لم يكن موسى عواد العامري يتخيل، وهو يقف عام 2016 في المطبخ الخلفي لأحد فروع سلسلة مطاعم “ريف العرب”، يرتّب الأطباق ويراقب حركة الطلبات، أن اسمه سيصبح بعد سنوات قليلة مرجعا في قطاع المطاعم والمقاهي، ويصبح مالك سلسله مطاعم بـ35 فرعا داخل السعودية.

العامري مالك مطاعم “مشراق” أطلق أخيرا علامته التجارية كامتياز سعودي لخارج السعودية في الصين وبريطانيا وجنوب إفريقيا بقيمة 40 مليون ريال.

وفي لحظة حين تنبعث رائحة الطعام وتختلط بالضغوط اليومية لإدارة الفرع، بدأت أولى ملامح حلم العامري، وشغفه بالتفاصيل، وفضوله حول العمليات الإدارية، جعلاه لا يكتفي بإدارة الفرع، بل يغوص في أعماق هذا القطاع سريع التغير، ويتعلّم كل ما لا يُدرّس في الكتب.

خلال 5 سنوات فقط في 2016، تدرّج العامري من مدير فرع إلى المدير التنفيذي والشريك في “ريف العرب”، مسهما في توسعة السلسلة إلى 15 فرعًا، قبل أن يقرر في مطلع 2021 أن يبدأ فصلا جديدا من قصته بتأسيس شركة مشراق.

بدأت “مشراق” كعلامة متخصصة في الفطور، تقدم أطباقا بجودة عالية مع لمسة محلية محببة، وتوسعت إلى “مشراق ساندوتش” لتخدم وجبات العشاء، وأدخلت ثقافة جديدة في تقديم الساندوتشات بجودة المطاعم الراقية وأسعار الشارع.

العامري لم يكن طاهيا أو مديرا فقط، بل كان مفكرا في هذا القطاع. ألّف 3 كتب في قطاع الضيافة، “المطاعم والمقاهي من الفكرة إلى التنفيذ”: مرجع شامل لأصحاب المشاريع الناشئة، وكتاب “ما لا يسع صاحب المطعم جهله”: دليل لإدارة، تمويل، وتشغيل مطعم ناجح، و”المطاعم والمقاهي لغير الناطقين بها” تبسيط المفاهيم المعقدة بروح مرحة وبلغة يفهمها الجميع.

كما أطلق برنامج “كوتشنج موسى للمطاعم”، ليحوّل مشاريع متعثرة إلى قصص نجاح تُروى، درّب أصحاب أكثر من 2000 مشروع في المملكة، وأسهم في رفع الربحية وتقليل التكاليف لعدد كبير من المطاعم، سواء ناشئة أو عملاقة، كما أطلق معسكرات تدريبية بلندن بالتعاون مع شركة “بنان”، تشمل زيارات لمطاعم ميشلان العالمية، وتدريبا مباشرا مع كبار خبراء الضيافة.

ولأن المعرفة لا تكتمل إلا بمشاركتها، أنشأ العامري “مجتمع موسى للمطاعم”، وهو مجتمع تفاعلي يضم أكثر من 6 آلاف صاحب ومدير مطعم عبر واتساب، يتبادلون فيه التحديات والحلول، في بيئة تعليمية حقيقية، قائمة على التجربة والتطبيق.

حصل العامري على جائزة الابتكار والتميز، ما يميز العامري أنه يؤمن بأن التكنولوجيا هي شريك الطاولة، ويعمل حاليًا على تطوير حلول رقمية تساعد أصحاب المطاعم على إدارة أعمالهم بكفاءة، دون الحاجة لوجودهم الدائم.

قصة موسى عواد العامري ليست مجرد نجاح شخصي، بل هي دليل حي على أن الإصرار والمعرفة قادران على تحويل المطابخ الخلفية إلى صالات عرض عالمية، هي قصة ملهمة لكل شاب ورائد أعمال يطمح إلى أن يرى علامته في شوارع العالم.

شاركها.