التكنولوجيا الحيوية في السعودية أرض خصبة للاستثمار وإنشاء شركات ناشئة

تسهم استثمارات الحكومة والقطاع الخاص في علوم الجينوم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال تقديم حلول صحية مبتكرة، يمكن أن تحسن صحة الأفراد وتقلل من التكاليف الصحية على المدى الطويل، وفقا لما ذكره لـ”الاقتصادية” الدكتور وليد زاهر الاستشاري في الترميم الطبي والخلايا الجذعية.
قال زاهر إن هذه الاستثمارات تفتح المجال لإنشاء شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، ما يسهم في خلق فرص عمل وتعزيز القطاع بشكل عام، إضافة إلى إسهام الاستثمارات في تحسين نتائج الرعاية الصحية ويعزز القدرة الإنتاجية للقوى العاملة ويحقق نموا اقتصاديا مستداما.
وأطلقت السعودية مبادرة علم الجينوم في وقت مبكر من عام 2015، إذ تم إنشاء مراكز متعددة في وجهات رئيسية مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية البارزة مثل جامعة الملك سعود.
كما أطلقت مشروع الجينوم السعودي الوطني لدعم رؤيتها 2030، وذلك بهدف تعزيز الحياة الصحية ودفع التحول في نظام الرعاية الصحية من خلال علوم الجينوم المتطورة.
وليد زاهر استشاري في الترميم الطبي والخلايا الجذعية، ذكر أن التطورات الحديثة في علم الجينوم تسهم بشكل كبير في خلق وظائف جديدة في المملكة، خاصةً في مجالات البحث والتطوير والرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية.
ومع تزايد التركيز على علوم الجينوم والطب الشخصي، ستزداد الحاجة إلى علماء وباحثين وأطباء متخصصين ومهندسي بيانات وأخصائيي استشارات جينية.
وبالتالي ستؤدي هذه التطورات إلى نشوء وظائف جديدة في القطاعات الأكاديمية والحكومية والخاصة، إضافة إلى استقطاب الاستثمارات في الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية وعلوم الجينوم، ما يعزز من قدرة المملكة على التحول إلى مركز عالمي للابتكار في هذا المجال.
أشار زاهر إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد أحد العوامل المحورية في تعزيز الاستدامة العمرية، حيث يؤدي دوراً مهماً في تحسين الرعاية الصحية عبر تطوير تقنيات التشخيص المبكر والعلاج الفعّال للأمراض بفضل قدرته على تحليل البيانات الصحية، كما يساعد الذكاء الاصطناعي على تحديد المخاطر الصحية المحتملة مسبقاً، ما يعزز من جودة اتخاذ القرارات الطبية.
ويمكن للنماذج المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم العميق، المساهمة بتحليل العمر البيولوجي والتنبؤ بمخاطر الإصابة بالأمراض. والتشخيصات المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي قد تُسهم في خفض معدلات التشخيص الخاطئ بنسبة تصل إلى 50%، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة The Lancet Digital Health.
حول مدى تأثير الاستدامة العمرية على الاقتصاد من حيث الإنتاجية، قال وليد زاهر تمثل الاستدامة العمرية عاملاً حيوياً في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال رفع معدلات الإنتاجية، فعندما يعيش الأفراد لفترات أطول ويتمتعون بصحة جيدة، تزداد قدرتهم على المشاركة الفعّالة في سوق العمل لفترة أطول.
أضاف، أن تأخير سن التقاعد وزيادة عدد سنوات الحياة الصحية يسهمان في رفع كفاءة القوى العاملة وتقليل الأعباء الناتجة عن الأمراض المزمنة، ما يدعم الاستقرار الاقتصادي ويعزز فرص النمو.
أشار إلى أن الدول التي تتبنى إستراتيجيات فعّالة للاستدامة العمرية ستكون في موقع أفضل للاستفادة من رأس مالها البشري، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على معدلات الابتكار ويوسع آفاق النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات.
بشأن مساعدة تقنيات الجينوم على تقليل تكاليف علاج الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، أوضح “تتيح تقنيات الجينوم الكشف المبكر عن الميول الوراثي للإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب وغيرها من الأمراض الوراثية، من خلال تطبيق الجينوم في المنظومة الطبية، يمكن للأطباء تحديد العوامل الوراثية التي تزيد من خطر الإصابة بتلك الأمراض، ما يتيح لهم توجيه العلاج والوقاية بشكل أكثر دقة”.
كما تسهم أبحاث علوم الجينوم في تعزيز الرعاية الصحية من خلال تمكين تدخلات أكثر دقة تناسباً مع الاحتياجات الشخصية لكل مريض، ما يساهم في تقليص التكاليف عبر تجنب العلاجات غير الفعّالة والتركيز على الوقاية.
وعلوم الجينوم لا تستهدف المرضى فحسب، بل تشمل أيضاً الأفراد ذوي الحالة الصحية المستقرة، وذلك بهدف الحفاظ على صحتهم من خلال الكشف المبكر عن القابليات الوراثية للأمراض، ما يخفف الضغط على النظام الصحي ويؤدي إلى تقليص تكاليف الميزانية الصحية بشكل ملحوظ.