خبراء لـ “الاقتصادية” : مصادر الطاقة التقليدية ستظل البديل العملي للعالم والأقل تكلفة
اتفق مختصون في قطاع الطاقة تحدثوا لـ”الاقتصادية”، مع ما ذهب إليه أمين الناصر رئيس أرامكو السعودية، بأن تحول الطاقة سيكون مكلفا عالميا بما يراوح بين 100 و200 تريليون دولار بحلول 2050.
جاء حديث الناصر خلال مشاركته في أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة، مشيرا إلى أن التحول للدول النامية قد يتطلب منها 6 تريليونات دولار سنويا، إضافة إلى مبالغ هائلة من الاستثمار الرأسمالي المبدئي.
طالب الناصر بوضع خطة لتحول الطاقة محدثة للحالية التي أثبتت عدم نجاحها، على أن تأخذ في الحسبان احتياجات الدول وطبيعة الموارد المتاحة، وآفاق النمو، خاصة الآسيوية والجنوب العالمي بصورة عامة.
التكلفة التحدي الأكبر
هنا قال تادانوري تاناهاشي مدير مركز أبحاث الطاقة الجديدة في اليابان، “إن التكلفة المرتفعة ستظل التحدي الأكبر أمام موارد الطاقة المتجددة”، مشيرا إلى تأكيد شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية أن الإنفاق على أنظمة الطاقة في التحول الصفري سيكلف في المتوسط 9.2 تريليون دولار سنويا بين 2021 و 2050.
وأضاف، أن “ذلك يمثل زيادة سنوية تبلغ نحو 3.5 تريليون دولار سنويا عما كان عليه آنذاك مستوى الإنفاق الحالي، وستعادل نصف أرباح الشركات العالمية وربع عائدات الضرائب العالمية.
فيما ذكر هانز يورجن كيرتسل المدير العام لشركة “مي تيك” الألمانية، أن الاعتماد على الطاقة الأحفورية سيظل هو البديل الأقل تكلفة، ولا سيما أن الطاقة الشمسية لم تحل بعد مشكلة محدودية الطاقة التخزينية وعدم القدرة على الوفاء بالمطلوب من الاستهلاك.
وأشار إلى أن الطاقة النووية تواجه مشكلة صعوبة التخلص الآمن من النفايات النووية، لذا سيبقى النفط والغاز هما الخيار الأكثر عملية لثلاثة عقود مقبلة.
ويهدف البرنامج الوطني للطاقة المتجددة في السعودية، الذي تشرف عليه وزارة الطاقة، إلى زيادة إسهام مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المستخدم لإنتاج الكهرباء في السعودية، ليصل إلى ما يقارب 50% بحلول عام 2030.
الأعباء على القطاع تزيد
من جانبه، قال ألكسندر شورين مدير شركة “روسكا” الأمريكية لحلول الطاقة، “إن الأعباء على قطاع الطاقة تزيد”، لافتا إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن الإنفاق الرأسمالي على قطاع الطاقة سيرتفع إلى 4 تريليونات دولار في 2030 مقابل 2.8 تريليون دولار في 2023.
وأوضح أن ذلك يأتي بسبب التزامات الوصول إلى مستوى الصفر من الانبعاثات، مشيرا إلى معاناة 31 دولة عضوا في وكالة الطاقة من أجل تلبية احتياجات الاستهلاك الضرورية.
وكان الناصر قال في أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة “إن التقدم في التحول أبطأ وأكثر تعقيدا مما توقعه كثيرون، لذلك ينبغي لنا أن ينصب تركيزنا الرئيسي على ما يمكن تطبيقه عمليا وعدم الاكتفاء بالتنظير”.
حول خفض الانبعاثات، قال الناصر “من الضروري إعطاؤه الأولوية بشكل منهجي، لتحقيق أقصى تأثير ممكن وبتكلفة مقبولة، وفي إطار زمني معقول، وهذا النهج متعدد المصادر والسرعات والأبعاد، ولا ينحاز لنوع طاقة أو تقنية على حساب أخرى”.
من جانبه، قال الدكتور بندر الفيفي، الأستاذ المساعد في هندسة الطاقة المتجددة في كلية عنيزة للهندسة وتقنية المعلومات، “إن تحول الطاقة المتجددة يعتبر تحديا كبيرا بالنسبة إلى الدول، لما يتطلبه من توافر موارد مالية، واستثمارات ضخمة تضخ في هذا المجال، كما يحتاج ذلك إلى التخطيط السليم ووضع التشريعات”.
ريادة في تحول الطاقة
بين أن السعودية تعتبر من الدول الريادية في تحول الطاقة المتجددة، سواء في طاقة الرياح في دومة الجندل، والطاقة الشمسية في سكاكا، والطاقة النظيفة في نيوم.
فيما قال عبدالله الغامدي مختص في مجال الطاقة، “إن تحول الدول النامية نحو الطاقة المتجددة بحاجة إلى تهيئة البنية التحتية، والتقنيات المتقدمة، والتمويلات والاستثمارات المالية الكبيرة التي من شأنها مساعدة هذه الدول للتحول نحو الطاقة النظيفة”.
وبحسب المختصين، فإن استمرار اعتماد الدول النامية على الوقود الأحفوري قد يعوق سياساتها للتحول للطاقة المتجددة، بسبب صعوبة حصولها على التمويل الكافي والتكنولوجيا اللازمة لتطبيق هذه السياسات وهو ما يعوق تقدمها في هذا المجال.
وأعلنت الشركة السعودية لشراء الطاقة “المشتري الرئيسي”، عن قائمة التحالفات المرشحة لـ4 مشاريع طاقة شمسية تبلغ استثماراتها 8 مليارات ريال (2.13 مليار دولار)، للمرحلة الخامسة من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، الذي تشرف عليه وزارة الطاقة.
دول لا تتحمل التكلفة
بدوره، ذكر الدكتور مسفر بن كحلة، المختص في قطاع الطاقة، أن تكلفة التحول إلى أشكال أخرى من الطاقة عملية مكلفة للغاية، ولا يمكن أن تتحملها الدول النامية التي تعاني في الأساس فقر الطاقة، مشددا على أهمية وجود مشاريع لمزيج للطاقة وليس شكلا معيّنا من الطاقة.
وأضاف، أن “تحول الطاقة يحتاج إلى خطط واقعية وذات جدوى اقتصادية تحافظ على أمن الطاقة، وتدعم نمو الاقتصاد العالمي، وتساعد على وفرة الطاقة واستدامتها بتكلفة تكون في متناول الجميع في الدول النامية”.