طالبت أكثر من اثنتي عشرة امرأة الكونجرس الأمريكي بعقد جلسات استماع لضمان التزام وزارة العدل بشكل كامل بقانون شفافية ملفات إبستين (Epstein Files Transparency Act). يأتي هذا الطلب في ظل مخاوف مستمرة بشأن مدى الكشف عن المعلومات المتعلقة بقضية الملياردير جيفري إبستين وشبكة العلاقات المرتبطة به. يهدف قانون شفافية ملفات إبستين إلى إتاحة الوصول العام إلى الوثائق والسجلات المتعلقة بالقضية، وهو ما ترى هؤلاء النساء أنه لم يتحقق بالكامل حتى الآن.

وقد قدمت هؤلاء النساء، اللواتي كن ضحايا للاعتداء الجنسي المزعوم من قبل إبستين، هذا الطلب في رسالة موجهة إلى لجان الرقابة في مجلسي النواب والشيوخ. تأتي هذه الخطوة بعد مرور عدة أشهر على تفعيل القانون، مع استمرار الشكوك حول مدى تعاون وزارة العدل في الكشف عن جميع الوثائق ذات الصلة. تعتبر قضية إبستين من القضايا المثيرة للجدل في الولايات المتحدة، وتثير تساؤلات حول النفوذ والثروة والعلاقات السياسية.

الضغط من أجل تحقيق كامل لـ قانون شفافية ملفات إبستين

تعتبر هذه المطالبة بمثابة تصعيد للضغط على وزارة العدل للامتثال الكامل لقانون شفافية ملفات إبستين. تؤكد النساء أنهن يشعرن بالإحباط بسبب ما يصفونه ببطء الاستجابة من جانب الوزارة، وعدم الكشف عن بعض الوثائق الهامة التي قد تكشف عن تفاصيل إضافية حول شبكة إبستين وعلاقاته. وفقًا لرسالتهن، هناك حاجة إلى رقابة مستقلة لضمان الشفافية الكاملة.

خلفية القضية

جيفري إبستين، وهو رجل أعمال أمريكي بارز، اتُهم بالاعتداء الجنسي على قاصرات في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في عام 2008، أبرم صفقة إقرار بالذنب مثيرة للجدل مع السلطات الفيدرالية في فلوريدا، والتي سمحت له بتجنب السجن الفيدرالي. أثار هذا الاتفاق انتقادات واسعة النطاق، حيث اعتبره الكثيرون صفقة مخففة للغاية.

في عام 2019، أُعيد فتح القضية، وتم توجيه اتهامات جديدة لإبستين. ومع ذلك، توفي إبستين في زنزانته في سجن مانهاتن في أغسطس 2019، في ظروف غامضة أثارت المزيد من الشكوك والتساؤلات. أدى وفاته إلى زيادة الضغط على السلطات للكشف عن جميع المعلومات المتعلقة بالقضية.

تفاصيل قانون شفافية ملفات إبستين

تم إقرار قانون شفافية ملفات إبستين في عام 2023، بهدف إلزام وزارة العدل بالكشف عن جميع الوثائق والسجلات المتعلقة بقضية إبستين، بما في ذلك الوثائق المتعلقة بالتحقيقات السابقة، وصفقة الإقرار بالذنب، والظروف المحيطة بوفاته. يتضمن القانون أيضًا أحكامًا لضمان حماية خصوصية الضحايا. يهدف القانون إلى توفير إجابات للضحايا وعائلاتهم، وتعزيز المساءلة، ومنع وقوع مثل هذه الجرائم في المستقبل.

ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن القانون يحتوي على ثغرات قد تسمح لوزارة العدل بالاحتفاظ ببعض الوثائق السرية. بالإضافة إلى ذلك، هناك جدل حول تعريف “الوثائق ذات الصلة” وما إذا كانت وزارة العدل قد قامت بالفعل بالكشف عن جميع الوثائق التي تندرج تحت هذا التعريف. تعتبر قضية التسوية المالية مع الضحايا (victim compensation) من القضايا الثانوية الهامة التي تثير اهتمامًا كبيرًا.

في المقابل، تدافع وزارة العدل عن جهودها في الامتثال للقانون، مشيرة إلى أنها قامت بالكشف عن كمية كبيرة من الوثائق بالفعل. ومع ذلك، يرى المنتقدون أن هذه الوثائق لا تزال غير كافية، وأن هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية. تؤكد الوزارة أنها ملتزمة بالتعاون الكامل مع الكونجرس في هذا الأمر.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن دور الأفراد والمنظمات الذين ساعدوا إبستين في الحفاظ على سرية أفعاله. تطالب بعض الجهات بإجراء تحقيق شامل في هؤلاء الأفراد والمنظمات، ومحاسبتهم على أفعالهم. تتضمن هذه الجهود فحصًا دقيقًا للعلاقات المالية والسياسية التي كانت لإبستين.

تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الرأي العام اهتمامًا متزايدًا بقضايا الاعتداء الجنسي والتحرش. وقد ساهمت حركة “مي تو” (Me Too) في زيادة الوعي بهذه القضايا، وتشجيع الضحايا على التقدم والإبلاغ عن الاعتداءات التي تعرضوا لها. تعتبر قضية إبستين مثالًا صارخًا على كيفية استغلال النفوذ والثروة لإخفاء الجرائم وحماية الجناة.

من ناحية أخرى، يرى البعض أن التركيز المفرط على قضية إبستين قد يصرف الانتباه عن قضايا الاعتداء الجنسي الأخرى التي تحدث في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، يصر المؤيدون على أن قضية إبستين فريدة من نوعها بسبب حجمها وتعقيدها، وأهمية كشف الحقيقة والمساءلة.

الخطوة التالية المتوقعة هي أن تقوم لجان الرقابة في الكونجرس بتقييم طلب النساء، وتحديد ما إذا كانت ستعقد جلسات استماع أم لا. إذا تم عقد جلسات الاستماع، فمن المتوقع أن يستدعي الكونجرس مسؤولين من وزارة العدل، بالإضافة إلى شهود آخرين ذوي صلة بالقضية. لا يزال من غير الواضح متى سيتم اتخاذ قرار بشأن جلسات الاستماع، وما إذا كانت ستؤدي إلى مزيد من الكشف عن المعلومات المتعلقة بقضية إبستين. من المهم متابعة تطورات هذه القضية، وتقييم مدى التزام وزارة العدل بقانون شفافية ملفات إبستين.

شاركها.