أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تقريرها الشهري أن القطاع غير النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة يواصل تحقيق نمو قوي خلال عام 2024. ويشير هذا الأداء الإيجابي إلى تنويع اقتصادي ناجح للدولة، وتقليل الاعتماد على قطاع النفط. وتأتي هذه النتائج مدعومة بزيادة ملحوظة في السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، مما يعزز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي رائد في المنطقة. هذا النمو في القطاع غير النفطي يمثل علامة إيجابية للاقتصاد الإماراتي.

وجاء في تقرير أوبك لشهر سبتمبر، الصادر اليوم، أن قطاع السياحة في الإمارات يظل محركًا رئيسيًا للنمو، حيث استقبلت دبي وحدها 10.62 مليون سائح دولي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بزيادة قدرها 8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعكس هذا الرقم استمرار جاذبية دبي كوجهة سياحية عالمية، وقدرتها على التكيف مع التغيرات في السوق العالمية.

النمو في القطاع غير النفطي في الإمارات

يُعزى هذا الأداء القوي للقطاع غير النفطي إلى سلسلة من المبادرات الحكومية الاستراتيجية التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز بيئة الأعمال. وتشمل هذه المبادرات السماح بملكية كاملة للأجانب للشركات المحلية، وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، وتخفيض التكاليف المرتبطة بذلك. بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة بتحديث قوانين التأشيرات والإقامة، مما يجعل الإمارات وجهة أكثر جاذبية للمهنيين المهرة والمستثمرين على حد سواء.

مؤشرات اقتصادية إيجابية

أظهر مؤشر مديري المشتريات في الإمارات، الصادر عن ستاندرد آند بورز جلوبل، ارتفاعًا إلى 54.2 في أغسطس، مقارنة بـ 53.7 في يوليو. يشير هذا الارتفاع إلى تحسن في الظروف التجارية وزيادة في النشاط الاقتصادي. وذكر التقرير أن الطلبات الجديدة شهدت نموًا في أغسطس، مدعومة بزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري.

كما أشار تقرير أوبك إلى استمرار التوسع في التوظيف في القطاع غير النفطي، مما يعكس الثقة في النمو الاقتصادي المستقبلي. ويعتبر هذا التوسع في التوظيف أمرًا حيويًا لضمان استدامة النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل للمواطنين والمقيمين. وتشير البيانات إلى أن قطاعات مثل العقارات والخدمات المالية والتكنولوجيا تساهم بشكل كبير في هذا النمو.

وتأتي هذه التطورات في سياق جهود الإمارات المستمرة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وقد حققت الدولة تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال، حيث زادت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وتعتبر الاستثمارات في البنية التحتية، والتعليم، والابتكار، من العوامل الرئيسية التي تدعم هذا التحول الاقتصادي. الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دوراً محورياً في هذا التحول.

وتشير أوبك إلى أن هذه المبادرات الإيجابية عززت من ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإماراتي، مما أدى إلى زيادة تدفقات رأس المال الأجنبي. ويرى مراقبون أن هذا التدفق الكبير للاستثمارات الأجنبية سيساهم في دعم النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز القدرة التنافسية للإمارات على المستوى العالمي. كما أن هذا يعكس تحولاً نحو اقتصاد قائم على المعرفة.

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد الإماراتي، مثل تقلبات أسعار النفط العالمية، والتغيرات في السياسات التجارية الدولية، والظروف الاقتصادية غير المؤكدة في بعض الأسواق الرئيسية. يتطلب التعامل مع هذه التحديات مواصلة جهود التنويع الاقتصادي، وتعزيز مرونة الاقتصاد، وتنفيذ سياسات مالية ونقدية حكيمة. التركيز على الاستدامة والذكاء الاصطناعي أيضاً أمر ضروري.

من المتوقع أن تواصل الإمارات جهودها لتحسين بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنويع اقتصادها خلال الفترة المقبلة. وستكون هناك متابعة دقيقة لتطورات السوق العالمية، وتعديل السياسات الاقتصادية وفقًا لذلك. كما ستواصل الدولة الاستثمار في البنية التحتية، والتعليم، والابتكار، من أجل تعزيز نموها الاقتصادي المستدام. القطاع العقاري سيظل تحت المراقبة كونه مؤشرا رئيسيا للاقتصاد.

ستصدر أوبك تقريرها الشهري القادم في شهر أكتوبر، والذي من المتوقع أن يقدم المزيد من التفاصيل حول التطورات الاقتصادية في دولة الإمارات والمنطقة. ويتوقع المحللون أن يركز التقرير على تأثير أسعار النفط المتقلبة على النمو الاقتصادي، والفرص والتحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية. وتبقى التوقعات حذرة متأثرة بالظروف الجيوسياسية المستمرة.

شاركها.