حاولت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا تقويض سلطة مكتب الحماية المالية للمستهلك (Consumer Financial Protection Bureau – CFPB)، وهي وكالة حكومية أمريكية أنشئت في عام 2010 لحماية المستهلكين في القطاع المالي. وشملت هذه المحاولات فرض قيود على ميزانية المكتب وتقليل سلطاته الرقابية. وقد أثار هذا الجهد جدلاً واسعاً حول مستقبل تنظيم القطاع المالي وحماية حقوق المستهلك في الولايات المتحدة.
ركزت جهود الإدارة السابقة بشكل خاص على الحد من قدرة مكتب الحماية المالية للمستهلك على فرض غرامات وتعيين قضايا ضد المؤسسات المالية، بالإضافة إلى تقليل دوره في وضع قواعد جديدة. جرت هذه الأحداث بشكل رئيسي خلال فترة ولاية ترامب من 2017 إلى 2021، وتأثرت بها الأسواق المالية والاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
محاولات تقويض مكتب الحماية المالية للمستهلك (CFPB)
بدأت محاولات الإدارة الأمريكية السابقة لتقويض مكتب الحماية المالية للمستهلك منذ بداية فترة ولايتها. كان الهدف المعلن هو تقليل عبء التنظيم على المؤسسات المالية وتعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، انتقد المعارضون هذه الجهود باعتبارها تقوض حماية المستهلك وتزيد من خطر سوء السلوك المالي.
القيود المفروضة على الميزانية
أحد التكتيكات الرئيسية التي استخدمتها إدارة ترامب كان محاولة الحد من ميزانية مكتب الحماية المالية للمستهلك. وقد دعا المسؤولون في الإدارة بشكل متكرر إلى خفض كبير في تمويل المكتب، بحجة أنه ينفق أموالاً عامة بشكل مفرط. وفقًا لتقارير إخبارية، فإن هذه القيود المالية تهدف إلى إضعاف قدرة المكتب على الإشراف على الصناعة المالية وفرض الامتثال.
تغييرات في القيادة
بالإضافة إلى القيود المفروضة على الميزانية، قامت الإدارة بتغييرات في قيادة مكتب الحماية المالية للمستهلك في محاولة لتغيير أولوياته. تم تعيين ميكائيل كرافتون، وهو مسؤول سابق في صناعة الخدمات المالية، مديرًا مؤقتًا للمكتب في عام 2017. في فبراير 2021، عين الرئيس بايدن روشا راي مديرة دائمة للمكتب، مما عكس الكثير من السياسات التي اتبعتها إدارة ترامب.
تحديات قانونية
واجهت محاولات الإدارة الأمريكية السابقة لتقويض مكتب الحماية المالية للمستهلك تحديات قانونية عديدة. رفضت المحاكم في عدة مناسبات محاولات الإدارة لتقليل سلطة المكتب. ومع ذلك، استمرت الإدارة في السعي وراء طرق أخرى لتقويض عمل المكتب. وتضمنت هذه الجهود إصدار مذكرات وسياسات تهدف إلى الحد من قدرة المكتب على حماية المستهلكين.
تأثير سياسات الإدارة على القطاع المالي
كان لسياسات إدارة ترامب تأثير عميق على القطاع المالي. بشكل عام، أدت هذه السياسات إلى تخفيف الرقابة على المؤسسات المالية، مما سمح لها بتحمل المزيد من المخاطر. وقد أثار ذلك مخاوف بشأن احتمال حدوث أزمة مالية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، انتقد البعض هذه السياسات لتقويضها جهود مكتب الحماية المالية للمستهلك في حماية المستهلكين من الممارسات المالية المفترسة. ظهرت قضايا مثل عمليات الاحتيال في قروض الطلاب و سوء استخدام المعلومات الشخصية بشكل أكبر.
يرى خبراء في مجال القوانين المالية أن تخفيف القيود الرقابية قد يؤدي إلى زيادة المنافسة بين المؤسسات المالية، وبالتالي تقديم خدمات أفضل للمستهلكين. ومع ذلك، فإنهم يحذرون من أن هذا أيضًا قد يزيد من خطر سوء السلوك المالي وأن الإشراف الكافي أمر ضروري. وبالتالي كانت أزمة 2008 دافعاً قوياً لإنشاء مكتب حماية المستهلك المالي.
حماية المستهلك هي جوهر مهمة مكتب الحماية المالية للمستهلك. وتشمل بعض المجالات الرئيسية التي يركز عليها المكتب حماية المستهلكين من عمليات الاحتيال والتمييز في الإقراض والممارسات غير العادلة أو المضللة. كما يلعب المكتب دورًا مهمًا في تثقيف المستهلكين حول القضايا المالية ومساعدتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تعزز الجهود المبذولة لتقويض مكتب الحماية المالية للمستهلك (Consumer Financial Protection Bureau) الجدل الدائر حول دور الحكومة في تنظيم الاقتصاد. ويرى البعض أن التنظيم الحكومي ضروري لحماية المستهلكين ومنع الأزمات المالية. في المقابل، يجادل آخرون بأن التنظيم الحكومي يعيق الابتكار والنمو الاقتصادي.
الاستقرار المالي هو أيضًا من بين المخاوف التي أثيرت بشأن جهود تقويض مكتب الحماية المالية للمستهلك. يعتقد النقاد أن تخفيف تنظيم القطاع المالي يمكن أن يزيد من خطر حدوث أزمة مالية أخرى. ويرون أن مكتب الحماية المالية للمستهلك يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على الاستقرار المالي من خلال الإشراف على المؤسسات المالية وفرض الامتثال.
بعد تولي الرئيس بايدن منصبه، أعيد التأكيد على دور مكتب الحماية المالية للمستهلك في حماية المستهلكين وتعزيز الاستقرار المالي. وقد اتخذت الإدارة خطوات لزيادة تمويل المكتب وإعادة تعيين قادته.
الخطوة التالية المتوقعة هي أن يواصل مكتب الحماية المالية للمستهلك، تحت قيادة روشا راي، تنفيذ مهامه الأصلية المتمثلة في حماية المستهلكين وفرض الامتثال للقوانين المالية. من المرجح أن يواجه المكتب معارضة من الصناعة المالية والجمهوريين في الكونغرس. مع ذلك، من المتوقع أن يظل مكتب الحماية المالية للمستهلك قوة مهمة في تنظيم القطاع المالي في الولايات المتحدة، وسيظل أداؤه وفعاليته في مواجهة هذه التحديات مادة مراقبة دقيقة.
