منوعات

ما صحة حديث «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ» ومعناه؟.. المفتي يوضح


02:34 م


الثلاثاء 22 أغسطس 2023

كـتب- علي شبل:

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من شخص يقول: نرجو منكم بيان مدى صحة قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ»، وما معناه؟

في رده، قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إنه ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ». أخرجه الإمام الترمذي في “سننه”؛ وعلَّق عليه بقوله: “هذا حديث غريب”، وأخرجه أيضًا الإمام ابن ماجه في “سننه”، وابن أبي شيبة في “مصنفه”، والطبراني في “الدعاء”، والبيهقي في “شعب الإيمان”، وابن السني في “عمل اليوم والليلة”، وابن بشران في “الأمالي”. وهذا الحديث ضعيف؛ كما قال الإمام النووي في “خلاصة الأحكام” بقوله: [رواه الترمذي، وابن ماجه بإسناد ضعيف] اهـ.

ولفت علام، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، إلى قول الحافظ الهيثمي في “مجمع الزوائد”: [وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو ضعيف] اهـ. ومع ذلك؛ فمعناه صحيح؛ حيث إن المراد منه: أنَّه يُسن للمسلم إذا دخل على مريضٍ لعيادته أن يدعو الله تعالى له بما يُخفف عنه حزنه، ويُفرِّج عنه كربه فيما يتعلق بمرضه وأجله؛ كالدعاء له بطول العمر، وذهاب المرض ونحو ذلك؛ كأن يقول له: لا بأس طهورٌ إن شاء الله، أو سيشفيك اللَّه ويعافيك، أو يُطَوِّلُ الله عمرك وما أشبه ذلك؛ فإنَّ ذلك لا يرد قضاء الله تعالى، ولا يُؤخر أجله المحتوم، ولكن له أثرٌ في تفريح نفس المريض، وتطييب قلبه، وجبر خاطره، وإدخال ما يسره عليه، ويصبح ذلك سببًا لانتعاش طبيعته وتقويتها؛ قال الإمام الكرماني في “شرح مصابيح السنة”: [قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «إذا دخلتم على المريضِ فَنَفِّسُوا»؛ أي: وسِّعوا «له في أجله»، بأن يقول: يطوِّل الله عمرك، لا بأس، طهورٌ إن شاء الله، ويشفيك الله، ونحو ذلك؛ «فَإِنَّ ذلك» أي: تنفيسكم له «لَا يَرُدُّ شَيْئًا» من قضاء الله وقدره؛ يعني: الموت، «ويُطَيِّبُ نفسَه» فيخفف ما يجده من الكرب] اهـ.

وأكد فضيلة المفتي أن دعاء الزائر وكلامه مع المريض لا يمنع الموت؛ إلا أنَّه يقوي عزيمته، وينعش خاطره، ويقوي طبيعته، مما يساعد في شفائه، فهذا الحديث يدل على نوع علاج، ويرشد إلى الاهتمام بالجانب النفسي والمعنوي للمريض؛ قال الشيخ ابن القيم في “زاد المعاد”: [في هذا الحديث نوع شريف جدًّا من أشرف أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوى به الطبيعة، وتنتعش به القوة، وينبعث به الحار الغريزي، فيتساعد على دفع العلة أو تخفيفها الذي هو غاية تأثير الطبيب. وتفريح نفس المريض وتطييب قلبه وإدخال ما يسره عليه له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي، وقد شاهد الناس كثيرًا من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه، ويعظمونه، ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم ومكالمتهم إياهم، وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم، فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد: نوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على العائد، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة] اهـ.

وفي خلاصة فتواه، قال الدكتور شوقي علام إنه وإن كان هذا الحديث حُكِمَ عليه بالضعف، فإنه موضع استدلال العلماء، وممَّا يدلُّ على أهميته، وسعة استدلال العلماء به في بيان حكم عيادة المريض، والتنفيس عنه، أنهم قد أفردوا في كتبهم ومصنفاتهم أبوابًا خاصة في التنفيس عن المريض وتطييب خاطره، ومن جملة ذلك: تبويب الإمام النووي في كتاب “الأذكار”؛ حيث قال: (بابُ استحباب تَطْييبِ نفس المريضِ)، وكذا أفرد الإمام ابن قيم الجوزية فصلًا مستقلًا في “الطب النبوي” فقال: (فصل في هديه صلى الله عليه وآله وسلم في علاج المرضى بتطييب نفوسهم وتقوية قلوبهم). ومما ذُكر يُعلم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا:

بالفيديو| داعية يوضح أفضل الطرق للتخلص من أوراق المصاحف القديمة والممزقة

كلام مؤثر عن الموت.. ماذا قال ماهر المعيقلي قبل أزمته الصحية أثناء صلاة الجمعة بالمسجد الحرام؟

بالفيديو| خطيب المسجد الحرام يتعرض لأزمة صحية والسديس يكمل صلاة الجمعة بدلاً منه

البحوث الإسلامية يوضح حكم نية ترك أكثر من ثمن السلعة للباعة الفقراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى