قوة الطلب والتوترات الجيوسياسية تقودان أسعار النفط إلى الصعود

تلقت أسعار النفط دعما قويا من توقعات الطلب، في الوقت الذي ألقت فيه التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بظلالها على الأسواق وأعطت مزيدا من القوة الدافعة، وفقا لما قاله لـ “الاقتصادية” خبراء متخصصون في قطاع النفط.
كانت أسعار الخام قد ارتفعت في نهاية تعاملات الجمعة، مواصلة حصد المكاسب للجلسة الثالثة على التوالي، وسط مخاوف تراجع الإمدادات.
كما حققت أسعار الخام ثاني مكاسب أسبوعية على التوالي، إذ عززت العقوبات الأميركية الجديدة على إيران وخطة جديدة من دول تحالف “أوبك+” لخفض الإنتاج التوقعات بتراجع المعروض.
وبينما يشير سحب 2.8 مليون برميل من نواتج التقطير الأمريكية إلى طلب قوي، على نحو يعوّض الأثر الهبوطي لارتفاع مخزونات الخام، فإن قرارات تحالف “أوبك +” الأخيرة والعقوبات الأمريكية على إيران تشير إلى ضغوط على المعروض.
وبلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 72.16 دولار للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68.28 دولار للبرميل.
ضغوط على المعروض
توقعت وكالة “أرجوس” النفطية تطورات إيجابية في توازن السوق، بعد تقديم سبعة دول أعضاء في تحالف “أوبك+” خططا إلى أمانة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) توضح بالتفصيل كيف تنوي تعويض إنتاجها فوق أهداف إنتاج النفط الخام منذ يناير 2024.
تظهر الخطط أن السعودية والعراق وكازاخستان وروسيا والإمارات والكويت وسلطنة عمان ستخفض إنتاجها المجمع بمعدل 263 ألف برميل يوميا على مدى 15 شهرا حتى يونيو من العام المقبل.
وينوي تحالف “أوبك+” تطبيق تخفيضات شهرية تصل إلى 435 ألف برميل يوميا حتى عام 2026 لتعويض الإنتاج الزائد السابق ودعم الأسعار، وفقا لمحللين تحدثوا لـ “الاقتصادية”.
في الوقت ذاته، قد تؤدي العقوبات الأمريكية على إيران إلى إزالة نحو مليون برميل يوميا من السوق، بما يعطي المزيد من الدعم الصعودي لعقود النفط الآجلة، بحسب ما قالته لـ “الاقتصادية” إيزابيل نيدوشال، مديرة شركة “Colimider” في النمسا.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الخميس فرض عقوبات جديدة على إيران، تستهدف فردا واحدا وعددا من الكيانات والسفن، من بينها مصفاة نفط صينية تابعة للقطاع الخاص، قالت إنها يشتبه في قيامها بشراء ومعالجة النفط الإيراني.
وهذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها مصفاة صينية مستقلة على خلفية العقوبات الموجهة ضد إيران، بحسب نيدوشال.
طلب قوي
تسهم التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر والشرق الأوسط في تعزيز علاوات المخاطر ودعم أسعار النفط الخام، حيث تنذر بتشديد المعروض العالمي من الخام.
وعلى الرغم من المخاطر الجيوسياسية الراهنة في العالم، فإن هناك عوامل إيجابية راسخة، في مقدمتها توقعات الطلب، وفقا لما قاله لـ “الاقتصادية” شيفام سوبهاش، مدير شركة “CMS” الهندية المعنية بالاستشارات القانونية في قطاع الطاقة في نيودلهي.
وأكد بنك “ستاندرد تشارترد” أن الطلب العالمي على النفط سجل بداية قوية بحلول عام 2025، مقدرا متوسط الطلب بنحو 102.77 مليون برميل يوميا في يناير، بزيادة سنوية قدرها 2.19 مليون برميل يوميًا.
لكن ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بمقدار 1.7 مليون برميل فاجأ في الوقت ذاته السوق، وأدى إلى توليد ضغوط هبوطية، وفقا لما قاله لـ “الاقتصادية” روس كيندي، العضو المنتدب لشركة “كيو.إتش.ايه” لخدمات الطاقة.
وعدّ الخبير المتخصص أن هذه الزيادة تعكس ضعفا مؤقتا في الطلب المحلي، ما يزيد من المخاوف بين المستثمرين بشأن تباطؤ اقتصادي محتمل.