدرتها على التكيف مع التغيرات التكنولوجية، واستعادة ثقة الجمهور، وتقديم تغطية إخبارية دقيقة وموضوعية. كما أن دور المؤسسات التعليمية في تدريب الصحفيين الجدد وتعزيز المعايير المهنية سيكون حاسمًا في تشكيل مستقبل هذا القطاع الحيوي.

شاركها.