أظهرت دراسات حديثة نتائج مخيبة للآمال بشأن فعالية عقار سيماجلوتايد (Semaglutide) وأدوية GLP-1 الأخرى في الوقاية من بعض الأمراض العصبية. كانت هناك آمال كبيرة في أن هذه الأدوية، المستخدمة في الأصل لعلاج مرض السكري والسمنة، قد تقدم حماية ضد حالات مثل الزهايمر وباركنسون، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن هذا التأثير قد لا يكون قوياً كما كان يعتقد سابقاً. وقد نشرت هذه النتائج في الأشهر الأخيرة في العديد من المجلات العلمية الرائدة.

أجريت هذه الدراسات في كل من الولايات المتحدة والدنمارك والمملكة المتحدة، وشملت آلاف الأشخاص الذين يعانون من عوامل خطر للأمراض العصبية، وغير المصابين بالسكري. وأثارت النتائج تساؤلات حول المسار المستقبلي لهذه الأدوية كعلاج وقائي لأمراض الدماغ. يعتبر هذا التطور مهماً بشكل خاص في ظل تزايد عدد كبار السن وزيادة الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.

تراجع الآمال في الوقاية من الأمراض العصبية باستخدام سيماجلوتايد

على الرغم من البيانات الواعدة التي ظهرت في البداية، لم تتمكن الدراسات الأخيرة من إظهار فائدة إحصائية كبيرة في تقليل خطر الإصابة بالمرض. أظهرت بعض الدراسات تحسنات طفيفة في بعض المؤشرات العصبية، لكن هذه التحسينات لم تترجم إلى انخفاض كبير في معدلات الإصابة بالأمراض. أحد الأسباب المحتملة لهذا التباين هو اختلاف تصميم الدراسات ومجموعات المشاركين.

آلية عمل أدوية GLP-1 وتأثيرها على الدماغ

أدوية GLP-1 (الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1) تعمل في الأصل عن طريق تحفيز إفراز الأنسولين وتقليل إفراز الجلوكاجون، مما يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم. ولكن، اكتشف الباحثون أن هذه الأدوية لها أيضًا تأثيرات على الدماغ، بما في ذلك تحسين وظائف الأوعية الدموية وتقليل الالتهاب، وهما عاملان يعتقد أنهما يلعبان دورًا في تطور الأمراض العصبية. هذه التأثيرات المحتملة على الدماغ هي التي أثارت الاهتمام بعلاج الزهايمر وأمراض أخرى.

نتائج الدراسات الرئيسية

نشرت مجلة “Neurology” نتائج دراسة شملت أكثر من 1,000 شخص بالغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر، وكانت الدراسة تهدف إلى تقييم تأثير سيماجلوتايد على خطر الإصابة بالضعف الإدراكي. ووفقًا للدراسة، لم يكن هناك فرق كبير بين المجموعة التي تلقت سيماجلوتايد والمجموعة التي تلقت دواءً وهميًا. وقد تم تكرار نتائج مماثلة في دراسة أخرى أجريت على مرضى السمنة في الدنمارك.

ومع ذلك، تظهر بعض البيانات أن أدوية مثل سيماجلوتايد قد تكون لها فوائد في مراحل مبكرة من بعض الأمراض العصبية، أو في مجموعات فرعية معينة من المرضى. تستمر الأبحاث في استكشاف هذه الاحتمالات. من المهم ملاحظة أن هذه الدراسات ركزت على الوقاية، وليس على علاج الأمراض العصبية التي تم تشخيصها بالفعل.

بالإضافة إلى ذلك، يدرس العلماء العلاقة بين السمنة وأمراض مثل الزهايمر، والتي قد تكون هي الدافع الرئيسي لاستخدام أدوية فقدان الوزن. فقد وجدت عدة دراسات أن السمنة في منتصف العمر تزيد من خطر الإصابة بالزهايمر في وقت لاحق من الحياة. وهذا يعني أن فوائد هذه الأدوية قد تكون غير مباشرة، من خلال معالجة عامل خطر رئيسي مثل السمنة، بدلاً من التأثير المباشر على الدماغ.

في المقابل، يعتقد بعض الخبراء أن النتائج السلبية لا تعني بالضرورة أن هذه الأدوية عديمة الفائدة تمامًا في الوقاية من الأمراض العصبية. يشيرون إلى أن الجرعات المستخدمة في الدراسات قد تكون غير كافية، أو أن المدة الزمنية للمتابعة كانت قصيرة جدًا لرصد تأثيرات كبيرة. كما يجادلون بأن الأدوية قد تكون أكثر فعالية عند استخدامها جنبًا إلى جنب مع تعديلات نمط الحياة الأخرى، مثل النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة بانتظام.

تعتبر أدوية علاج السمنة، بما في ذلك سيماجلوتايد، ذات شعبية متزايدة، وهذا يثير تساؤلات حول الآثار طويلة المدى لاستخدامها على نطاق واسع. أثارت بعض الدراسات مخاوف بشأن الآثار الجانبية المحتملة، بما في ذلك مشاكل في الجهاز الهضمي وارتفاع خطر التهاب البنكرياس. وفي حين أن هذه الآثار الجانبية عادة ما تكون خفيفة إلى متوسطة، إلا أنها يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقييم فوائد ومخاطر هذه الأدوية.

حالياً، يوصي الأطباء باستخدام هذه الأدوية في المقام الأول لعلاج السكري والسمنة، وفقًا للإرشادات والمعايير الطبية المعمول بها. يستمر البحث في تقييم إمكاناتها في مجالات أخرى، بما في ذلك صحة القلب والأوعية الدموية والأمراض العصبية. ومع ذلك، يجب على المرضى التحدث مع أطبائهم حول المخاطر والفوائد المحتملة قبل البدء في أي علاج جديد.

من المتوقع أن يتم تقديم المزيد من البيانات من الدراسات الجارية في المؤتمرات العلمية خلال العام المقبل. كما أن هناك العديد من التجارب السريرية الجديدة التي تهدف إلى استكشاف تأثير سيماجلوتايد وأدوية GLP-1 الأخرى على الأمراض العصبية. من المهم مراقبة هذه التطورات لتقييم ما إذا كانت هناك أي إشارات قوية تدعم استخدام هذه الأدوية كتدخل وقائي. وسيساعد جمع المزيد من الأدلة على تحديد الفئات الفرعية من المرضى الذين قد يستفيدون من العلاج، وكذلك على تحديد الجرعة والمدة المثلى للعلاج.

شاركها.