أصدر قاضٍ فيدراليّ حكمًا بوقف عمليات ترحيل جماعيّة يوم الجمعة، بعد أن خلص إلى أن مصلحة الضرائب الأمريكيّة قامت بنشر بيانات بعض المهاجرين بشكل غير قانوني. يشمل هذا الحكم الآلاف من الأفراد الذين كانوا معرضين لخطر الإبعاد من الولايات المتحدة. يأتي هذا القرار في سياق تزايد التدقيق في كيفية تعامل الحكومة مع بيانات المهاجرين واستخدامها.
وقف عمليات الترحيل بسبب مخالفات بيانات المهاجرين
أصدرت محكمة فيدرالية في الولايات المتحدة قرارًا قضائيًا في 26 أبريل 2024، يوقف بشكل مؤقت جهود ترحيل العديد من المهاجرين. يعود السبب في هذا القرار إلى خلاف قانوني يتعلق بكيفية حصول وكالة تنفيذ الضرائب والمجتمع (Tax Enforcement and Compliance Corporation – TECC) التابعة لمصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) على بيانات هؤلاء الأفراد، واستخدامها في التعاون مع دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE). تُظهر الوثائق القضائية أن مصلحة الضرائب تجاوزت سلطتها القانونية في مشاركة هذه المعلومات.
ملابسات القضية
بدأت القضية بعد أن كشفت تحقيقات صحفية عن نقل مصلحة الضرائب لبيانات شخصية حساسة – بما في ذلك معلومات عن عناوين السكن وأرقام الهواتف وأسماء أفراد العائلة – إلى دائرة ICE بشكل غير معلن، وذلك بهدف تسهيل عمليات الترحيل. تضمنت هذه البيانات معلومات عن المهاجرين الذين قدّموا طلبات للحصول على إعفاءات ضريبية أو استخدموا أرقام تعريف دافع الضرائب الفردية (ITINs).
يجادل المدعون، وهم مجموعة من منظمات حقوق المهاجرين والجهات القانونية، بأن هذا الإجراء ينتهك قوانين الخصوصية الأمريكية ويقوض الثقة بين المجتمعات المهاجرة والحكومة. يؤكدون أن استخدام هذه البيانات الضريبية لأغراض الهجرة يمثل سوء استخدام واضح للسلطة.
استجابة الحكومة
لم تصدر مصلحة الضرائب الأمريكية بيانًا تفصيليًا بعد صدور الحكم، لكنها أكدت أنها تراجع الإجراءات المتبعة في مشاركة البيانات مع الوكالات الحكومية الأخرى. يُذكر أن مسؤولي وزارة العدل الأمريكية كانوا قد دافعوا عن تصرفات مصلحة الضرائب، بحجة أن مشاركة البيانات ساهمت في تحقيقات جنائية تتعلق بالاحتيال الضريبي.
ترحيل الأفراد بسبب مخالفات إجرائية يثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بالإجراءات القانونية الواجبة في تنفيذ سياسات الهجرة.
تأثير الحكم وتداعياته المحتملة
لا يقتصر تأثير هذا الحكم على الأفراد الذين شملهم أمر الترحيل الموقوف فحسب، بل يمتد ليشمل العديد من المهاجرين الآخرين الذين قد يكونون عرضة لمثل هذه الانتهاكات في المستقبل. تجاوز مصلحة الضرائب للحدود القانونية في مشاركة البيانات يضعف الضمانات الأساسية لحماية الخصوصية الفردية التي نص عليها الدستور الأمريكي.
يرى خبراء قانونيون أن هذا القرار القضائي قد يفتح الباب أمام المزيد من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الحكومة الفيدرالية، ويفرض عليها التزامًا أكبر بتوفير الشفافية والمساءلة في تعاملها مع بيانات المهاجرين. كما قد يدفع الكونجرس الأمريكي إلى مراجعة قوانين الخصوصية الحالية وتعديلها لضمان حماية أفضل لحقوق الأفراد.
الآثار على سياسات الهجرة
من المحتمل أن يؤدي هذا الحكم إلى إعادة تقييم لسياسات الهجرة الحالية، لا سيما تلك المتعلقة بجمع واستخدام المعلومات الشخصية. يمكن أن يؤثر على قدرة دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية على تحديد وترحيل الأفراد الذين يشكلون تهديدًا للأمن القومي أو لديهم سجل إجرامي.
الهجرة غير الشرعية موضوع حساس للغاية في الولايات المتحدة، وغالبًا ما يكون مثارًا للجدل السياسي.
تأثير على الثقة المجتمعية
بينما يرى البعض أن مشاركة البيانات ساهمت في تعزيز الأمن العام، يرى آخرون أنها أدت إلى تآكل الثقة بين المجتمعات المهاجرة والسلطات الحكومية. يشعر العديد من المهاجرين بالقلق من أن معلوماتهم الشخصية قد يتم استخدامها ضدهم، مما يثنيهم عن التعاون مع الحكومة في التحقيقات أو الإبلاغ عن الجرائم.
ترحيل الأفراد بهذه الطريقة يثير مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان والعدالة الإجرائية.
المرحلة القادمة والمستقبل
من المتوقع أن تستأنف الحكومة الفيدرالية الحكم أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية. لم يتم تحديد موعد للمحاكمة الاستئنافية حتى الآن، ولكن من المحتمل أن يتم تحديدها في الأسابيع القليلة القادمة.
في الوقت نفسه، سيستمر القاضي في مراجعة الأدلة المقدمة من كلا الجانبين، وقد يصدر أوامر إضافية تتعلق بإجراءات الترحيل. من غير الواضح إلى متى سيستمر وقف عمليات الترحيل، أو ما إذا كانت المحكمة ستعيد النظر في قرارها النهائي. يراقب المراقبون عن كثب تطورات هذه القضية، وتداعياتها المحتملة على ترحيل المهاجرين وحقوق الخصوصية في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن تجري لجان الكونجرس جلسات استماع حول هذه القضية، لمناقشة المخاوف المتعلقة بمشاركة البيانات والإشراف عليها.
سياسات الهجرة وحقوق المهاجرين من الموضوعات التي ستظل في دائرة الضوء خلال الفترة القادمة.
