أبرمت استوديوهات هوليوود الكبرى اتفاقًا تاريخيًا مع نقابة ممثلي السينما والتلفزيون (SAG-AFTRA) يهدف إلى حماية الممثلين من الاستغلال المحتمل الناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة الترفيه. يأتي هذا الاتفاق بعد إضراب استمر 118 يومًا، وشكل نقطة تحول في كيفية تعامل الصناعة مع التكنولوجيا الناشئة. تم التوصل إلى الاتفاق في 9 نوفمبر 2023، في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، ومن المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في يوليو 2024 بعد التصديق عليه من قبل أعضاء النقابة.
يشمل الاتفاق بنودًا رئيسية تتعلق بموافقة الممثلين على استخدام صورهم وأصواتهم الرقمية، بالإضافة إلى تعويضات مالية مقابل استخدام هذه النسخ الرقمية. كما يتضمن الاتفاق حماية للممثلين من الاستبدال الكامل بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الحفاظ على الوظائف الإبداعية في هوليوود. هذا الاتفاق يمثل سابقة مهمة في الصناعة، ويضع معايير جديدة لكيفية التعامل مع التكنولوجيا في المستقبل.
أهمية اتفاقية الذكاء الاصطناعي التوليدي لهوليوود
يمثل هذا الاتفاق لحظة فاصلة في هوليوود، حيث كانت الصناعة تكافح لفهم المخاطر والفرص المحتملة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي التوليدي. أثار التقدم السريع في هذه التكنولوجيا مخاوف كبيرة بين الممثلين والكتاب والمخرجين، بشأن فقدان الوظائف وحقوق الملكية الفكرية. كانت النقابات المهنية تطالب بضمانات لحماية أعضائها من الاستغلال المحتمل.
المخاوف الرئيسية للممثلين
تضمنت المخاوف الرئيسية للممثلين إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ رقمية من صورهم وأصواتهم دون موافقتهم أو تعويضهم بشكل عادل. كما أثاروا القلق بشأن إمكانية استخدام هذه النسخ الرقمية في أفلام ومسلسلات جديدة، أو حتى في مواد إعلانية، دون أي دور لهم في العملية الإبداعية. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك خوف من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة إلى ممثلين بشريين، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف.
تفاصيل الاتفاقية
يتضمن الاتفاقية الجديدة بنودًا تضمن حصول الممثلين على موافقة قبل استخدام صورهم وأصواتهم الرقمية. كما تحدد الاتفاقية آليات لتعويض الممثلين بشكل عادل عن استخدام هذه النسخ الرقمية، سواء كانت في الإنتاج الأصلي أو في أي استخدامات لاحقة. بالإضافة إلى ذلك، يمنح الاتفاقية الممثلين بعض السيطرة على كيفية استخدام صورهم وأصواتهم الرقمية، ويحظر استخدامها بطرق مسيئة أو تشهيرية.
بالإضافة إلى حماية الممثلين، يهدف الاتفاق أيضًا إلى تشجيع الابتكار في استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الترفيه. ومع ذلك، فإنه يشدد على أهمية الحفاظ على الوظائف الإبداعية وضمان أن التكنولوجيا تستخدم بطريقة مسؤولة وأخلاقية. هذا التوازن بين الابتكار والحماية هو ما يميز هذا الاتفاق.
لم يقتصر تأثير هذه القضية على الممثلين فقط، بل امتد ليشمل الكتاب والمخرجين وغيرهم من العاملين في الصناعة. فقد أثار استخدام الذكاء الاصطناعي أسئلة حول حقوق الملكية الفكرية ودور الإبداع البشري في عملية الإنتاج. وقد أدى ذلك إلى نقاشات واسعة النطاق حول مستقبل صناعة الترفيه في عصر التكنولوجيا.
من الجدير بالذكر أن هذا الاتفاق يأتي في أعقاب إضراب مماثل لنقابة الكتاب في هوليوود (WGA)، والذي انتهى في سبتمبر 2023 باتفاق مماثل بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي. هذان الاتفاقان معًا يمثلان تحولًا كبيرًا في موقف هوليوود تجاه هذه التكنولوجيا، ويشيران إلى اعتراف متزايد بأهمية حماية حقوق العمال في الصناعة. التحول الرقمي في هوليوود (الرقمنة) أصبح الآن أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول كيفية تطبيق هذه الاتفاقيات في الممارسة العملية. على سبيل المثال، لا يزال من غير الواضح كيف سيتم تحديد “الاستخدام العادل” للصور والأصوات الرقمية، أو كيف سيتم تقييم قيمة التعويضات التي يجب دفعها للممثلين. هذه القضايا ستحتاج إلى مزيد من التوضيح في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن نلاحظ أن هذا الاتفاق يغطي فقط الممثلين الذين هم أعضاء في نقابة SAG-AFTRA. قد يظل الممثلون غير المنتمين إلى النقابة عرضة للاستغلال المحتمل. لذلك، قد يكون هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لحماية جميع العمال في صناعة الترفيه.
في الختام، يمثل اتفاق هوليوود ونقابة الممثلين خطوة مهمة نحو تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة الترفيه. الخطوة التالية هي تصديق أعضاء النقابة على الاتفاقية، ومن المتوقع أن يتم ذلك بحلول يوليو 2024. بعد ذلك، ستبدأ عملية التفاوض على تفاصيل تطبيق الاتفاقية، والتي قد تستغرق بعض الوقت. من المهم مراقبة هذه التطورات عن كثب، حيث أنها ستشكل مستقبل صناعة الترفيه في السنوات القادمة. يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تطور هذه التكنولوجيا وتأثيرها على الإبداع البشري والوظائف في الصناعة.
