كثيرون سمعوا بشركة أديداس (Adidas) وربما حتى كانوا زبائن لديها بشراء إحدى منتجاتها من ألبسة وأحذية وسلع رياضية أخرى، لكن أقلية فقط تعرف ما واجهته الشركة من عقبات وعوائق، قبل التربع على عرش شركات الملابس الرياضية في العالم، وكيف قسمت مدينة ألمانية إلى شطرين مع شركة بوما (Puma) المتخصصة بدورها في منتجات الرياضة؟ تأسست شركة أديداس التي نعرف، بشكل رسمي، عام 1949 على يد أدولف داسلر، وأصل تسمية الشركة هو حاصل الجمع بين مختصر اسم أدولف “أدي” والحروف الأولى للقب العائلي داسلر “داس”، لتكون النتيجة “أديداس”.

في العام نفسه، ظهرت في البلدة نفسها بولاية بافاريا شركة بوما، التي سميت في بادئ الأمر “رودا”، على يد رودولف داسلر، شقيق أدولف مؤسس أديداس، بسبب خلاف عائلي بين الرجلين، تعددت الروايات حول أسبابه وتفاصيله، وفق ما تحكيه الكاتبة باربرا سميت في كتابها “حرب الأحذية”.

أما عن قصة الشركة الأم، فتعود إلى مطلع العشرينات حين قرر الثنائي رودولف وأدولف داسلر الوفاء لمهنة والدهم الإسكافي كريستوف فون داسلر، فقاموا بتحويل مغسلة أمهم الصغيرة، وكانت شهرتهم في البلدة باسم “أطفال الغسيل”، إلى ورشة لصناعة الأحذية في منزل آل داسلر، حيث ظهرت شركة “الإخوة داسلر للأحذية” التي نمت بسرعة في ظل حكم الحزب النازي.

أسهم تكامل الأخوين في نجاح الشركة، فموهبة أدولف خولته الإبداع في تصميم الأحذية من بقايا مظلات المحاربين التي خلفتها الحرب العالمية، فيما أتقن رودولف موهبة التجارة والتسويق، واستطاع نسج علاقات مع مسؤولين رياضيين في تلك الحقبة، ما فتح أبواب الملاعب الأولمبية، في دورة برلين 1936، أمام منتوجات شركة “داسلر”.

فضلا عن انتعال الرياضيين الألمان المشاركين أحذية داسلر في دورة برلين، سطع نجم الشركة بقوة أكبر، بفضل الإشهار المتميز الذي أحدثه فوز العداء الأمريكي المعروف جيسي أوينز بـ4 ميداليات، والذي كان ينتعل حذاء الإخوة داسلر، ما رفع بعدها مبيعات الشركة إلى 200 زوج من الأحذية الرياضية سنويا.

باندلاع الحرب العالمية الثانية استبدلت الشركة الأحذية بالأسلحة، وتخصصت عمالها في صناعة سلاح “بانزرشريك” (Panzerschreck) المضاد للمدرعات، الذي كان حاسما في تفوق الجنود النازيين في الحرب على غرار انتصارات الرياضيين في الأولمبياد.

جعل دخول الجنود الأمريكيين ألمانيا من مصنع الإخوة داسلر هدفا عسكريا، لكن الأمريكان أحجموا عن استهدافه، بعدما علموا أن مالك المصنع “أدولف داسلر” هو من استضافهم في منزل عائلته بعد وصولهم إلى المدينة، ما عجل بعودة نشاطه القديم.

وضعت الحرب العالمية أوزارها، لتبدأ حرب أخرى باردة داخل شركة داسلر بين الإخوة، انتهت بتقسيمها إلى نصفين، وتقسيم العمال والمدينة أيضا. فالروايات تتحدث عن أن سكان البلدة عاشوا تلك الحرب بين أدي ورودي، ما منحهم لقب السكان الذين يسيرون وعيونهم في الأرض، حتى يتمكنوا من التحقق من أحذية جيرانهم، فعلاقاتهم بالأخرين يحددها الشعار في الحذاء الرياضي.

كان فوز منتخب ألمانيا الغربية ببطولة كأس العالم عام 1954، بعد أول مشاركة عقب الحظر، انطلاقة قوية لشركة أديداس، فقد نسب كثيرون الفضل إلى أدولف داسلر، بسبب تصميمه لأحذية ذات مسامير قابلة للتغير، ما منح الألمان أفضلية في أرضية مبتلة، رغم غيابه بداية المنافسات عن قائمة المنتخبات المرشحة للظفر بالكأس.

تدريجيا، وسعت أديداس دوائر الإنتاج، بعد تحولها إلى ماركة عالمية ذائعة الصيت، فإلى جانب معدات الرياضة (كرة القدم، الجري، التنس، الكرويت، كرة السلة…) شرعت في إنتاج الأزياء العلمية من ملابس وأحذية وعطور وحقائب رياضية مميزة وحتى النظارات والساعات الرياضية الشهيرة.

قامت أديداس في مسيرتها بالعديد من عمليات الاستحواذ على شركات منافسة مثل: “Karhu Sport” و”Reebok” و”Salomon”… ثم أقدم بعدها على التخلص من العلامات التي خالف أداؤها توقعاتها في السوق، مثل “Reebok” التي باعتها صيف 2021 مقابل 2.5 مليار دولار.

اليوم، تنتشر سلسلة محلات أديداس في العالم كله، وتصل مبيعاتها لنحو 15 مليار دولار سنويا، وترتفع أسهم الشركة مع تميز كل لاعب يرتدي حذاء أديداس على أرضية الملعب.

بعيدا عن الملاعب، نجحت أديداس في صناعة الحدث لعلامتها قبل أسابيع، حين قدمت ممثلتهما كاريت جونزاليس الاعتذار علنا للسكان الأصليين في ولاية أواكساكا في المكسيك، بعد اتهامهم الشركة بسرقة تصميم صندل هواراتشي المصنوع يدويا.

شاركها.